في مدينة باكو الأذربيجانية على الساحل الغربي لبحر قزوين، كان المواطن الاذري "Gasimbey Mansurbeyov" يعمل في استخراج الملح من الآبار الملحية كما كان شائعا في تلك الفترة.
وأثناء عمله على أحد الآبار وعلى عمق 18 مترا فقط اكتشف تسرب سائل لزج أسود اللون إلى عمق البئر الملحي الذي يعمل عليه، وبعد تحليل عينة من هذا السائل تبين بأنه زيت عضوي شبيه نوعا ما بالدهن الحيواني. هذا السائل الأسود كان النفط، والمكان أذربيجان، والعام كان 1803 ميلادي.
تاريخ اكتشاف البشرية للنفط لأول مرة
التاريخ الحقيقي لاكتشاف النفط
على عكس الروايات التي تذكر أن النفط تم اكتشافه أول مرة في ولاية بنسلفانيا الأمريكية عام 1859م، فإن أول اكتشاف حقيقي للنفط كان عام 1803م في أذربيجان ووقتها كان استخدام النفط محصورا في إضاءة الشموع كبديل للدهن الحيواني.
- في عام 1846، أي بعد 43 عاما تقريبا من اكتشاف "Mansurbeyov"، بدأ إنتاج النفط بشكل تجاري لأول مرة في التاريخ من حقل "Bibi-Heybet bay" نفس مكان الاكتشاف الأول، وذلك بعد حفر البئر بالطرق الميكانيكية الحديثة لعمق 21 مترا فقط.
- بعدها توالت الاكتشافات النفطية في العالم بشكل متسارع، ففي عام 1852 تم تشغيل أول حقل نفطي في بولندا،
- ثم عام 1859 في الولايات المتحدة الأمريكية.
- أول اكتشاف للنفط في العالم العربي كان في البحرين عام 1925 ثم الكويت عام 1938.
أصل النفط
النفط هو بالأساس مواد عضوية؛ أي بقايا مواد طبيعية كالحيوانات والطحالب تسربت إلى باطن الأرض وتحولت عبر ملايين السنوات من تعرضها للضغط والحرارة الشديدة إلى هيدروكربونات والتي تشكل العناصر الأساسية للنفط. النفط الخام يتكون بنسبة 84% تقريبا من الكربون و14% من هيدروجين والنسب الباقية من الكبريت والأكسجين.
تصفية النفط
- النفط بحد ذاته غير قابل للاستخدام بشكل مباشر، فالمرحلة الأولى بعد استخراج النفط هي التصفية والتي تحول النفط الخام إلى مشتقات بترولية.
- كل برميل نفط خام والذي يعادل 160 لترا تقريبا يعطي بعد التصفية:
- 70 لتر وقود تجاري أو ما يسمى البنزين.
- 37 لترا من الديزل.
- 14 لترا من وقود طائرات.
- لتر واحد من زيت المحركات.
- 6 لترات من زيت الوقود الثقيل .
- أما الباقي فهو غاز وأسفلت.
استخدام النفط
- تستخدم مشتقات النفط في المواصلات والتدفئة بشكل أساسي، لكن هل تعلم أن مشتقات النفط تدخل في التركيب الأساسي لـ 6000 منتج نستخدمها بشكل يومي.
- مشتقات النفط تدخل في تركيب الأجهزة الإلكترونية والمواد البلاستيكية والمنتجات الرياضية ومنتجات التجميل وحتى الأدوية الطبية، أي أن العالم اليوم يعتمد على النفط في كل جوانب الحياة وبشكل كبير.
أنواع النفط
على الرغم من أن جميع النفط الخام يستخرج من تحت سطح الأرض إلا أنه هناك عدة أنواع للنفط الخام، ويتم تصنيفه على أساس درجة الكثافة ونسبة المكون الكبريتي.
كلما قلت نسبة كثافة النفط وانخفضت نسبة الكبريت كلما ارتفعت جودة النفط وارتفع سعره والعكس صحيح، فكلما ازدادت كثافة النفط وارتفعت نسبة الكبريت كلما انخفضت جودة النفط وانخفض سعره.
إن أفضل وأغلى نفط في العالم هو النفط المستخرج من ماليزيا حقل تابيس، أما في البورصات العالمية فالنفط الخام يصنف بحسب موقع الإنتاج الجغرافي، حيث نجد أن:
- رمز خام دبي عمان يشير للنفط المستخرج من الشرق الأوسط.
- رمز خام برنت فيشير للنفط المستخرج من حقل الشمال أي بين النرويج وبريطانيا.
- وبالنسبة لخام غرب تكساس فيشير للنفط المستخرج من أمريكا الشمالية.
