في ظل نشأة العرب بعيدا عن التطور الثقافي غابت الكثير من الحقائق عن ناظرهم، وعندما عادوا إلى الطريق بدأت تظهر مصطلحات اعتقد الكثيرون أنها وليدة العصر ومنها "الماسونية".
يسمع الكثير من الناس بهذا المصطلح ولا يعلمون ما يختبئ خلفه ولا يدركون معانيه وأهدافه بل ويعتقدون أنه من مستحدثات الأمور، وبعضهم يعتقد أن الماسونية ديانة، والبعض يعتقد أنها طائفة معينة، وكثير منهم يظنون أنها في بدايات انتشارها وعلى مشارف الظهور، ولكني كنت شديدة التشكك فيما يتعلق بها وعن نشأتها وأسبابها وأهدافها ومجالات اهتماماتها وطوائفها، فإذا بي أكتشف أنها فعلا شبح يتخلل حياتنا، فهي تكاد تكون منذ الأزل.
إنّ الماسونية تشمل جميع جوانب الحياة؛ الاقتصاد، السياسية، والدينية، وتقوم هذه الماسونية باستقطاب أصحاب النفوذ من رجال أعمال وعلماء وأطباء ومهندسين وموظفين مرموقين ذوي مكانات عالية، ولديهم طقوسهم الخاصة للانضمام لهذه الطائفة، طقوس منافية للطبيعة ودموية، وبالطبع يتم إنكار هذه الطقوس من قبلهم.
يعتمد الماسونيون على السرية في كل أفعالهم، ويكتنف الغموض كل أهدافهم وطموحاتهم، وتسمى أخوية باعتبار أنهم إخوة، ويقوم نشاطهم على المحبة والأخوة وأنّ الإخوة يساعدون ويساندون بعضهم لأداء مهامهم، من خلال دراساتي وبحثي خلصت إلى أنّ هنالك صلة بين الماسونية والطبقة المستنيرة، وأعتقد أيضا أنهما مكملات لبعضهن أو ما شابه، والذي دفعني للتأكيد على هذا الاعتقاد أنّ الماسونية تقوم بتشكيل نفسها على حسب البيئة المحيطة، وإذا كان هنالك كثير من الناقدين والأعداء لها فجل ما عليهم فعله فقط الانسحاب والظهور في حلة جديدة واسم جديد ومظهر آخر. وكان هذا وجه الشبه بينها وبين الطبقة المستنيرة إذ أنه عندما اشتد الحصار على الطبقة المستنيرة قاموا بالهرب والتشكل على هيئات مختلفة.
يدعو الماسونيون إلى الحرية في اعتناق الأديان وما هو أشبه بالعلمانية، وفي بادئ الأمر كان هناك رفض لانضمام الملحدين إلى الطائفة، ولكن فيما بعد تم تعديل الدستور الخاص بهم وسمحوا للملحدين بالانضمام لطائفتهم، وهذا ما يبدو عليها ظاهرا، ولكن من أهدافهم تقويض الديانات بصورة عامة والإسلام بصورة خاصة، ويصفهم البعض بأنهم يشكلون مصدر تمويل كبير لإسرائيل وأنهم يشكلون كيانا صهيونيا متكاملا.
وبالنظر إلى رموزهم وأفكارهم ومعتقداتهم فإننا نجدها حولنا في كل مكان، نحملها بين أيدينا، نتحدث لغتها، نرتدي ملابسنا المصممة خصيصا لنشر رموزها، فمن رموزها الزاوية القائمة ويقابلها "الفرجار" وفي الأوسط حرف G وبالأعلى عين؛ (العين التى ترى كل شيء في مزاعمهم الباطلة، عين الدجال وعين حورس آلهة المصريين القدامى)، وأيضا "الفرجار"يكون على شكل مثلث؛ المقصود به الهرم وهو أيضا من رموزهم، وهذا الرمز المتكامل يعني علاقة المعبود بالخالق وعلاقة الخالق بالمعبود ويرمز حرف "G" إلى "God" أو الخالق الأعظم.
الهرم الذي يتوسطه أو تعلوه عين؛ عبارة عن رمز ماسوني يرمز لإله المصريين القدماء كما ذكرنا سابقا، حيث كان هذا الإله أعور العين اليمنى ولكن في الحقيقة "حورس" هو المسيح الدجال نفسه، وهذا الشعار يلخص تفكير الحركة الماسونية، حيث أنّ المسيح الدجال هو رأس الهرم أو وسطه وهو المسيطر. ويوجد على الدولار الأمريكي للدلالة على سيطرة الماسون على الاقتصاد العالمي، ويوجد بكثرة على شعارات أغلب الشركات ولكن بصورة مموهة.
