يقصد بالاقتصاد المعرفي، الذي يطلق عليه في بعض الأحيان كذلك"الاقتصاد الجديد" أو "اقتصاد المعلومات"، الاقتصاد القائم على المعرفة سواء بشكل مباشر ( Knowledge Economy ) أو غير مباشر (Knowledge Based Economy)، وتعتبر في إطاره المعرفة المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.
تعتمد اقتصادات المعرفة على توافر تقنية الاتصالات والمعلومات، وتستخدم الابتكار والرقمنة الإنتاج سلع وخدمات ذات قيمة مضافة مرتفعة، في هذا السياق، يمكن تعريف "المعرفة" أنها المرحلة الأخيرة من مراحل تحول البيانات إلى معلومات، والتي تتحول بدورها إلى معرفة من خلال توفر بيئة معرفية ممكنة محيطة بهذا التحول مع ضرورة وجود ترابط أو علاقة عضوية متداخلة بين البيانات والمعلومات والمعرفة يضم الاقتصاد المعرفي، قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات إضافة إلى كافة الأنشطة الرقمية في باقي قطاعات الإنتاج السلعي والخدمي الأخرى ولا سيما المال والأعمال والسياحة والتأمين والنقل والمواصلات.
يعتبر الاقتصاد اقتصادا معرفيا عندما تفوق أعداد العمالة في القطاعات المعرفية العمالة في القطاعات الاقتصادية الأخرى، وقد حدث ذلك في عام 1967 في الولايات المتحدة عندما بلغت نسبة العمالة في قطاعات المعرفة نسبة 53 في المائة من إجمالي العمالة شهد حجم اقتصاد المعرفة نموا واضحا في الآونة الأخيرة.
وعلى الرغم من وجود بعض الصعوبات التي تعتري عملية تقدير حجم تلك القطاعات، إلا أن معظم الدراسات قد قدرت ذلك الحجم باستخدام نسبة مساهمة قطاعات الاقتصاد المعرفي في الناتج المحلي الإجمالي، ووفق تقديرات الأمم المتحدة تساهم اقتصادات المعرفة بما لا يقل عن 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتنمو بما لا يقل عن 10 في المائة سنويا.
وجدير بالذكر أن 50 في المائة من نمو الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي هو نتيجة مباشرة الاستخدام وإنتاج تقنية المعلومات والاتصالات. [1]
الحالة الموريتانية
يعتبر الاقتصاد الموريتاني اقتصادا تقليديا من حيث اعتماده على الموارد الطبيعية (الحديد، الذهب، النحاس، الفوسفات، الكوارتز اليورانيوم) بالاضافة إلى الثروة الحيوانية، والزراعة، والبترول والغاز حسب تقرير "الموجز القطري " لسنة 2016م الصادر عن اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فإن الاقتصاد الموريتاني قليل التنوع لاعتماده على الثروات الطبيعية حيث جاء في مقدمة التقرير ما يلي:
"يرتكز اقتصاد موريتانيا أساسا، وهو اقتصاد قليل التنوع، على موارد المعادن الحديد والنحاس والذهب والموارد النفطية والصينية التي تشكل أهم جزء من الصادرات، ويبقى النمو المحرز في عام 2015 (1.3في المائة) أقل من المستوى القياسي لعام 2013 (6.1 في المائة) وعام 2014 (6.5 في المائة). ويعود هذا النمو أساسا للقطاع الأولي وقطاع الخدمات اللذين يمثلان أكثر من 68 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 وتعاني الصناعة من احتكار القطاع غير الرسمي وتتميز بتطور ضعيف لأنشطة التحويل التي من شأنها زيادة القيمة المضافة وتوفير مناصب عمل مستدامة، كما أنها تواجه عراقيل عديدة، منها محدودية القروض المقدمة وضعف الهياكل الأساسية والتكلفة العالية لعوامل الإنتاج والأعباء الضريبية وعدم كفاية نظام المرافقة العام ونقص الكفاءات وكذا ضعف الطلب الداخلي."
يبدو جليا من خلال المعطيات أن الاقتصاد الموريتاني بحاجة لتنويع مصادره ويشكل الاعتماد على المعرفة فرصة استثنائية من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني مما يحتم وجود رؤية استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى للتحول للاقتصاد الجديد من أجل تحقيق نمو شامل وحقيقي ينعكس على جميع مناحي الحياة الفردية.
إننا في مشروع الكفاءات الموريتانية بالمهجر تريد أن نساهم في هذه الرؤية الاستراتيجية المقترحة من خلال تسليط الضوء على الاقتصاد المعرفي ضمن فعاليات مؤتمرنا السنوي القادم والذي اخترنا له عنوان "موريتانيا واقتصاد المعرفة" إن الفرص التي تتيحها الثورة الصناعية الرابعة تعتبر بحق فرصا استثنائية خاصة للدول النامية فقوام هذه الثورة هو المعرفة ومرتكزها الأساسي هو الرقمنة وعلوم الحاسوب التي تتطور باطراد متيحة لكثير من هذه الدول التحول إلى التصدير بدل الاستيراد وأفضل مثال على ذلك (كوريا الجنوبية، الصين، الهند)، علما أننا خصصنا النسخة الثانية (2019 م) من المؤتمر السنوي للتحول الرقعي والذي سيرنا فيه ممكنات الرقمنة وفرصها موريتانيا، كما سلطنا الضوء على التحديات وخاصة ما يتعلق منها بالبنية التحتية الرقمية والأنترنت.
في الدراسة المرفقة، نسلط الضوء على دعائم اقتصاد المعرفة ومؤشر المعرفة العالمي وذلك لتحديد الهوة بين متوسط المؤشر والوضع الموريتاني الحالي ومحاولة التحليل ووضع اليد على فرص التحسين الممكنة وخاصة تلك السريعة منها، بالاضافة لملخص عن البنية التحتية الرقمية احدى أهم دعائم اقتصاد المعرفة.