كيف تقيّم الشخص الذي يتقدم للعمل لديك؟ ما هي معايير حكمك على الشخص وقبولك له كجزء من فريقك؟ إن قرار التوظيف، هو من أهم القرارات التي ستتخذها في شركتك، إن لم يكن أكثرها أهمية. 

قبل الإعلان عن الوظيفة الشاغرة

هناك الكثير من الأمور التي تحتاج أن تأخذها في الاعتبار قبل أن تعلن عن الوظيفة الشاغرة وتبدأ في تلقي طلبات العمل. تلك الأمور ستسهّل عليك عملية التوظيف وتساعدك بمعايير موضوعية مبنية على أساس مصلحة العمل والشركة. فيما يلي عرض لبعض تلك الأمور.

تحديد المعايير المهاراتية والفنية المطلوبة في الوظيفة. ما هي الخبرة المطلوبة؟ ما هي المهارات الفنية المطلوبة؟ ما هي المؤهلات العلمية المطلوبة؟
تحديد القيم التي يجب أن تتوافر في الشخص وبما يتناسب مع ثقافة الشركة. مثلاً إذا كانت الشركة تولي اهتمامًا لقيمة التمكين وقيمة المبادرة، لن يكون مناخ العمل صحيًا لشخص يحتاج باستمرار للتوجيه ويوضّح فقط المشكلات بدون أن يقترح حلولاً لها. 
تحديد المعايير التي يجب أن تتوافر في الشخص والتي تتسق مع ثقافة الفريق الذي سينضم له الشخص وأسوب الإدارة فيه. مثلاً، القسم الذي يعرض الوظيفة الشاغرة يتسم الموظفون فيه بالإبداع والحيوية. فإذا كنت بحاجة لمدير لهذا القسم، لا يمكن أن تقوم بتعيين شخص تقليدي يود مراقبة كل خطوة يخطوها الموظف في قسمه. 
تحديد ظروف العمل التي يجب أن تتماشى مع قدرة من سيتم تعيينه. مثلاً سيحتاج العمل لنوبات مسائية أو أثناء العطلات. أو سيكون هناك عمل ميداني أو سفرات ويحتاج من الموظف مرونة وسرعة تحرّك. 
تحديد سياسات الشركة التي يجب أن يلتزم بها الموظف. مثلاً، الشركة لا تسمح للموظفين بإظهار أوشام على الجسم أو تلوين الشعر بألوان صاخبة. أو كون الشركة لا تسمح لموظفيها بتلقي الهدايا من العملاء أو الشركاء. أو الشركة لا تسمح بعمل الشخص بدوام جزئي خارج الشركة في نفس مجال العمل الذي يمارسه مع الشركة. 


تحديد أولويات الشركة

كل شركة تحتاج أن تحدد أوزان لكل متطلبات العمل حسب سياسة الشركة وحسب ثقافتها. فمثلاً يمكن أن تولي الشركة الأولوية الأكبر لشخصية الشخص وقيمه وربما أولت اهتمامًا ثانويًا بالشهادات العلمية والخبرة على أساس أنها تستطيع تدريب الشخص على المهام المطلوبة ولكنها لا تستطيع تدريبه على القيم. وهذا هو التوجه الأمثل لضمان أن يظل مناخ العمل صحيًا للجميع. 

وربما قررت الشركة أن تلك الوظيفة تحديدًا تحتاج لمن لديه خبرة 10 سنوات على الأقل لأن الأخطاء فيها كارثية، وبالتالي قد تتغاضى عن غياب بعض المهارات الشخصية كعدم تفضيل الفرد للعمل في فريق ولا سيّما إذا كانت المهام التي ستُسند للشخص فردية. 

كل هذا يساعدك على وضع أسئلة المقابلة الشخصية بحيث تستقي أسئلتها مباشرة من كل تلك المعايير. مثلاً يمكن أن يكون أحد الأسئلة المتعلقة بالسياسات: "أنت ستعمل لدينا كسائق، سيكون هناك تعارض في المصالح إذا قمت بالعمل لحسابك  على سيارة أجرة، هل سيكون هذا مشكلة وهل سيمكنك الالتزام بتلك السياسة"؟

النظرة الشاملة والكلية للمتقدّم للعمل

من الهام ألا تعتمد على أداة واحدة من أدوات اختيار الموظف المناسب للعمل. فالسيرة الذاتية فقط لا تُنبئ باحتمالية نجاح الموظف في عمله. واختبارات الشخصية تعتمد نتائجها على الكثير من العوامل كي تستطيع أن تثق بها. ولماذا تعتمد على أداة واحدة بينما يمكنك الاستعانة بالعديد من المؤشرات؟ فيما يلي بعض الأدوات التي تساعدك على الفهم الكامل والعام للمتقدّم للعمل.

  • تصفح حسابه على Linkedin ومتابعة القيمة التي يضيفها وكيف يعلّق على منشورات الآخرين. 
  • تصفح حساباته على وسائل التواصل الإجتماعي المتنوعة والنظر لتاريخ إنشائها للتأكد أنها لم تُنشأ فقط لغرض تيسيير الحصول على وظيفة.
  • التواصل مع مختص الموارد البشرية المسؤول في الشركة اللي عمل بها المتقدم للعمل سابقًا
  • التواصل مع الأشخاص الذين رشحهم الفرد في سيرته الذاتية كمرجع له وسؤال الأسئلة الفارقة بالنسبة لك. 