من رموزها وعلاماتها الهلال المقلوب، فما كان في الإسلام عامة والقرآن خاصة أنّ الأهلة هي مواقيت لله وقد جعل الهلال والنجوم لكثير من الشعائر والعبادات وهداية للسارين، فكان الحج والصيام وغيرها من العبادات المرتبطة بالهلال ومراحل تطوره، فالهلال الصحيح في إسلامنا الحنيف أن يكون على شكل الحرف (د) عند مطلع الشهر، ولكن اتخذ الماسون الهلال رمزا لهم بصورة غاية في الخبث حيث اتخذوه على شكل حرف (C) أو الهلال المقلوب، ومن الصور التي يظهر فيها هذا الرمز صورة تحمل صورة الشيطان أو الدجال وهو يشير بإصبع نحو الأسفل تجاه هلال مظلم على شكل حرف (د)، ويشير بإصبع آخر للأعلى لهلال مضيء على شكل حرف (C)، وقد اتخذ كثير من رجال الأعمال والرواد هذا الهلال رمزا لهم ولكن مع الأسف نسبة لضعف المعرفة لم يلحظ الكثيرون ذلك، وهنالك تصاميم لكثير من الحلي والمجوهرات والأساور على شكل النجمة والهلال المقلوب.
واتخذوا من الصليب المقلوب رمزا لهم أي أنه عكس الأديان، فالإسلام ليس له نقيض بخلاف المسيحية لذلك اتخذوا الصليب المقلوب رمزا .
أيضا هنالك البقرة الحمراء أو البقرة "ميلودي" عند اليهود؛ وهي بمثابة المهدي المنتظر، إذ أنه في معتقداتهم؛ في زمن من الأزمان القادمة ستظهر بقرة حمراء خالصة اللون، فيقومون بذبحها وفق طقوس محددة وحرقها حتى تتحول تماما إلى رماد، ثم يتم جمع الرماد وخلطه بالماء المطهر ويستخدمون هذا الخليط ليتطهروا به من الدنس، وقد انتشر رمز هذه البقرة كثيرا منذ فترة؛ متخذة علامة البقرة الضاحكة (la vache qui rit) وسلسلة قنوات ميلودي، وانتشرت في هذه الفترة ملابس تحمل صورة بقرة أو ثور أحمر كتب عليه "Chicago bulls".
وهنالك أيضا الحركة التي تقوم على رفع إصبعي السبابة والخنصر وضم البنصر والوسطى والإبهام، وهذه حركة لتمجيد الشيطان وتسمى بـ "القرن الإيطالي" أو "موظفوا الجني الخبيث"، ويرجع أصلها إلى كتب "الكابلا" والسحر القديم وأصبحت منتشرة مؤخرا على أنها رمز للشباب الحر والحديث، ولكن معناها مختلف تماما، فنجد أنه يستخدمها معظم النجوم والمشاهير حتى يساعدهم الشيطان على النجاح والتقدم في الوسط الفني، ومع الأسف انتشرت هذه الحركة كثيرا في مجتمعاتنا، فقد وجد مؤسسوا جماعات عبدة الشيطان وجماعات الماسون والمتنورون الطريق لدس هذه الحركات في عاداتنا اليومية دون أن ندري أنه وبتقليدنا لهم فإننا نمجد الشيطان، ولكن هذه الحركة لا تعني فقط تمجيد الشيطان بل وأيضا المسيح، فهي تعني الوعد أو القسم والتحالف بين الشيطان والمسيح الدجال لضلالة الناس.
ومن رموزها المسلات التي تكاد تكون موجودة في كل مكان، ففي اعتقادهم أنّ الشكل الهرمي من الأشكال التي من شأنها تجميع الطاقات إذا ما بنيت على خطوط الرعي، فنجد الأهرامات المصرية القديمة وفي الحضارة النوبية، وحديثا يتم بناء وتصميم كثير من الأبنية على الشكل الهرمي، ادعاء منهم بأنّ هذه لفتة جميلة لمزج الحداثة مع التاريخ القديم، وبالحديث عن هذه الأماكن نجد مدخل متحف "اللوفر" الفرنسي هرمي الشكل المبني تماما من الزجاج يتصدر اللائحة، وأيضا الرقم "666" فهو رمز للوحش أو نقيض المسيح، فقد كانوا قديما يستخدمون ترميزا لكتابة الأرقام الكبيرة في الترقيم الروماني، فهي تمثل بجمع الرموز الخاصة بها معا وهو ما يعني أنّ لكل كلمة قيمة عددية، فعند ترجمة الرقم "666" فإنه يعني الوحش ويرمز للمسيح الدجال أو الشيطان، وكثيرا ما يستخدمه عبدة الشيطان، ويقول البعض أيضا أنه موعد خروج المسيح الدجال بعد أن يتضاعف عدد شيء ما إلى هذا الرقم.
