تتميز أمتنا الإسلامية بأنها أمة شابة حيث تبلغ نسبة الشباب ما دون خمسة وعشرون سنة وفق بعض التقديرات 60% وهي نسبة عالية، وهذه إحدى نقاط القوة التي تمتلكها.
والشباب بما يملكونه من حماس، ونشاط وفاعلية، وتأهيل، وتعليم جيد، هم عماد نهضة الأمم، وسر قوتها، وصانعو حضارتها.
والشباب سيصنعون التغيير، والتحول، والنهضة، إذا وجدوا التعليم والتدريب الجيد، وأعطوا الرعاية والاهتمام، ومنحوا الفرصة لإظهار قدراتهم ومواهبهم، وفي أجواء تسودها الحرية سيدهشونا بعطاءاتهم وسيقدمون ما هو مبدع وجميل.
لهذا فالدول المتقدمة إدراكا منها بأهمية فئة الشباب، تجدها تهم برعايتهم، وتوفر لهم التعليم والتدريب الجيد، بل تضع اهتماما خاصا بالمبدعين والموهوبين منهم، سواءً من حيث المناهج والنظام التعليمي وحرق المراحل التعليمية، وعدم إشغالهم بغير مجال رغبتهم واهتماماتهم.
فيعود ذلك بالنفع على الشخص نفسه وعلى مجتمعه ووطنه، حيث يستفاد بشكل كبير من طاقتهم التي وفروها لهم خلال سنوات دراستهم، ليسهموا بشكل فعال وكبير في التحولات الكبرى وعملية الإنجازات والنهضة والتنمية التي تشهدها بلدانهم.
وعليه فالأمم التي تخطط للنهوض والتطور، تهتم بكل الكفاءات والمواهب على كل المستويات والتخصصات والفئات، وتسعى لاستثمارهم والاستفادة منهم لاسيما الشباب.
وأي عملية تغيير أو نهوض يشكل الشباب فيها حجر الزاوية كما يقال، لكن هؤلاء الشباب لن يصبحوا فاعلين حتى نصنع منهم قادة وكفاءات مؤهلة ونخب واعية مؤثرة ( كتلة حرجة) بحسب تعبير الدكتور عبدالكريم بكار، كتلة حرجة مخلصة وحريصة على مكتسبات ومقدرات ومصالح بلدانها وأمتنا، وذلك في كل المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والفكرية، والشرعية...إلخ.
فأمتنا في عوز تام لإيجاد هذه( الكتلة الحرجة) لسببين :
الأول : لوقف الانهيار التي تعانيه أمتنا من ظلم، وفساد، واستبداد، وأزمة تخلف، وسلوك، وفاعلية، وفكر، وقيادة.
والثاني : للبدء في عملية النهوض والإسهام فيها، وتسخير كل ما يملكونه من طاقات وقدرات في سبيل ذلك.
لذا أمتنا بحاجة ماسة لقيادات شابة ونخب مخلصة مؤثرة تملأ كثير من الفراغات الشعبية؛ لأن عدم وجود(الكتلة الحرجة) من النخب الواعية من فئة الشباب وغيرهم من أسرار النهضة!
على مستوى أزمة القيادة مثلا، "جعل أمتنا تضيع بين قيادات لاتعرف ما الذي عليها أن تفعله، وقيادات لا تستطيع فعل ما تعرفه، وقيادات تمالئ الظالمين وتعتاش من فتات المفسدين!" كما قال بكار.
وبناء على ما تقدّم فأمتنا أمة شابة حريٌّ بها أن تدرك هذا السر النهضوي(شبابيتها)، وأن تستفيد من نقطة قوتها هذه، وذلك بأن تستغل طاقات شبابها، وإبداعاتهم، ومواهبهم، وأن تستثمر في عقول نخبها وأبنائها المبدعين والموهوبين، وتعمل على إيجاد( كتلة حرجة ) منهم تسهم في نهضتها وإعادتها إلى الواجهة من جديد.