تقرؤون في هذا المقال محتوى محاضرة (القيم والعصر الرقمي) والتي قدمها المفكر د. جاسم سلطان أثناء أشغال مؤتمر تربية الأول الذي نظّمه مركز تربية في اسطنبول. 

لما حدثت الثورة الرقمية وأصبحت واقعا لا يمكن الانفصال عنه، تسارعت دولنا العربية والإسلامية إلى تبني هذا الواقع، من خلال إدخال التكنولوجيا والرقمنة إلى كافة مجالات الحياة، بهدف تغيير الواقع وجعله يتماشى مع التطورات الأخيرة، حتى لا يكون عالمنا العربي الإسلامي خارج دائرة هذا الإنفتاح، ولكن الذي حدث ولم نتوقعه إصابة قيمنا الأخلاقية والإجتماعية، بسبب ما تبثه هذه التكنولوجيا من سموم تصيب المجتمع في الصميم، وتهدد قيمه الأخلاقية السامية، وكان لهذه الثورة تأثيرها الواضح على مجتمعنا عامة وشبابنا وأطفالنا خاصة، وقد سجلت هذه الآثار في اتجاهين واحد إيجابي وآخر سلبي، ورأينا في واقعنا هذين الوجهين لكن بنوع من التفاوت؛ ولعل القصص التي سَنسردها في هذا المقام كفيلة بوضعنا في الصورة الحقيقية لواقعنا في ظل الثورة الرقمية، وبعد كل قصة ندرجها كمثال يكون بعدها مباشرة تعقيب وشرح واستقصاء للأمور.

هل سهلت الثورة الرقمية من التعلم الذاتي؟ 

إبن المفكر د. جاسم السلطان أنهى الثانوية العامة بمجموع ممتاز، وكان يجب أن يحصل حينها على شهادة التوفل، حيثُ لم يتم الاعتناء به في الصغر من طرف والديه من ناحية التكوين في اكتساب لغات إضافية، خاصة اللغة الانجليزية مثل إخوانه، وعند قرب موعد امتحان التوفل بالنسبة للولد، جاء والده ليسأله إن كان بحاجة لمدرس في اللغة الانجليزية؟ فأجاب الولد لست بحاجة إلى معلم ولكن أنا بحاجة إلى الدعاء فقط.

دخل الولد الامتحان وحصل على العلامات المطلوبة وأكثر، فتعجب الوالد وسأله: كيف درست وحصلت على هذه العلامات الممتازة، وَنحنُ لم نهتم بِك كثيرًا كإخوانك؟

فقال الولد: من البلاي ستيشن، كنت ألعب مع أجانب ونترجم لبعضنا البعض لكي نفهم جيدًا ما نلعبه حتى صرت أتقن اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة!

نحنُ في ظل الثورة الرقميّة اليوم، لا يحتاج الولد أن يجلس إلى مُدرسين حتى يتعلم، فابن الدكتور جاسم السلطان عاش في العصر الرقمي الّذي وُجِد فيه كل ما يسهل العملية التعليمية إن توفرت الامكانيات والإرادة للمُتعَلِمْ، وبالتالي الولد توفرت له الشروط المذكورة فتعلم تحدث اللغة الانجليزية بطلاقة وكتَبها بطلاقة حتى نجح في امتحانه، فهذا عصر مُختلف تمامًا عن العصور السابقة.

وجهٌ مشرق آخر للثورة الرقمية! 

على لسان د. جاسم السلطان أيضا يقول: "كان لنا صديق له ابن صغير عُمره 7 سنوات، ويدرُس في مدرسة فلبينيّة، وهُناك جعلوا كُل طفل يهتم باللُعبة الّتي يُحبها، حتى يشجعوه عليها، وبعض الألعاب ذات علاقة بالأقمار الصناعية، وكانوا يسألون كل طفل عن المجال الّذي يحبه ويفضله في الألعاب، ذات مرة سألوا أحد الأطفال: ماذا تُحب؟ فقال: الصواريخ.

فقالوا له: حدثنا إذن عن الصواريخ، ماذا تعرف عنها؟ فقال الطفل: ما الّذي تُريدوا أن تعرفوه عن الصواريخ؟ فطلبوا منه أن يُحدثهم عن رحلات الفضاء، فبدأ الطفل يشرح لهم بالتفصيل ما الفرق بين الصواريخ الّتي تحمل المكوكات الفضائية للخارج، وأنواع الوقود الّذي تحمله، وتاريخ آخر رحلة، وما النتائج الموجودة منها؛ طفل عمره فقط 7 سنوات يتكلم وكأنه رجل كبير أو عالم فضاء، وعن آخر أخبار الناسا.