يعتقد الماسونيون أنّ كل شيء في الكون عبارة عن طاقة وحتى الإنسان في أدق مكوناته ألا وهي الذرة التي تتكون من إلكترونات وبروتونات ونيترونات فهي عبارة عن طاقة، لذلك فنحن لدينا طاقة تؤثر بما حولنا، وتنقسم إلى طاقة سلبية وطاقة إيجابية، ولكن هم مهتمون بتجميع الطاقة السلبية التي من شأنها التسريع لقدوم الدجال، وتبعا لذلك اتخذوا أشكالا هندسية لبناء الأبراج العالية منها وناطحات السحاب (برج الخليفة وبرج الساعة بمكة المكرمة للتأثير على الطاقة الإيجابية المنبعثة من الكعبة الشريفة) والأهرامات التي بناها المصريون القدماء وعديد من دور العبادة في العالم، وفي معتقداتهم أنّ هذه الأبنية والتصاميم الهندسية يتم بناؤها على خطوط تسمى خطوط الرعي فهي تجمع طاقة سلبية أو إيجابية حسب الغاية من المبنى، وعندما تتحد هذه الطاقات وتتزامن المباني المقدسة ونقاط خطوط الطاقة وعلم الهندسة ينشأ ما يسمى ببوابة النجوم مما يسمح بإنشاء مداخل إلى أبعاد أخرى موازية لعالمنا. [1]
وكنت قد قرأت أيضا في رواية (صندوق الدمى)، وهي رواية تروى عن امرأة كانت ترى ما وراء الطبيعة في منطقة مصر العربية، فإذا بها يأتيها طفل أخضر اللون تراه هي فقط، وترى كل شخص وهو معلق من خيوط تخرج من رأسه كما في الدمى الخشبية وكأنما هنالك شخص يتحكم بهم أجمعين، وبالطبع لم يصدقها أحد وقد اتهمت بالجنون، فإذا بها تصادف شخصا يرى ما تراه، وعندما أراد أن يبحث خلف الحقيقة فإذا به يجن وهو يقول: (من يقترب من شمس المعرفة تحترق روحه). وعندما أرادت المرأة أن تدخل طفلها إلى إحدى المدارس الممتازة اتضح أنه يتم أخذ عينات دم من الوالد إذا كان الطالب فتاة ومن الوالدة إذا كان صبيا ويتم أخذ هذه العينات وتشريبها في دمى خشبية (إن الموضوع لهو أشبه بالسحر الأسود).
فتقوم المرأة وزوجها بمحاولة التخلص منهم وتحدث كثير من الأحداث غير الواقعية التي لا يمكن للعقل البشري تصديقها، ولكن استنادا على ما يحدث وعلى الدراسات فإنه من المنطقي حدوثها، فتخبرهم مديرة المدرسة أنه وحتى إذا تم تدمير هذه المدرسة فهنالك الكثير والكثير من المدارس المنتشرة في العالم، وأنه سرعان ما سينسى الناس ما يحدث وسيعودون إلى تصديق ما تراه أعينهم وأنه ستظهر في صورة أخرى، وفي آخر الرواية تختفي المدرسة والمرأة وزوجها والطفل ولا يتم العثور عليهم وفقط يجدون مذكرات المرأة. [2]
وبعد قراءتي لهذه الرواية زاد شكي في كل شيء وزاد تأكدي من هذه الأمور وبدأت أدقق النظر أكثر فأكثر وأمعن التفكير في كل ما هو مستحدث وكل ما هو قديم ويلبس عباءة الجدة.
