تتأخر دوماً في العمل بعد انتهاء الدوام، لا ترفض أي مهمة تقدم إليك، ولا تفوت المواعيد النهائية أبداً، ولا تتغيب عن أي اجتماع حتى وإن كنت في إجازة، حتى أصعب وأعقد المشاريع تقفلها بنجاح وقبل الموعد المحدد. وهل تعتقد أنه من خلال القيام بكل ذلك، ستحصل ولو لمرة واحدة، على شكر وتقدير الإدارة، للأسف أنت موهوم.

لسوء الحظ، مديرك المباشر مشغول بحل مشاكل زميلك "المشاغب" وينسى إظهار أي تقدير "للنجوم".

الكثير منا عاش بمثل هذه المواقف المؤلمة، تبذل كل ما بوسعك وأكثر ولا تحظى حتى بكلمة "شكراً"، صدقني الأمور لا تمضي هكذا.

في المقابل التباهي بالإنجازات بكل تأكيد أمر غير مستساغ، لكن تأكد إذا لم يستشعر مديرك قيمة عملك الشاق، ولم تظهره بما فيه الكفاية، فلن تحصل على أي ترقية أو زيادة في عملك، فلا بد أن تروج لعملك وإنجازاتك.

سأوضح لك كيف يمكن أن تحصل على التقدير الذي تستحقه دون أن تظهر بمظهر المغرور.

الخطوة الأولى: حدد ما تريد

هناك العديد من أنواع التقدير، لذا حدد النوع الذي تريده.

من المتعارف عليه أن هناك العديد من الشركات التي تقدر الموظفين بتقديم جوائز أو شهادات أو مكافآت أو تكريم رمزي، إلا أن هناك عدد كبير من الناس يريدون الثناء والشكر، يريدون أن يشعروا أن عملهم له مغزى وأنهم أحدثوا فرقاً في وظيفتهم، في هذه الحالة المبلغ المالي لا يعني لهم الكثير.

إذن، ما الذي تبحث عنه بالضبط؟ من المهم تحديد هذا جيداً، لأن كل إنسان يريد شيئًا مختلفًا. هل تريد كلمة "شكراً" بسيطة؟ أو أن تكون من ضمن المكرمين في حفل توزيع الجوائز؟ أو تريد زيادة مالية وترقية؟

حدد ماذا تريد.

الخطوة الثانية: حدد لماذا تستحق التقدير

لا تدخل على مديرك دون أن تستعد جيداً لتقول ما العمل الجيد الذي حققته، الاستعداد سيخفف من حدة اللقاء الذي في الغالب يكون مشحون بالتوتر والارباك فتنسى القيمة الرئيسية التي تريد طرحها في حديثك،

اكتب قائمة بالإنجازات التي ترغب في مناقشتها. بجانب كل واحدة، اذكر القيمة التي جلبها الإنجاز للشركة.

No alt text provided for this image

الخطوة الثالثة: اذكر نفسك بخير

هنا يجب أن تبدع، أنت تعرف مديرك وبيئة عملك، لذا فكر بطريقة ذكية لإخبار مديرك بمدى صعوبة عملك وتفانيك فيه والإضافات التي تقدمها.

إذا تحدثت بشكل مباشر، فكن حذراً ولبقاً.

هل تذكر قائمة الإنجازات التي تحدثنا عنها قبل قليل، اقرأها جيداً قبل الجلوس مع مديرك، وأثناء الحديث، شدد على أهمية تقدير المواهب.

قد تشعر أن هذه الطريقة قريبة جداً من طرق التباهي الممقوت، لذلك احرص أن تذكر إنجازاتك من خلال القصص واستشهادات الآخرين وإشادتهم بك وبما تقوم به.

واحرص دوماً على أن تبلغ مديرك أولاً بأول بكل إنجاز حققته، عندما تحقق مبيعات جيدة، أو إذا استطعت اقناع أحد المتخصصين للانضمام للشركة، أو عندما نجحت في إغلاق ملف عمل شائك، هذه التقارير الدورية والإبلاغ المستمر تمهد الطريق لطلب التقدير الذي تستحقه.

إضافات ذكية

من الاستراتيجيات الذكية التي يمكن أن تستخدمها هي الثناء على زملائك أمام مديرك، من خلال لفت انتباهه إلى العمل الجيد والإنجاز الملحوظ، لتعزز ثقافة التقدير. لكن اثنِ بصدق.

تفحص دائماً تصرفات مديرك، قد تجد أن مديرك يظن أنه منحك التقدير الذي تستحقه، لكن في الحقيقة ما قدمه لا يلبي توقعاتك، أحد الدروس التي تعلمتها في رحلتي القيادية، بأني كنت أقدم تقديري ودعمي للمرؤوسين بطريقة تتوافق مع احتياجاتي أنا لا احتياجات الفريق، فقد كانت لدي طريقتان في تقديم التقدير. مثلاً (وهذه الطريقة الأولى) فلسفتي في التقدير أني أشجع قبل العمل وأشكر بعد إنهاء العمل بنجاح وأقدم ملاحظات بهدف التحسين، والطريقة الثانية أني كنت أحرص على تطوير المرؤوسين من خلال عقد جلسات كوتشينج أو إشراكهم بدورات تدريبية متميزة وتقديم التوجيه اللازم لهم لتحسين أدائهم. اكتشفت لاحقاً أن احتياجاتي للتقدير تختلف اختلافاً كلياً عن احتياجات فريقي.

لذلك احرص دائماً على أن توضح لمديرك نوعية التقدير الذي تريده.  

في بعض بيئات العمل تجد أن القادة يهتمون أكثر بالسلوكيات التي تصنع المشاكل، ويتجاهلون السلوكيات الجيدة، فينصب تركيزهم على إخماد آثار التصرفات السيئة على أداء الشركة والموظفين، إذا كنت تعمل في مثل هذه البيئات ففكر بالقيام بشيء جريء لجذب الانتباه، لا أدعوك هنا للقيام بخطأ لينتبهوا إليك، لكن عليك أن تخبر مديرك بصراحة، أنه يجب عليهم الثناء على السلوكيات الحسنة، وكما قالوا لمن أساء "أسئت"، يجب أن يقولوا لمن أحسن "أحسنت". 

كثير من المهنيين الذين عملت معهم وقدمت لهم استشارات لا يرتاحوا للحديث عن نفسهم وإنجازاتهم، وهم بهذه الطريقة يؤذون أنفسهم. إذا كان مديرك لا يلحظ العمل المتميز الذي قمت به، فقد تذهب الترقية والتقدير المستحق لك لغيرك، إذن الأمر متروك لك لإثبات نفسك وقدرتك على تحمل مسؤولية المنصب الأعلى، فيجب أن يعرف مديرك حقيقة ما تقوم به، وحقيقة قدراتك.

لن أنسى أبداً محادثتي الأخيرة مع أول مدير لي قبل 19 عام تقريباً، بعد أن قدمت استقالتي من الشركة، قال لي: "محمد عملت معك ثلاث سنوات ولم أكتشف قدراتك ولم أعرف مستوى مهاراتك إلا في آخر 6 أشهر، محمد أنا بشر إذا لم تعرفني بنفسك وبنقاط قوتك الحقيقية فسيقوم غيرك بتعريفك بطريقته".