تعرّف المشكلة بأنّها كلّ موقف غير معهود، لا يكفي لحلّهِ الخبرات السابقة والسلوك المألوف، وهي عائق في سبيل هدف منشود.
ولأنّ الإنسان يتعرّض في حياته للعديد من الأحداث، والمواقف الجديدة، يعدّ تعرّضه للمشاكل أمراً بدهيّاً، وهذا ما ينبغي علينا أن نوطّن أنفسنا عليه، فلا أعلم أنّ إنساناً ما عاش حياته بدون التعرّض للمشاكل أو التحدّيات في حياته.
ومن ناحية أخرى فإنّ الحياة الدنيا في عقيدة المسلم، هي دار ابتلاء واختبار، وهذا يقتضي أنّ وجود المشكلات أمر بدهي، مادام أكبر خصائص الحياة الاختبار.فإذا علمنا ذلك كان لابدّ لنا من الاستعداد لمواجهة المشاكل على اختلاف أنواعها.فكيف نستعدّ؟ وماهي الاستراتيجيّات للتعامل مع المشاكل؟
لكلّ مشكلة استراتيجية معيّنة لحلّها، ويجب أن يتمّ اختيار الاستراتيجيّة التي تتناسب معها، حتّى تعتبر خطوة أولى في الوصول إلى الحّل، الذي يساهم في إنهاء وجود المشكلة.
ويمكن لنا تحقيق ذلك عبر الخطوات التالية:
1- الشعور بالمشكلة: والإحساس بها.
2- تحديد المشكلة: التي نريد حلّها.
3- جذور وأصول: معرفة جذور المشكلة وأصولها، وسبب نشأتها.
4- مظاهر وآثار: معرفة مظاهر المشكلة وآثارها.
5- مشاكل متراكمة: قف قليلاً وتأمّل، فقد يكون حلّ هذه المشكلة متوقّفاً على مشكلة أخرى!
6- جمع المعلومات: الكافية عن المشكلة، ثمّ تحديد أهمّ المعلومات وأكثرها صحّة.
7- صياغة المشكلة: عدّة صياغات، لأنّها تحدّد فهمنا لها، بشكل جيّد حتّى تتفّق رؤيتنا للمشكلة مع من يشاركنا في حلّها.
8- تقسيم المشكلة إلى أجزاء: رئيسة وأجزاء ثانوية، وهي خطوة هامّة جدّاً حتّى لا نتعامل مع المشكلة ككتلة واحدة معقّدة.
9- الأولويّات: التأكد بأنّ حلّ هذه المشكلة، مدْرجٌ في سُلّم الأولويّات لدينا.
10- الاطلاع على التجارب السابقة: الاطلاع على المشكلات المشابهة التي مرّ بها السابقون من العظماء والعلماء، وعلى طرق حلّهم لها.
11- حلول خاطئة: قد يكون هناك آراء سابقة خاطئة حول المشكلة، ممّا يؤدّي إلى وجود عوائق في طريق الحلّ.
12- إيجاد الأفكار: إنتاج أفكار متنوّعة غير عاديّة ثمّ تحديد الأفكار الملهمة التي تساعد على الحلّ.
13- الحماسة والمرونة الذهنيّة: الاندفاع في مواصلة التفكير والعمل، مع التحلّي بالكثير من الصبر والمرونة الذهنيّة، فليس بالأمر اليسير أن نصل إلى حلّ مرضِ تماماً، وعلينا أن نعترف أنّ لكلّ جيل سقفاً معرفيّاً لا يستطيع تجاوزه.
14- النظر من عدّة زوايا: عليك ألّا تستنفد احتمالات الحلّ كلّها في اتجاه واحد، بل لا بدّ من الانتقال من بضعة احتمالات في اتجاه معيّن، إلى احتمالات أخرى في اتجاه آخر، إلى احتمالات جديدة باتجاه ثالث.
15- طبيعة المشكلة: عليك أن تفكّر بطبيعة المشكلة، فبعض المشاكل تتطلّب تفكيراً جماعيّاً، فلا يمكنك أن تصل إلى الحلّ إلّا عن طريق التفكير الجماعيّ، بين مجموعة متجانسة ثقافيّاً وفكرّياً، أو متقاربين ملمّين بالمشكلة أيضاً.
16- اختيار الحلّ الأنسب والأمثل: اختيار الحلّ الأكثر ملاءمة للمشكلة والظرف المكانيّ والزمانيّ.
17- تنفيذ الحلّ: تطبيق الحلّ وتنفيذه على أرض الواقع.
18- اختبار الحلّ: اختبار مدى ملاءمة الحلّ للواقع، ومدى الفائدة المتحقّقة من تطبيقه.
19- توثيق الحلّ: تدوين الحلّ وتوثيقه، حتّى يتمّ الرجوع إليه، وتحويل الحلّ إلى قواعد وقوانين.
وفي الختام لا بد من ملاحظات صغيرة، أولًا، لا يشترط أن يتوصّل إلى الحلّ الناجح من خلال الخطوات السابقة فقط، فكلّ ما سبق هو مقدّمات وخطوات لتحقيق حلّ ناضج وجيّد.ثانيًا، فكّر في الحلّ، ثمّ أعد التفكير، فإنّ الأناة في إصدار الأحكام والصياغة الدقيقة، غاية في الأهمّيّة. ينبغي ألّا تنسى أمراً هامّاً هو: أنّ كثيراً من المعطيات التي نمتلكها لحلّ ما، تكون غير يقينيّة، ممّا يجعل الحكم في النهاية ظنّيّاً، فلا بدّ لنا من بيان ذلك، فليس من العلم في شيء أن (نولّد نتائج قطعيّة، من مقدّمات ظنّيّة) أو أن نسوق النتائج، مساق القطعيّات، وهي في الأصل ظنون وتخمينات.
رابعاً وأخيراً لا تخفْ، إنّ تصريحك بأنّ الحكم هو ظنّيّ، وغير يقينيّ، ليس ضعفاً في الحلّ، أو حطّاً من قدر النتائج، بل إنّ ذلك يمنح الحلّ إمكانات إضافيّة في صيغته وتطبيقاته والتوليد منه، وتلك من ميزات الحلّ الناجح.