القراءة في هذا الزمان فرض على كل من يحسن القراءة، حيث إن الأمة لن تنهض إلا بتنمية عقل الفرد وهذا لا يتم إلا بالقراءة، إن القراءة فن تصنع المثقف الناضج ولا بد لهذا المثقف أن يكون مرتب الأفكار واضح الرؤية وهذا لا يأتي مع القراءة العشوائية.
من هنا نتعرف على القراءة بمنهجية وأهمية القراءة السريعة وأيضا خطوات تساعدك على ذلك وكيف تقرأ قراءة فعالة ؟ وكيف تفهم ما تقرؤه؟
أولا: لماذا لا نقرأ؟
لا يستطيع مجتمع أن يركب سفينة الحضارة دون أن يقرأ، فأمة تقرأ أمة ترقى، وكلما عزفت عن القراءة تتردى وتتهاوى الأمة في هاوية التخلف، أن صدود الناس عن القراءة يكمن في صعوبة القراءة عليهم، وعدم معرفة المنهجية العلمية لطريقة القراءة.
نشر تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2004 والذي أشرف عليه المئات من الخبراء والعلماء والباحثين، ووصلوا إلى النتيجة المذهلة القاتلة، إن ثلث الرجال ونصف النساء لا يقرؤون عندها تساءلنا أسئلة لم نجد لها جوابا، لماذا أمة أقرأ لا تقرأ؟ وبكل صدق، إنه ما لم نصلح طرق قراءتنا، فسيظل تعاملنا مع المعرفة سيئا ينعكس علينا بالتخلف والتراجع.
حال ابن الجوزي في القراءة
قال ابن الجوزي "وإني أخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابا لم أره فكأني وقعت على كنز، ولقد نظرت في بيت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد، وفي ثبت كتب أبي حنيفة، وكتب الحميدي، وكتب شيخنا عبد الوهاب ابن ناصر، وكتب أبي محمد بن الخشاب وكانت أحمالا، وغير ذلك من كل كتاب أقدر عليه، ولو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلد، كان أكثر وأنا بعد في الطلب...".
ثانيا : اقرأ بمنهجية
إن أقل حجم القراءة حتى يكون الإنسان منهجيا، هو قراءة كتابين في الشهر، أحدهما في تخصصك (في أي مجال)، وكتابا آخر خارج مجالك وتخصصك.
قيل لأرسطو: كيف تحكم على إنسان ؟
فأجاب: اسأله كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ؟
أما حجم الكتاب الواحد بمتوسط (200) صفحة، والفرق العلمي بين الكتاب والكتيب هو أن الكتاب ما زاد عدد صفحاته (49) فأكثر، والكتيب عدد صفحاته (49) فأقل،
فالذي يقرأ 400 صفحة شهريا وصل إلى الحد الأدنى من الثقافة (ولا تحسب من ضمنها الجرائد والمجلات أو الأنترنت أو الكتب المدرسية والجامعية).
ومن يريد أن يكون مفكرا أو عالما (في أي مجال)، عليه قراءة سبعة كتب شهريا والأفضل عشرة.
ثالثا: تعلم القراءة السريعة
القراءة السريعة استغلال للأوقات وحتى نتعود عليها تحتاج منا إلى كثرة تدريب وتمرين، فالقراءة لا يمكن أن تصبح عادة عملية إلا من خلال العمل والقراءة والممارسة والتمرين.
يقول الخبراء أن 80 – 90% من المعلومات التي تحصل عليها تأتي عن طريق القراءة، وتتطلب القدرة على المعيشة في الحياة اتباع أساليب وتقنيات جديدة في القراءة، ولاحظ إن الشخص المتوسط للذي يقرأ 250 كلمة في الدقيقة يحتاج إلى يوم كامل ليقرأ كتابا من 300 صفحة، أما القراء الذين يقرؤون بسرعة 750 كلمة في الدقيقة يستطيعون الانتهاء من الكتاب نفسه في أقل من ثلاث ساعات، أليست تقنية مهمة مقابلة للتعلم.