- سلة أوبك ترمز للنفط المستخرج من منظمة الدول المصدرة للنفط.
تحديد أسعار النفط
كيف تتحدد أسعار النفط؟ الجواب السريع والمتعارف عليه هو أن أسعار النفط تتحدد بحسب حجم العرض والطلب على النفط في السوق، لكن هذا الجواب غير دقيق والموضوع معقد بشكل أكبر، فشراء وبيع النفط يتم على أساس العقود الآجلة، أي باختصار:
- النفط يتم بيعه قبل إنتاجه أو تسليمه للمشتري بعقود مستقبلية.
- يلتزم البائع بموجب عقود البيع الآجلة بتسليم النفط المتعاقد عليه في المستقبل على سعر يحدد الآن.
- السعر المتفق عليه يحدد على أساس تخمين لحجم الطلب في المستقبل أي بتاريخ تسليم النفط المتعاقد عليه.
- المشتري يتحمل المخاطرة أو الخسارة الناتجة عن هبوط سعر النفط بتاريخ التسليم.
وللتبسيط بشكل أكبر، إذا كان تقدير المضاربين في سوق النفط بأن حجم الطلب على النفط في المستقبل سيكون كبيرا فالسعر المتعاقد عليه اليوم يكون مرتفعا، وبالتالي حجم الإنتاج المتفق عليه يكون كبيرا.
تاريخ تسليم عقود النفط
- إذا كان حجم الطلب الفعلي على النفط بتاريخ تسليم عقود النفط أقل من المتوقع فسيتسبب بانهيار أسعار النفط بسبب وجود كميات نفط كبيرة وطلب قليل كما حصل خلال أزمة كورونا عام 2020، وكلنا يذكر عندما وصل سعر برميل النفط ل -3 دولار أمريكي بسبب كميات النفط الكبيرة المنتجة وانخفاض حجم الطلب لدرجة عدم توفر مستوعبات لتخزين النفط.
- أما إذا كان حجم الطلب المتوقع في المستقبل على النفط قليل فالسعر المتعاقد عليه اليوم يكون منخفضا، والإنتاج قليل، أما إذا كان حجم الطلب الفعلي على النفط أعلى من المتوقع فيتسبب بارتفاع أسعار النفط بسبب وجود طلب عالٍ وكميات نفط قليلة كما يحصل اليوم.
سرقة النفط
إذا نظرنا اليوم إلى أهم الدول المنتجة للنفط في العالم سنجد ضمن القائمة روسيا وإيران والعراق، وهذه الدول تعاني من أزمات اقتصادية عاصفة وبشكل دائم. أما إذا نظرنا إلى قائمة أغنى دول العالم فهذه الدول ليست دول نفطية على الإطلاق، إذاً فالنفط لم يحقق الرخاء الاقتصادي لمعظم الدول المنتجة بل على العكس تسبب لها أحيانا بحروب وحصار.
والأسباب للشيء الحاصل متعددة:
- إما سيطرة الدول العظمى على نفط الدول المنتجة بشكل عسكري مباشر، أو عن طريق التواطؤ مع حكومات هذه الدول، وبالتالي هذا النفط لا يدخل خزينة هذه الدول.
- فشل بعض الدول المنتجة في إعادة استثمار عوائد النفط في مشاريع تنموية حقيقية.
- وفي الغالب يكون لبيع النفط الخام بشكل مباشر دون إعادة تكريره وبيع مشتقاته؛ مما يضيع هوامش ربح كبيرة على البلد المنتج.
- وأخيرا اعتماد بعض الدول المنتجة على النفط كمصدر دخل وحيد وبالمقابل استيراد جميع الاحتياجات والتي غالبا ما تكون من مشتقات النفط المصدر.
باختصار إدارة الثروة النفطية بشكل ناجح هي أهم بكثير من استخراجه وبيعه كنفط خام.
مستقبل النفط
إن النفط الذي نستهلكه اليوم احتاج ملايين السنوات لتكوينه، وهو بحد ذاته طاقة غير متجددة، يعني كل برميل نفط يتم استخراجه لا يتم تعويضه، والإنسان استخرج واستهلك قسما كبيرا من مخزون النفط الخام خلال الـ 170 عام الماضي.
مراكز الأبحاث المتخصصة بالنفط تتوقع نضوب النفط في معظم دول العالم خلال الـ 30 عام القادم فيم عدا السعودية والتي يتوقع نضوب النفط منها بعد 80 عام إذا استمر التنقيب والاستهلاك بنفس المعدلات التي نراها اليوم، يعني أن النفط سيختفي وإلى الأبد بعد 80 عام على الأكثر.