وتكون لقائات الماسونيين بما يسمى بالمحافل وهنالك الكثير من المحافل الشهيرة في أغلب بقاع الأرض، هناك نوادٍ ينضمون إليها ومنها نادي "الليونز" و"الكيواني" و"المائدة المستديرة" و"نادي الروتاري" وغيرها ويوجد للأخير كثير من الفروع في أغلب الدول العربية وتقسم عموما بالمناطق، والمنطقة 245 تضم (مصر والسودان ولبنان والأردن والبحرين وقبرص والجزائر ومراكش)، وقد ارتبط تاريخ "الروتاري" في الدول العربية بالاستعمار الغربي، والطبقات الارستقراطية وذوي النفوذ والمال، كما ارتبط بنشاط شامل عام لجميع العالم العربي بصورة مباشرة وغير مباشرة. وقد تمت تسميته بهذا الاسم نسبة إلى الكلمة الإنجليزية؛ والتي تعني "دورة"، وذلك لأن الاجتماعات كانت تعقد بصورة دورية في منازل الأعضاء. وقد أسس هذا النادي المحامي الأمريكي "بول هاريس"، ومن المعلوم أن "مصر" و"فلسطين" أول دولتين في العالم العربي والإسلامي تأسس فيهما نادٍ للروتاري، وتضم مصر أكثر من عشرين ناديا، وفلسطين أكثر من أربعين ناديا، والأردن ناديين، وتونس والجزائر وليبيا والمغرب 13 نادٍ ولبنان 5 أندية، وتعد بيروت مركز جمعيات الشرق الأوسط، وتتخذ هذه المنطقة أسماء أخرى تعمل في ظلها مثل: لجنة "الإنرهويل" التي تختص بالسيدات، وتضم مصر والأردن منطقة "إنرهويل" واحدة تحمل رقم "95".
وتقوى نشاطات نوادي "الروتاري" حينما تضعف النشاطات الماسونية، لأنها تنقل نشاطها إليها حتى تزول تلك الضغوط فتعود إلى حالتها الأولى، فكما ذكرت سابقا أنّ الماسونية عندما تحس بالضغط والانتقاد ولا تجد مصرفا فإنها تختفي وتظهر على صورة مغايرة، ومن الجلي هنا أن هذه النوادي واحدة من العباءات التي ترتديها الماسونية حتى تنقضي فترة الضغط.
وتختص نشاطات الماسون عموما في الأعمال الخيرية والدعم المادي والمعنوي، ويدعون لنشر روح الأخوة ومساندة البعض والتعاون. وهذا ليس بالشيء الجميل فهم يدسون السم في العسل، ويجذبون الناس لهذه الأعمال البراقة.
أما الغرض الحقيقي فهو أن يمتزج اليهود بين الشعوب باسم الحب والإخاء، وعن طريق ذلك يصلون إلى جمع معلومات تساعدهم في تحقيق أغراضهم السياسية والاقتصادية، وتساعدهم على نشر عادات معينة تعين على التفسخ الاجتماعي، ويدعون للمساواة في كل جوانب الحياة ويهدفون لتقليل القيمة الدينية وطمس الوازع الديني.
هم لا ينفكون يخبرون الناس بأنه لا يهم ما هي ديانتك أو إذا ما كنت بلا ديانة حتى الوصول إلى مرحلة اندثار المظاهر الدينية، فإنّ إسقاط اعتبار الدين يوفر الحماية لليهود ويسهل تغلغلهم في الأنشطة الحياتية كافة، وكذلك يتطلعون للمساواة بصورة تضعف جميع أنواع الولاء وشتى أشكال الانتماء وإذابة الفوارق بين الأمم، فلا يكون هناك انتماء لا لوطن ولا لديانة أو عقيدة و لا لأي كان، وبذلك تتفكك جميع الدول والاتحادات ويصبح الناس تائهين ضائعين ويصبح اليهود هو المهيمن وهو المسيطر حيث أنه لن تبق قوة متماسكة غيرهم فهم يهدفون للسيطرة على العالم، ولا سيما وأنهم لا يعترفون بدولة فلسطين "فقط إسرائيل".
وأرى أنّ هذه الخطى تسير بصورة ثابتة فهم يحققون كل ما يتمنون، فكما قالت الشاعرة السودانية "روضة الحاج" في قصيدتها "يسرقون الكحل": (سرقوا تونس من ثورتها، سرقوا دارفور من ثروتها، سرقوا لبنان من روعته، سرقوا الجولان من عزته، سرقوا الصومال من إخوته، والعراق الحر من هيبته، وسرقوا السودان من وحدته، وفلسطين المجيدة)، فهاهم يستمرون في السرقة ونحن نساعد في ذلك ولا ندري.
وهذا الموضوع أو الطرح ما هو إلا قطرة من فيض في بحر الماسونية الذي يغمرنا من كل ناحية وما بين مد وجزر، فقط علينا التوقف عن الغرق فيه والتمسك بهدي القرآن الكريم وتعاليم الرسول العظيم، فإنّ سنته سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها هلك.
وفي الختام أخبركم وبكل ثقة أنه لم يفت الأوان بعد للوعي والإدراك، فقط فلنتمسك بديننا الحنيف ولنتمعن فيه ونرفض كل ما يناقض تعاليمه، وعدم قبول أي من مستحدثات الأمور دون تحليلها ومعرفة أصولها، حمانا الله وأوطاننا من خبث عدونا وأبعد عنا الاستعمار الفكري.