ها نحنُ إذن أمام الثورة الرقميّة بوجهها المُشرق، بإمكان طفل صغير أن يعرف معلومات عظيمة عن كل ما يدور حوله في عالم الفضاء، لم يكُن يعرفها من قبله أستاذ جامعي.

حينما يدخل أفراد الأسرة في حرب إلكترونية!
يُكمل د. جاسم سلطان قصه فيقول:

"كان لنا صديق عنده ولدان، تعلقوا بالألعاب العنيفة الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقال: انْعَزَلُوْا عنا تمامًا، وطول الوقت نسمعهم يصرخون.. اقتل! .. اذبح! .. فجر!

ويدخلون في جو لا يُمكنك أن تخرجهم منه ببساطة، ولربما لو ناديتهم لا يردوا عليك إلا بعد أن ينتهوا من لعبتهم.

انزعج والدهم منهم جدًا، وقال لأمهم: سأغير وضعهم هذا، فأخذ منهم الجهاز وقال لا مزيد من الألعاب، وذهب إلى السوق وباعه، وتوعد بأنه لن يشتري لهم جهاز ألعاب غيره، فغضب الأولاد منه.

ولكن وهو متوجه إلى المسجد للصلاة، لم يجد حذاءه، نزل إلى سياراته فوجد العجلات مُعطلة، هنا تعجب وقال: الآن دخلنا في الحرب الالكترونية!

يُكمل الوالد قائلًا: مرّ علينا أسبوع ونحن على هذه الحالة، وأنا متحمل ما يقومون به تجاهي، إلى أن بدأت حياتهم تعود تدريجيا إلى طبيعتها المعتادة."

إذن الثورة الرقمية لها أوجُه مُتعدّدة، لها وجه مُشرق قابل أن يُستثمر فيه إلى ما لا نهاية، ووجه آخر حزين وكئيب، مُمكن أن تنجر عنه عواقب لا تحمد عقباها، كيف نستطيع أن نشعر بحياتنا العادية أمام الثورة الرقمية في أولادنا وبيئتنا؟ وهذا هو الّذي يُقلقنا حقًا.

القيم الّتي تنحصر بين الصحيح والخطأ، النافع والضار، فهي أحكام نطلقها على الأشياء بناءً على اختبارات سابقة، فهل الثورة الرقمية تؤثر فعليًا على قيمنا وعلى مجال الأحكام؟ فيصبح المُنكر معروفا، والباطل حقا، والصواب خطأ، حتى تصبح المعايير مقلوبّة، فهل يُمكن لهذه الثورة أن تفعل ذلك في البيئات الاجتماعية؟ وهذا كان مجال بحوث علمية تقوم برصد هذه الظواهر، والتغيرات التي تُحدثها الثورة الرقمية بشكل من الأشكال في المجتمعات والبيئات والأفراد. هذا كُله يعيدنا إلى فكرة الثورة الرقمية. 

 ما هيّ الثورة الرقمية؟ وما جوهرها؟

العالم المسلم الخوارزمي توصل إلى اكتشاف علم الجبر والتفاضُل، وقام بعمل عظيم، فقد حوّل الجُمل العاديّة إلى لُغة أرقام ومعادلات، وفَتح إمكانية تحويل اللُغة العادية إلى لغة رقمية، وتطور هذا العلم اليوم حتى توصل العلماء من خلاله إلى الثورة الرقمية الخالية، ولذلك تسمى الثورة الرقمية بالخوارزميات نسبة إلى الخوارزمي صاحب أول قدم في الثورة.

ماذا يفعل القائمون على الرقمنة في ظل الثورة الرقميّة الحالية؟ يحولون الجُمل إلى معادلات وهكذا، فنحنُ عندما نقوم بإعطاء أمر إلى الحاسوب من خلال لوحة المفاتيح، نضغط مثلًا (enter)، فهذا يُعد فِعل أمر ويُفترض أن هُناك جهة تنفيذ، فكُل ما نصدره من أوامر، يتحول إلى لُغة يفهمها الكمبيوتر ثُمّ ينفذها، وهنا يراودني تساؤل مُلِح:

إلى أي حد سيذهب بنا هذا الفضاء الرقمي، لنحول لغتنا العاديّة إلى أوامر على الجهاز والجهاز يستجيب وينفذ بكُل سهولة، فلا حدّ لهذا العالم، فهو فضاء مفتوح؟

يقول د. جاسم سلطان: حدثني أحدهم قال: "اتصلت بمؤسسة فردت عليّ فتاة لطيفة، فقلت لها: أنني أُريد أن أحجز لمنطقة جميلة وباردة في هذا العالم، فعرضَت عليَ خيارات عديدة لاختيار المنطقة المفضلة من بين الخيارات المتاحة، قلت لها أريد فنادق بأسعار رخيصة، فأرشدتنيِ.

