(المُستكثرُ) من السلاسل في رمضان متى يربطُ بها نفسه ويجدُ على ذلك مُعينا؟
كان يفترض بالسلاسل أن تُعين على العمل، فباتت السلاسل قيودا تمنعُه.
رمضان شهر إعادة ترتيب حال النفس مع العبودية، وتنظيمٌ لحالها الصلاة المفروضة، وتركيب لأجزاء ناقصة هنا وهناك، وإقحام عادات عبودية حسنَة يتمكن العبد من المداومة عليها بعد رمضان ( وأكثرُ ذلك عمَلي)..
إن في رمضان شروطا لا تتوفر مجتمعةً في غيره من المواسم؛ فلا تشغلوا وقتكم الثمين فيه بما يمكن تأجيله لأوقات أخرى..
عُدّةُ المعاني، والقوتُ النظري كالسلاح للمحارب؛ لا ينشغل في الميدان بتحصيله بل ينشغل بتفعيله، فما يكون في رمضان من سلاسل نافعة لا حصر لها يليق بأن يُجعلَ زادا يُقتاتُ منه قُبيل رمضان القادم؛ أما رمضاننا الحاضر فالتزود له كان في رجب وشعبان.
ولست أقول أن كل مسموع أو مشاهَد في رمضان غير نافع؛ لكن الانضباط صعب، والأولوية في رمضان للعمل بالعِلم، والانتفاع بالمواعظ تقويما للنفس وتشكيلا لها في ميدان اليوم والليلة أعمالا وأورادا ووظائف، وما يصلحُ للقلة المتحركة والأنفس المبرمجَة مسبقا لا يصلح لأكثر الناس المقصّرين في الأسُس.
ولا يخفى عليكم أن أكثرنا في حاجة لضبط الأولويات ووضع أرجلنا على سلّم السّير، وجلّنا في ذلك العروج بالطابق الأرضي، ولكلّ طابق وظائفه وواجباته؛ فلا تسيروا وفق برامج غيركم إلا ما وافق طوابقكم وحاجات أنفسكم التعبدية وترميم أبراجكم المتضررة؛ فرمضان ورشة ترميم لنفسِك، وأنت أدرى بنقصك.
لا تنحجب عن الإنصات والتركيز بكثرة الضجيج، وقد يكون الضجيج اجتماعا لمنافع في غير وقتها على غير ترتيبها الصحيح، واسأل نفسك الأسئلة الصحيحة الصريحة ودعك من الهروب إلى الأمام.
ليس كلّ شَغلٍ للوقت بما (ينفع) إنجازا.
الإنجاز أن تنتفع، وأعظم الإنجاز أن يدومَ انتفاعك ويصير طبعا، ولا يكون ذلك بأن تأخذَ من كلّ بستانٍ زهرة كما يُقال، بل بأن تعتكف في بستانك مع زهرة أو زهرتين، لأنك قد تخرج للتجوال في البساتين النافعة؛ فإذا رجعت وجدتَ موسم الزرع قد انقضى وشروطَه قد تفرّقت، ومن لك بجمِعها مرة أخرى؟
رأيي أنها فتنة من الفتن، وقد تكون الفتنة جميلة.