سر النجاح في تخصيص وقت يومي تدريبي بين النصف ساعة إلى الساعة ولمدة ستة أسابيع، فالقراءة السريعة مهارة تدريبية.
وأنت تستطيع لو أردت فما عليك إلا التدرب المستمر والمشاركة في الدورات التطويرية عند المدربين المتميزين في تعليم القراءة السريعة.
لجعل القراءة السريعة والفهم مرتبطين لا ينفكان، فالقراءة البطيئة هدر للأوقات، والقراءة بدون فهم تصيب الإنسان بالإحباط، ويقول الحافظ عبد الله محمد الهروي: "إن الهوايات المحببة لا تنال عموما إلا بالمواظبة والمران والتدريب، المحدث يجب أن يكون سريع المشي، سريع الكتابة، سريع القراءة".
رابعا: اقرأ كتب المذكرات الشخصية ولمن تختلف معهم
قراءة كتب المذكرات الشخصية هي خلاصة حياة إنسان وضعها في كتاب وبها دروس ومعاني وخلاصة التجارب والخبرات من حياتهم وانصح بقراءتها.
أيضا القراءة لمن لا تتفقون معه، إذا ما قرأتم في هذه الحالة لن تعرفوا وتظلون في الجهل.
ولا تقرأ الروايات هي مضيعة للوقت بشرط فهي ضرورية للأدبيين، ويجب أن لا تتعد معدل 10% من قراءتك.
خامسا: خطوات تساعدك لتقرأ أكثر
- حدد هدفك ماذا تريد من القراءة (المتعة، تعلم مهارة، زيادة العلم في أمر ما).
- أفهم الكلام المكتوب بالنظر.
- حاول أن تقرأ الكلمات كمجموعات.
- اقرأ فقط ما انت بحاجة إليه (لا تقرأ كل شيء يمكنك عدم قراءة الأمور التفصيلية غير المهمة، او الأمور التي تعرفها سابقا، أو الأمور الواضح إن الكاتب يقصدها).
- اكتب أثناء قيامك بقراءة أي شيء (لخص أهم النقاط، أو ضع دائرة او ضع خطا تحت الجمل الهامة).
- لا ترجع (ضع اصبعك أو قلما على الكلمات التي تقرأها، وواصل حتى لو شعرت انك لم تفهم التفاصيل فقد فهمت المعنى العام ولا تعيد أي سطر أو كلمة).
- أقرأ بعينيك بدلا من استخدام شفتيك.
- اقرأ في مكان هادي بعيد عن التشويش.
- حاول تدريجيا ان تزيد مدة القراءة حتى تصل للرقم الجيد وهو ساعتين يوميا (بينهما 5 أو 10 دقائق للراحة).
القراءة السريعة عند السلف
- قرأ الخطيب البغدادي على كريمة《 احدى روايات الحديث 》صحيح البخاري في خمسة أيام.
- قرأ الحافظ ابن حجر صحيح البخاري في عشرة مجالس من بعد الظهر إلى العصر، وصحيح مسلم في خمسة مجالس في نحو يومين وشطر يوم، والنسائي الكبير في عشرة مجالس كل مجلس منهما قريب من أربع ساعات، وفي مدة إقامته بدمشق وكانت سبعين يوما قرأ قريبا من مئة مجلد.
- كان بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات ينظر في الكتاب نظرا خفيفا، ويحفظ أوراقا ويؤديها من أولها إلى آخرها، وهذا منتهى السرعة مع الحفظ.
إذًا القراءة الفعالة لها منهجية، وحتى يكون الإنسان منهجيا، هو قراءة 400 صفحة شهريا، ومن يريد أن يكون عالما عليه قراءة من 7 إلى 10 كتب شهريا، نصفها في التخصص والنصف الثاني في التخصصات الأخرى بالإضافة إلى تعلم القراءة السريعة وأيضا قراءة كتب المذكرات الشخصية، ولمن تختلف معهم.