جلست أتكلم مع الفتاة أكثر من 20 دقيقة، كلما أسألها عن أمر تعطيني إجابة.. ولما قلت لها أني أريد مكان بالمواصفات التالية ردت علي وقالت: بعد قليل سيتصل بك أحد المسؤولين.

 فبعد ذلك اتصل شاب، شرحت له الذي أريده، ولما بدأ بالشرح قلت لهُ السيدّة التي كُنت أتكلم معها سابقاً أرشدتني إليك، فقال لي أن الآلة هي التي كانت تتحدث معي؛ تعجبت حينها وقلت في نفسي "ما كان في سيدة"؟

هذا جهاز مُبرمج حتى يجيبك على الأسئلة الشائعة والمعروفة، وهذه الأسئلة تستطيع الآلة أن تجيبك عليها، لكن السؤال الّذي سألته آخر مرة، ليس بشائع، لذلك حولتك إلي! لأن إجابة ذلك السؤال تحتاج إلى تواصل مباشر بين الشخصين، وأنا لستُ آلة"! فَالآلة كان أمامها عدة خيارات، فتحولها إلى لغة معروفة، حتى تعطي أمرا بتنفيذ الرد.

إذن العصر الرقمي هو ذاك العصر الّذي يمكن للآلة أن تقوم بالتخاطب وتنفيذ الأوامر بدل الإنسان، وبالتالي فهي تعمل بدلا منه، وهذه حدود دُنيا في استخدام الآلة، لكن لو توسعنا أكثر سنجد الكثير من العمليات المُعقدة التي تحتاج إلى عقول بارعة لحل المسائل، وذلك بتحويلها إلى وحدات ورموز يمكن للحاسوب فهمها في ثوانٍ، فقط انتظار إعطاء أمر للتنفيذ.

الثورة الرقمية فتحت فضاءات لا حصر لها للإنسان، حتى يستطيع أن يمتد، فلم يعُد الإنسان محدود بالذاكرة الصغيرة الّتي في عقله، إنما أصبح بإمكانه أن يمتد وأن يُضاعف مليارات الوصلات التي عنده وذلك عبر الكمبيوترات الموجودة، فكل ما تُريد تخزينه تخزنه في الكمبيوتر، وكل شيء تُريد أن تستدعيه، تستدعيه أيضًا من الكمبيوتر، عشرات السنين من عملك وتفكيرك تسترجعه في لحظة واحدة دون أن تمُر على شيء مُعقد.

فالثورة الرقمية أحدثت تحولات مُذهلة في هذا العصر، لكن لكل شيء ضريبته، يعني ليس هُناك شيء مجاني، فنتيجة هذا التطور الهائل ندفع ضرائب في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة.

 
الإنسان السلعة.. هل أصبح عاريًا منكشفا للعالم الخارجي؟ 

في الوجه الإيجابي للثورة الرقمية، زاد حجم المعلومات المُتاحة للإنسان بشكل مُذهل، ولك أن تتخيل الشركات التي تستخدم الكمبيوترات كم توفر من الوقت والجُهد، تستطيع أن تعرف عن أي موضوع خلال ثوانٍ فقط، تمدد هائل، ولكن في نفس الوقت، نتعرض إلى تهديدات ضخمة جدًا من اعتمادنا على الآلة بشكل كبير، فـبِإمكان ولد عمره 15 سنة أن يخترق البنتاغون أو البنوك مع ما فيها من تعقيد، والوصول إلى معلومات خاصة جاً ومهمة في نفس الوقت، وأن يشل الاتصالات، مثل فيلم (تيرميناتور) للممثل (أرنولد)، فَالآلات عندما تتطور تمد الفكرة إلى آفاقها البعيدة جدًا، فهل سيأتي يوم يتغلب فيه الكمبيوتر على العوائق ويستطيع أن يُفكر بنفسه؟ وأن ينتج قدرة على التحليل تتفوق على البرمجة الموجودة به، فهذا الفيلم فكرته مبنية على خيال علمي، فماذا لو تطورت الآلة؟ ماذا يُمكن أن تصنع؟

هُناك متشائمون من عصر الآلات، ويظنون أنهم في خطر ويؤكدون ذلك بقولهم نحنُ في خطر!

