من خلال تجربتي المتراكمة في مجال التربية والتعليم، ظهر لي وأنا أتأمل في واقع التعليم بالوطن العربي وجود عدة أزمات متجذرة ومتجددة... متجذرة لأننا فعلا كنا ولا زلنا نعيش أزمات عديدة في مجال التعليم تبدأ من القاعدة إلى القمة يمكنني أن ألخصها في ثلاثة محاور رئيسية:

  • على مستوى البرامج والآليات التي تضعها وزارة التربية والتعليم. 
  • على مستوى الإطار التربوي (المعلم أو الأستاذ) وكذا الفاعل التربوي (التلميذ أو ولي الأمر) وما يرهق كاهله من أزمات نفسية وإجتماعية وإقتصادية.
  • على مستوى الوسائل ونوعية التعليم الذي يتلقاه التلميذ؛ إذ نجد بالوطن العربي ما يطلق عليه "التعليم العام" وكذا "التعليم الخاص" وهنا أصبحنا نلحظ أنواعا متعددة من التعليم.

وظهر ما يسمى بالطبقية المقيتة الموجودة في أبسط حق إنساني يجب أن يتلقاه الفرد، وهو حق التعلم وحب المعرفة، وهذا أظنه من المحاور الأساسية التي علينا طرحها، ومناقشتها وتحليلها للخروج بحلول تخدم صالح الفرد والمجتمع في مجال نعتبره الأول من حيث مساهمته في دفع قاطرة النهضة بالوطن العربي. 

إن جائحة كورونا نزلت بمطرقتها على واقع التربية والتعليم، فأظهرت لنا خللا مستحدثا، أضيف إلى أزمات أخرى كانت متجذرة في واقع التعليم بالوطن العربي. فإذا بنا نرى معاناة جديدة استحكمت حلقاتها وكان ضحيتها ولا يزال التلميذ. 

فهل يستطيع فعلا طالب العلم تلقي تعليمه عن بعد وهو في الحجر الصحي؟ ومع أزمة كورونا ، ما مدى نجاعة التعليم عن بعد في وطن لا يزال متخلفا على جميع الأصعدة؟.

 ماذا عن تكافؤ الفرص لكل المتعلمين؟ هل صحيح أننا تجاوزنا الأزمة ؟ ودخلنا مرحلة ما بعد كورونا، بتعميم رقمنة التعليم لمنافسة الدول المتقدمة في هذا المجال كسنغافورة مثلا؟ ماذا عن البرامج التعليمية والمقررات؟ ماذا عن الإطار التربوي (الأستاذ)؟ وهل وصل بدوره وتعلم وارتقى بمعارفه ومهاراته لاستخدام التكنولوجيا بما يؤهله لتقديم رسالته بثوب جديد وطرق ومناهج مستحدثة؟ ماذا عن الفاعل التربوي (الولي) وكذا التلميذ، هل تعلم أيضا وارتقى كي يتابع بدوره عملية تعلم ابنه؟ وهل استوعب جيدا أننا دخلنا عصر التكنولوجيا والرقمنة منذ سنوات.

من هذا المنطلق أعتبر مطرقة كورونا قوية جدا، وعلينا أن نستعد لضرباتها الموجعة؟ وكلما كان الاستعداد قويا كلما أفلحنا ونجحنا في تحمل ضرباتها، ومن ثم تجاوزها بسلام. 

أما سندان التكنولوجيا فهو عميق وصلب، وعلى الحداد أن يعي جيدا صلابته هذه، فيعمل بدوره على تقوية ضرباته حتى يحقق المرجو منها. والحداد أعتقد هو المواطن سواء كان معلما أو متعلما أو وليا أو مؤسسة… 

التكنولوجيا والرقمنة والانترنت أدوات تزداد الحاجة إليهما يوما بعد آخر، لدرجة أن هذه التكنولوجيات تسجل في كل لحظة جديد الذكاء الاصطناعي وجديد الانترنت وجديد التكنولوجيا الرقمية، مما جعل البعض يتخوف أن يستعمل هذا السلاح للسيطرة على الشعوب المتخلفة، فيعطل عجلة التنمية فيها، ويتراجع التعليم وتذهب جهود الجميع أدراج الرياح. 

إن التعليم بين مطرقة كورونا وسندان التكنولوجيا موضوع يوجب علينا التوقف والتساؤل من أجل خطى إلى الأمام في هذا المجال. 

فأين نحن الآن في واقع التعليم والتربية؟ وإلى أين نريد أن نصل بهذا الواقع؟ وكيف نحقق ذلك لهذا الواقع؟