العالم الإسلامي موحد حتى في فوضاه ومشاكله وأزماته. بل لعل من أهم ما يجمعه هو مظاهر الفوضى وعدم الانتظام في الأفكار والتصرفات بل حتى المشاعر.
ومن مؤشرات غياب الوعي بالنظام والتربية عليه، وفقدان الإيمان لفعاليته الاجتماعية في عالمنا الإسلامي، أن التدين عندنا في غالبه فردي سلبي غير اجتماعي، ربما بسبب تطاول سنين التخلف وربما بفعل تغييب التربية الإيمانية الاجتماعية .
فعلى سبيل المثال، تجد في أغلب مساجدنا أن المسلمين يسارعون لصلاة الجماعة في المساجد، بما تعنيه صلاة الجماعة من انتظام في الصف وتوافق في السلوك الجماعي في أداء شعيرة الصلاة، ولكن هذه الشعيرة العظيمة لا تجد لها فعاليتها الاجتماعية في النهي عن المنكر كما جاء في القرآن الكريم مبينا ما تؤدي إليه الصلاة من نهي عن الفحشاء والمنكر، إضافة لمقصدها الأكبر وهو ذكر الله.
فإنك إذا أقبلت على مساجدنا تجد مظهرا يشوه مدخل المسجد، ويشكل منظرا قبيحا، حيث ترى أدراج الأحذية فارغة بينما الأحذية تملأ المدخل وتعيق الدخول وتفسد الذوق وتشوه المنظر وتفسد النظام.
وهذه الظاهرة رأيتها في مساجدنا في أغلب المجتمعات الإسلامية التي زرتها غنية أو فقيرة، وعربية أو أعجمية!
قد يقول قائل كيف يكون وضع الأحذية مؤشراً على الفصام بين أداء الشعائر وبين النظام الاجتماعي والحفاظ على الذوق الجمالي للمسجد وللصلاة وللجماعة وللمصلين.
ولكني أراه مؤشراً خطيرا على فقداننا للتربية الاجتماعية التي هي من مقاصد الشعائر الإسلامية. ومن عجز عن وضع حذائه في مكانه رغم وجود الأدراج المعدة لذلك، فإنه سيكون أعجز عن الانتظام في اي عمل يخرج أمتنا من تخلفها؛ كبر ذلك العمل أم صغر.
ولا يمكن أن نطمح إلى أداء الواجبات الكبرى ونحن عاجزون عن أداء الواجبات الصغرى، ذلك "أن المنجزات الكبرى في التاريخ تبدأ بأبسط الواجبات" كما يقول طبيب النهضة وفيلسوف الحضارة الأستاذ مالك بن نبي عليه رحمة الله.