اليوم كل ما هو حولنا يعرف عنا معلومات، الساعة الرقمية هي عبارة عن العصر الرقمي، فهي تجمع معلومات عنك، الجوال، التلفزيون والرَادارات والكاميرات والحواسيب تجمع معلومات عنك، فأين يمكن أن تذهب هذه المعلومات؟

تذهب إلى الخوادم الضخمة الموجودة في العالم، وتشكل ثروة معلومات ضخمة عن كُل شخص موجود، (ميوله، وماذا يُحب وما هي الأشياء السرية والجهرية التي يفعلها؟) فالمُعَالجات تعرف عنا أكثر مما نعرفه نحنُ عن أنفسنا، الأشياء التي نبحث عنها في الإنترنت أيضًا تحفظها.

الذين يبحثون عن هذه المعلومات، ليسوا أشخاص عاديين، إنما يُجْرُونَ تجارب علينا، حتى أصبحنا نحنُ فئران تجارُب، بمعنى عندما تجد في مواقع التواصل الاجتماعي مادة وتتفاعل معها، توجد مراكز دراسات تدْرُس تفاعلاتناَ، لأجل أن تبني عليها استنتاجات، فنحنُ طول الوقت فئران تجارب، تُجرى علينا التجارُب دون أن نشعُر، تستفيد منها مراكز بحثية كُبرى، وتبيع هذه المعلومات لشركات كبيرة تعنى بهذه الدراسات.

الرأسمالية الموجودة في العالم، تستفيد من كُل معلومة لأجل أن تبيع لنا تلك المعلومة، وتأخذ من جيوبنا شيء ما، ثم تسيطر على تفكيرنا، نتيجة هذه الاختبارات والمسرحيات التي يجرونها، يحصلون على كل ما يخصك، حتى تصُب هذه المعلومات في تلك المُعَالجات الضخمة.

إذن في ظل الثورة الرقمية أصبح الإنسان عاريا منكشف للعالم الخارجي، وقد أصبحنا الآن في عصر الإنسان السُلعة، فأنت تساوي عند شركات المعلومات والاتصالات التي تتحكم بالمعالجات الضخمة رقم مالي تُباع من خلاله لجهات معينة، ممكن أن تتصل لتشتري بيت، فتجد أن مندوبين لِشركات عديدة تأتي لتعرض عليك البيوت، فمن أين علموا بنيتك لشراء البيت؟

ماتت الخصوصية وأصبحنا قابلين للتوجيه والتحُكم، من الّذي كان يُصدق أن يُباع لك بنطالون مُمزق وتدفع فيه مبالغ لا تخطر على البال؟ نحن نتواجد في العصر الرقمي كفئران تجارُب لأننا لا نمتلك مفاتيح هذا العصر، أصبحنا للأسف سِلع نُباع لأي مُستهلك، فَلم يعُد الموضوع أن تبحث عن السلعة، السلعة الآن هيّ الّتي تبحثُ عنكّ، وتَستهدفك، نستطيع أن نصف أنفسنا، بأننا عبارة عن خوارزميات مُعاصرة.

في الجانب الآخر من الصورة، اليوم لو تُريد أن تتحرك في العالم تستطيع أن تتواصل مع أهلك وكأنك تُجالسهم، القريبين لم نعُد نتحدث معهم، أما مع البعيدين فإننا نتواصل، هذا الاتصال العملاق الموجود، قرب البعيد وأبعد القَريب، في الماضي البحث عن معلومة واحدة يحتاج إلى العديد من الكتب، أما اليوم فبكبسة زِر تستطيع أن تحصل على عشرات المعلومات المطابقة لمَعلومتك، هذا كله أتَاحته لنا الثورة الرقمية، وأصبح بإمكاننا أن نتعلم اللغات عن بُعد ونتعرف عن أناس لا نعرفهم من بلاد أخرى.

هل يتحول أطفالنا إلى أغبياء أم هم يمتلكون ذكاءً من نوع خاص؟ 

هُناك من يقول أن أول وسيلة تعلم، هي القراءة.. فهي تُنمي عند الإنسان العضلات الفكرية بشكل كبير جدًا، تعطيه كثافة علمية وخيال واسع.