طبعا من الهام أن نفهم أن قرار التواصل مع مدير الموارد البشرية السابق أو الأشخاص الذين رشحهم المتقدم للعمل، هو قرار معناه أنك بالفعل قد أعجبتك السيرة الذاتية وهناك ميل لتوظيف هذا الشخص. ويجب مراعاة عدم التسبب في مشاكل للشخص، إذا ما كان مازال يعمل في شركة أخرى، واتصالك بتلك الشركة للسؤال عنه قد يسبب له مشكلات من أي نوع. وفي هذه الحالة، من الهام أن تعرف منه لماذا يود أن يترك الشركة الأخرى وتتأكد أنه سيوفي بالتزاماته الأخلاقية مع الشركة الأخرى قبل تركهم كإنهاء المشاريع المعلقة وإعلامهم قبل مغادرة الشركة بفترة كافية. 

  • قراءة السيرة الذاتية والخطاب المرفق بها بشكل دقيق والالتفات للعبارات غير التقليدية فيها.
  • الإطلاع على نماذج عمل سابقة للشخص إذا كان هذا متاحًا كأن يكون الشخص متقدم لوظيفة تصميم بصري أو إنتاج تقني أو كتابة إبداعية أو أي شيء يمكن الحصول على نماذج سابقة منه. 
  • أداء الشخص في المقابلة الشخصية. المقابلة الشخصية يجب أن يحضرها مسؤول من قسم الموارد البشرية والمدير المباشر في القسم المعني بالوظيفة. إذا أبلى الشخص بلاءً حسنًا في تلك المقابلة، يمكن إجراء مقابلة أخرى أكثر ودية مع الفريق الذي سيعمل معه الشخص في المستقبل. هذه الخطوة هامة لمعرفة مدى توافق الشخص مع ثقافة الفريق. كما أنه يعطي الفريق الشعور بالمشاركة في صنع قرار التوظيف، مما يضمن ترحيبهم بالشخص في حال تعيينه. 

وهكذا، تستطيع تكوين تصوّر شامل عن الشخص المتقدّم للعمل لا يمكن أن تكوّنه إذا نظرت فقط للسيرة الذاتية للشخص أو اعتمدت على المقابلة الشخصية فقط. 

لا تستنزف مواردك

بالطبع لن تستهلك مواردك في عمل أكثر من مقابلة مع متقدّم للوظيفة، إلا إذا كانت كل المؤشرات الأولية تظهر نتائجًا إيجابية. لذلك يجب أن تتكوّن مراحل التقييم من مراحل تبدأ مثلاً بقراءة السيرة الذاتية وتقييمها. وإذا كانت مبشّرة بالخير، تنتقل لمقابلة سريعة على الهاتف بعدها تقرر إذا كنت تود مقابلة الشخص وجهًا لوجه، ثم بعد ذلك يلتقي بالفريق وهكذا. 

همسة في أذن المتقدّم للعمل

إن التقدّم لوظيفة يشبه التقدّم للزواج يجب أن يُبنى على الثقة والصدق من جميع الأطراف. كن نفسك. من مصلحة الجميع أن تُظهر نفسك على طبيعتها وحقيقتها. لا داعي للتصنع أو اختلاق الخبرات أو إضافة أية معلومات مغلوطة في سيرتك الذاتية، أو أثناء المقابلات الشخصية. أي شيء سوف تخفيه أو تختلقه، سيظهر لاحقًا في موقفٍ ما وسيضعك هذا في موقف محرج أو غير مريح. أنت نفسك تريد بيئة العمل التي تتسق مع قيمك وقناعاتك ومهاراتك. لا جدوى من التشبث بوظيفة وفعل كل شيء بطرق شرعية أو غير شرعية للحصول عليها، وأنت بالنهاية ستكون تعيسًا بها لاختلاف بيئة العمل عن البيئة المثالية التي يمكن أن تبدع فيها أكثر والتي تناسب ما أنت عليه من مهارات وقدرات. 

أي شيء تقدّم نفسك على أساسه، سيتم محاسبتك عليه لاحقًا. فإذا قدّمت نفسك على أساس أنك تعمل جيدًا في فريق، سيتم تكليفك بمهام فيها فرق عمل وسيكون عليك المساهمة الفعالة. لا بأس في أن تقول أنك تفضّل الإنتاج الفردي وأن تترك لهم الخيار في توظيفك وإعطائك المهام الفردية فقط، أو الاعتذار منك. قل الحقيقة واترك لهم الخيار. إلا إذا كانت لديك رغبة جادة في اكتساب مهارات جديدة. حينها قل الحقيقة أيضًا "أنا أنتج بشكل أفضل في المهام الفردية. ولكن أود تطوير مهارات الفريق". 

وعليك أن تبذل الجهد قبل المقابلة وأثنائها وطرح الأسئلة لفهم ثقافة الشركة وأسلوب الإدارة فيها حتى تتأكد أن تلك الشركة هي المكان الذي تود العمل به. لا تنظر فقط للوظيفة المطلوبة. لذلك في المقابلة الشخصية، أنت تطرح الأسئلة تمامًا كما يطرح مدير المُقابلة الأسئلة عليك. أنت تريد أن تفهم وتتأكد أنك مناسب للعمل وأن العمل ومناخه مناسبان لك.