أعرض هذه المقالة لأشير إلى ضرورة حسن إدارة الحوارات في المناشط الشبابية، وامتلاك الأسلوب المناسب للإقناع، مع التأكيد على أهمية مراجعة المناهج الدراسية، وتجديدها، لضمان مواكبتها لمتغيرات العصر، واحتياجات الطلاب.

في لقاء توجيهي حضره عدد من الفتيات بعمر العشر سنوات فما فوق، طرحت المُرشِدة بعض الخطوات العملية والبسيطة، لتطوير مهاراتهن في الحفاظ على الوقت، ثم تركت لهنّ المجال ليطرحن الأسئلة والاستفسارات حول موضوع إدارة الوقت بالتحديد، فعرضت إحدى الصبايا تساؤلاً بعيداً عن عنوان الورشة، لكنّه بدا كأنّه تساؤل جماعي، والكلّ يرغب في الإجابة عنه..

اعترضت الجهة المنظمة على السؤال، لأنه خارج الموضوع، لكنّ المتحدّثة استأذنت مسؤولة النشاط، وطلبت أن تُمنح الفرصة لمعالجة هذا التساؤل المهم، وأشارت إلى الفتاة لتقف، وتعيد طرح السؤال بصوتٍ عالٍ، فنهضت من مكانها بكل سرور، وقالت:لِمَ نحن مضطرون لدراسة كلّ هذه المواد في المدرسة؟ لم لا نُركّز على مادة أو مادّتين، ونكتفي بهما؟ أليست هذه الطريقة "مُضَيِّعة للوقت"؟!

ابتسمت المرشدة ، موجهة سؤالاً للجميع: مَنْ منكنّ تستطيع أن تقتصر على نوع واحد من الطعام، أو نوعين، ولمدة 15 سنة؟!

تفاجأت الصبايا بالسؤال، لكنّ إحدى الحاضرات أجابت بكل عفوية، قائلة: أنا، أنا أستطيع أن آكل الشوكولا فقط ،لمدة 15 سنة..

العقل كذلك، يحتاج إلى كل هذه المعارف، وإلى هذا التنوع في المعلومات، لينمو نمواً طبيعياً، ويكتسب كل المهارات العقلية الأساسية. 

ضحكت الفتيات، وضحكت معهن المتحدثة، ثم طرحت سؤالاً جديداً على الصبية المحبة للشوكولا، مستفسرة منها: إن كنت تستطيعين، وتحبّين ذلك، فكيف سيؤثر ذلك على صحتك وسلامتك؟! ألن تحتاجي إلى عناصر غذائية أخرى، تساعدك على النمو السليم؟! ثم التفتت لتعطي الحاضرات زبدة الحديث ، وخلاصة اللقاء، قائلة: بناتي الغاليات، كما أن الاقتصار على نوع واحد أو نوعين من الأطعمة، ولمدة طويلة، سيؤثر سلباً على نمو الجسم وسلامته ونشاطه، ولن يحظى بتمام العافية إلا من خلال هذا التنوع المفيد، فإنّ العقل كذلك، يحتاج إلى كل هذه المعارف، وإلى هذا التنوع في المعلومات، لينمو نمواً طبيعياً، ويكتسب كل المهارات العقلية الأساسية، وبعد فترة من التعليم الأساسي، وهي مدة 15 سنة، نتوجّه إلى التخصص الذي نريده، ونركّز على المجال الذي نحبّه، ليصبح كل واحد منّا، في الوقت المناسب، وبعد الإعداد اللازم، في المكان الصحيح الذي يريد من خلاله خدمة مجتمعه، واستثمار وجوده ووقته في كل عمل نافع.