عندما تدخل على الشبكة العنكبوتية، التركيز يضعف والخيال ينقص؛ لأنه غير ضروري والحاجة للذاكرة قليلة جدًا، ولربما قبل الجوالات كُنت تحفظ عشرات الأرقام، الآن أنت لا تحفظ شيء، الجهاز يتكفل بذلك.

إذن عندما ندخل عالم الانترنت يقل تركيزنا ويزيد تشتتنا أكثر، لكن من الأشياء الطريفة أن ألعاب الفيديو بشكل عام تُحسن إبعاد الفراغ عند الأطفال، وتجعل لحظاتهم دقيقة في التفصيلات الموجودة في الأشياء، وتجعل من ردود أفعالهم سريعة، ويُلاحظون الانتظام داخل الفوضى.

ولذلك يقال: أن الأطفال لا يُمكن أن يتحولوا إلى أغبياء، ولكن يكتسبون ذكاء من نوع خاص، مع هذه الألعاب، فليس صحيحًا أن الأولاد أقل ذكاءً منا، لأننا نقرأ.. عندهم ذكاء خاص بهم، بطريقة نوعية.

ولذلك هناك من ينصح أن نقوم بتشكيل المُدخلات، بين القراءة والألعاب والتلفزيون، نشكل لهم هذه المدخلات كي يكتسبوا مهارات مُختلفة، لكن نسأل سؤال: هل فعلًا هذه الألعاب تؤثر من الناحية الأخلاقية عند الأطفال؟

نعم توجد دراسات تقول أن هذا صحيح ففي عام 2003 توصلت دراسة إلى " أنه كلما صغر سن الطفل كلما أصبحت قابليته للعنف أكبر بسبب مشاهدته لأشياء عنيفة تبثها اللعبة في نفسية الطفل، والسبب في ذلك أنه يحصل له تطبيع مع العُنف، يعني لا يعود القتل بالنسبةِ له صورة مؤذية، وتصبح صور الانتقام وردود الأفعال عادية جدًا مهما كانت قاسية.

وفي موقف طريق أكدت دراسة لسنة 2011 أن النساء يصبحنّ أكثر كيديّة، والدراسة شملت العديد من النساء، أيضًا، ووجدوا أن العُنصرية تزداد مشاكلها، لأنه يجب وضع ملابس معينة وأشكال معينة في اللعبة، حتى تصبح العنصرية شديدة.

عصر لا نستطيع مسايرته أو حتى ايقافه.. ما حاجة أمية التكنولوجيا؟ 

نحن بحاجة إلى القضاء على أمية التكنولوجيا، وجعل التعامل معها ايجابيًا، وعلينا أن نقتحم مجال البرمجيات، الذي بإمكان الجميع تعلمه والنبوغ فيه.. التطبيقات أصبحت متاحة في أغلب الدول، في الهند وغيرها، فَبالبرمجة نستطيع أن ندخل في هذا العصر. 

اتصلت مرة الولايات المتحدة الأمريكية على دولة عربية تطلب شخص قام من قبل باختراق البنتاغون!

فوجدوا المعني بالقضية طفل صغير عمره 15 عامًا، اتصلوا بدولته فوجدوا أن دولته وضعته في السجن، جاء وفد كبير من أمريكا يبحث عن الطفل، لكي يأخذه وعائلته ويعطونهم الإقامة ويهتمون بهم ويحصلون على الجنسية، فهذا الطفل استطاع أن يخترق أجهزة صُرفت عليها مئات الملايين، وقام باختراقها بسهولة، هذا يعني أن هناك عقل عبقري في مجال البرمجيات.

فنحن نحتاج أن نهتم بمجال البرمجة، لأنه ممكن ومتاح.. الكل يستطيع أن يُبدع فيه، ونحتاج في المقابل أن ننظر إلى الأمان الإلكتروني، لأننا أصبحنا مُتاحين للجميع، ولا نضمن خصوصياتنا.

نحتاج أيضًا أن ننتقل من دور الضحية الذي طالما جَسدناه، إلى تحمل المسؤولية كاملة تجاه أنفسنا وتجاه الأجيال القادمة، كنا في الماضي نُحسن لعب دور الضحية، لكن تحمل المسؤولية لا.

 نحتاج أن ننطلق بشكل كبير وبِمسؤولية، ننتقل من إدانة العصر إلى إدارته، فالوقت مهما اعترضنا عليه لن ينتظرنا.