تعتبر التطعيمات من الأنفلونزا الموسمية مثالا رائعا على التأثير الإيجابي للعوامل الخارجية، فالشخص الذي يأخذ التطعيم لن يحمي نفسه فقط، بل سيحمي الآخرين أيضا لأنه سيَمنع انتقال العدوى، ويقدر الخبراء أن كل شخصين يأخذان التطعيم يعملون على حماية فرد واحد من العدوى. أيضا تطعيم أربعة آلاف شخص يساهم في إنقاذ حياة فرد واحد من الانفلونزا، نتيجة لذلك، انخفاض نسبة الغياب عن العمل وزيادة الإنتاجية. 

على الرغم من المنافع الاجتماعية للتطعيم، إلا أن المشكلة تكمن في أن الناس عادة لا يقدرون أهمية التطعيم، وبالتالي يصبحون أقل تحفيزا لأخذ التطعيم، وتوجد عدة طرق للتعامل مع هذه المشكلة منها فرض القوانين لتطعيم الأطفال في المدارس، وتوفير التطعيم مجانا من قبل الحكومات والشركات.

عطفا على المثال السابق، نرى تأثر أسعار السوق واضحا في حالة جائحة كورونا، كلما سمعنا خبر نجاح إحدى الشركات في مراحل اختبار اللقاح الخاص بفيروس كورونا، ترتفع أسعار أسهم الشركات في البورصة، خصوصا في قطاع الطيران، بمعنى آخر، استفادت شركات الطيران ماليا من نتائج اختبارات اللقاح الجديد لفيروس كورونا، دون مشاركة الربح مع الشركات المنتجة للقاح، نتيجة لذلك تصبح شركات إنتاج اللقاح أقل تحفيزا للعمل على إنتاج اللقاح الجديد.

بناء على ذلك، نرى اختلاف وجهات النظر بين الاقتصاديين والناس العاديين، عادة ما يقلق الأفراد من ارتفاع أسعار اللقاح، وطمع الشركات المنتِجه في زيادة الأرباح، بينما يقلق الاقتصاديون من أن الشركات المصنعة للقاح لا يربحون بالشكل الكافي لتحفيزهم على إنتاج اللقاح بالسرعة المطلوبة. 

وللحد من هذه المشكلة، تقوم عدة مؤسسات وحكومات على دعم مختبرات الأبحاث في الجامعات وإعطاء حقوق الملكية للشركات المصنعة للقاح.

في حالة جائحة كورونا، الحلول السابقة غير ناجعة بتاتا، ذلك لأنه سيكون من المتأخر جدا دعم مراكز البحوث في الجامعات، أيضا، فكرة إعطاء حقوق الملكية للشركة المصنعة للقاح ستعمل على زيادة أسعار اللقاح وبالتالي ستؤثر سلبا على الأفراد والشركات، والنتيجة سوء استخدام الموارد، إذن ما الحل؟

إذا لم يكن باستطاعة الشركات زيادة الأرباح لأسباب سياسية مثلا، اقترح الاقتصاديون أنه من المهم التركيز على المشاركة في التكاليف الخاصة بإنتاج اللقاح الخاص بفيروس كورونا مع الشركات المصنعة. 

حتى تنجح هذه الفكرة، يجب على الحكومات تحمل المخاطرة وأن تشارك التكلفة مع المختبرات الخاصة بإنتاج اللقاح الخاص بفيروس كورونا بالتزامن مع بناء مصانع تكون جاهزة لإنتاج ملايين التطعيمات. صحيح أن الحكومات ستقوم بمجازفة كبيرة في مشاركة تكاليف إنتاج اللقاح، ولربما ستخسر أموال طائلة لعَدم تمكن بعض الشركات المصنعة من تخطي المراحل الخاصة بإنتاج اللقاح. إلا أن التكاليف الاقتصادية والاجتماعية ستكون أكبر في حال عدم توفر التطعيمات في الوقت المناسب لملايين البشر. نتيجة لهذا الاقتراح، ستتمكن الدول من حفظ أرواح آلاف البشر وستساهم في انتعاش الاقتصاد مرة أخرى في أسرع وقت ممكن.