قبل سنتين تقريبًا قرأت كتاب للعالم الإسلامي محمود مصطفى والذي عرض فيه بطريقة سلسة أسئلة وأجوبة عن معنى الإله عند الكثير من البشر. وكيف أنه سافر إلى الكثير من المناطق واطلع على معتقدات بعض البشر الذين يعبدون النار والبقر والجرذان والشمس والجبال، واستخلص الكاتب أن فكرة الإله موجودة عند البشر جميعًا. وهو الوجود العظيم الذي ليس كمثله شيء. فبعضهم اعتقد أن الجبل أعظم ما في الوجود والآخر اعتبر أن الشمس هي الأعظم وهكذا.

ورأيت نفس الفكرة عند فريمان مورغان في برنامج وثائقي يُعرض على نتفليكس. فقد سافر مورغان إلى الكثير من الدول وتعرف على الكثير من الثقافات وتعرّض بالدراسة لأفكار الكثير من الديانات مثل: الإسلام، المسيحية، اليهودية، الهندوسية وكذلك الفرعونية ليتحرى عن الكثير من الأسئلة والمواضيع التي طرحها بشكل مشوّق جدًا في حلقاته المتعددة ومن هذه المواضيع:

1- ما بعد الموت Beyond Death

كان سؤاله في هذه الحلقة ( ماذا يحدث عندما نموت؟)، طبعًا هو سؤال بديهي بالنسبة لنا كمسلمين (أو أياً من أهل الكتب السماوية). ولكنه عرض أفكار تعتبر جديدة بالنسبة لنا عن بعض الفراعنة الذين أرادوا الخلود فشَيدوا قبورا بطريقة مختلفة ظنًا منهم أن روحهم سترد إليهم كلما ذكر أحد إسمهم. كذلك كيف تفكر الديانة الهندوسية بهذا السؤال؟. وبالنهاية ما هي نظرة العلم وطرح السؤال التالي: هل يستطيع العلم تحدي الموت؟

نحن كمسلمين نعرف معنى الموت (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ) [ سورة الملك الآية: 2].وإلى أين تذهب الروح (البرزخ) وما هو مصير الروح الشريرة (النار) والروح الطيبة (الجنة). وما من سؤال من هذه الأسئلة التي حيرت البشرية إلا وعلّمنا إياها رسولنا الكريم وأنزله الله في كتابه الكريم.

2- نهاية العالم Apocalypse:

تساءل عن نهاية العالم والمعروف لنا بِيوم_القيامة. وكيف أن البشر ينتظرون هذا اليوم منذ بداية الخلق. وعن بعض النبوءات التي تذكر قرب حدوثه (أو ما نعرفه نحن بأشراط الساعة). 

ذهب إلى القدس وتكلم مع خبير في سياسات اللاهوت اليهودي عن سبب الصراعات التي تحدث في القدس. (سيقول البعض أننا لا نصدق مقولاتهم كيهود ولكن ما ذكره يشابه كثيرًا معتقداتنا الدينية لأن المصدر السماوي واحد). وفي بيت المقدس وقف هو والعالم على مكان مرتفع وعرض لنا مكان قبة الصخرة وهي معرج رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، إلى جانبه جبل الزيتون والذي يعتقد أنه مكان التقاء سيدنا عيسى عليه السلام مع الحواريين. وأشار إلى البراق (وهو الحائط الذي قام سيدنا محمد عليه السلام بربط البراق إليه في ليلة الإسراء والمعراج وكذلك يسميه اليهود بحائط المبكى و يزعمون أنه ما تبقى من هيكل سليمان، وذكر كيف أن الديانات جميعًا تعتقد أن نهاية العالم (يوم القيامة) ستكون في هذه المدينة المقدسة؛ بنظري أنه لم يكن عادلًا في هذه الحلقة لأن أغلب الأفكار كانت من الديانة اليهودية. 

3- من هو الله who is God ؟

وتطرق في سلسلته بالحديث عن فكرة لله وعن ما إذا العلم نفسه الذي لا يقبل إلا بالمَاديات والمحسوسات والتجارب والإثبات توصل إلى حقيقة أن هناك حياة بعد الموت، ولكن العلماء لم يفصحوا عنها بعد، لأنها تنافي استراتيجيتهم بالتفكير ألا وهي الإثبات العقلي (evidence).

تحدث مورغان كيف أن سيدنا موسى عليه السلام تكلم مع الله، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عرج به إلى السماء. ويتحدث ويقول أنه مسيحي ونشأ على فكرة أن الله تجسد في سيدنا عيسى، وهو يعلم أن ليس جميع البشر تؤمن بهذه الفكرة، فسافر إلى الكثير من البلاد ليعرف ماذا يعتقد البشر عن فكرة الإله؟

طبعًا هناك الكثير من الشركيات التي لا نؤمن بها، ولكن من المهم أن نعرف كيف يفكر غيرنا لنَشكر الله على نعمة الإسلام

و كأن فكرة الإله عند جميع البشر منذ أن خلق الله الأرض ليست فكرة فحسب، بل هي شيء مغروس في تركيبتنا لا يمكن فصله عنّا. 

ومن خلال ما قدمه لنا في هذه الحلقة رأيت أنه عند الكثير من البشر هناك تشويش بين فكرة الإله وفكرة الروح، أما من أنكر حقيقة وجود الله فقد أنكرها على العلن، ولكنه لا يمكن له أن ينكرها داخل نفسه فقد قال الله (واستيقنتها أنفسهم)[سورة النمل الآية: 14]لأن فينا نفخة من روح الله لا يمكن لأحد انكارها.

4- قوة المعجزات the power of miracles:

تحدث فيها عن الكثير من المعجزات التي حدثت وقصص حقيقية لأناس شارفوا على الموت وكتب لهم الله الحياة من جديد.

5- الجنة والجحيم heaven and hell: 

تكلم فيها عن فكرة الخير والشر والجنة والنار.

6- إثبات وجود الله proof of God: 

من أكثر الحلقات التي جذبتني وكررتها كثيرًا، تكلم فيها عن القرآن والذي هو كلام الله وأن مجرد وجوده عند المسلمين ووجود الأوامر الإلهية يثبت وجود الله. فذهب إلى المركز الإسلامي في واشنطن والتقى بالدكتور أمير حسين وهو باحث في التراث الإسلامي وتحدث عن أهمية القرآن للمسلمين ولذلك اشتهروا بالنقوش والخط العربي، و الآيات المكتوبة على جدران المساجد. و منها انتقل للتحدث عن فن كتابة القرآن بخطوط متعددة فقد تحدث مع أمريكي أسلم من شدة حبّه لكتابة القرآن.

وأسهب في هذه الحلقة لِيتحدث عن العلم وأكثر ما فتح عقلي وانْشرح له صدري في هذه الحلقة هو نهايتها التي قابل فيها العالم الذي قال إن العلم لا يفصلنا عن الله، بل يقودنا إليه. 

لم أكمل حلقات السلسلة بعد، ولكن انصحكم بمتابعتها والنقاش مع أبنائكم عن أفكار العالم والبشر بما يخص معتقداتهم عن الله والروح ويوم القيامة، ولا يسعني إلا أن أحمد الله على أن جعلنا مسلمين.