• %38 ينتجون بمعدل أقل من ساعتين في رمضان.
  • %85 يفضلون تعطيل دواماتهم بالعشر الأواخر من رمضان.
  • %67 يفضلون العمل ثلاث إلى أربع ساعات.
  • %66 يؤيدون بدء العمل في التاسعة صباحاً و15% بالعاشرة.

ما رأيكم بهذه النتائج؟
لا ينبغي أن نجعل من شهر العبادة ذريعة للقصور المهني والإنتاجي وتدمير العلاقات المهنية، ولا ترضى لنفسك أن تكون أحد المساهمين في رفع نسب القصور في الأداء والإنتاجية في المجتمع المسلم. شرّع الله تعالى الصّيام لتنقية الرّوح وتصفية الإنسان من وطأة الشهوات المباحة فيغدو خفيفاً ليزيد نشاطه ويتخلّص جسده من الدهون وقلبه من الذنوب والضغائن.
امتداداً لتلك النتائج التي تمخضت عن دراسة تحت مسمى «اتجاه تأثير الصيام على العاملين في شهر رمضان‏ في الكويت». تبين للباحثين عكس الاعتقاد الشائع وهو أن الصيام معوق رئيسي لأداء العمل بجودة وإتقان، حيث كشفت الدراسة أن 40% قالوا إنهم يستطيعون إتمام الأعمال الموكلة إليهم بالجودة المطلوبة أثناء الصيام، غير أن 24% من الصائمين يواجهون صعوبة ملحوظة في أداء أعمالهم بالجودة المطلوبة. وأكّد 60% أن الصيام لا يؤثر على إنتاجيتهم بصورة ملحوظة، في حين قال 20% إن الصيام يؤثر بشكل مباشر على إنتاجيتهم.

المشكلة ليست في الصيام نفسه كما هي في إدراك الصائم وفهمه للصيام، فقد أثبتت الدراسات الطبية أن حركة الصائم ونشاطه صباحاً تزيد من قدرة الجسم على حرق الدهون وتصفيته من السموم.

إن للحركة والعمل والنشاط أثناء الصيام في الأشخاص الأصحاء فوائد عظيمة.. جسدية (فسيولوجية) وعقلية وروحية، فمن الفوائد الجسدية أن الصيام الإسلامي يساعد على التخلص من سموم الجسم وتحريك وحرق المخزون الدهني، إضافة إلى تنشيط عمل بعض الوظائف التي قد تكون خاملة طوال العام، كما يحقق الراحة لبعض أعضاء الجسم التي تعمل طوال العام بدون راحة مثل الجهاز الهضمي المعدة والأمعاء.
والنوم والكسل والخمول أثناء النهار يعطّلون هذه الفوائد ويعطون الجسم إشارات خاطئة تؤدي إلى استهلاك الطاقات في صناعة البروتينات بدلا من إبقائها في صورة قابلة للاستعمال السريع ومتاحة للصائم للاستفادة بها أثناء صيامه، كما يبقى المخزون الدهني والسموم كما هما في الجسم.

نُقدم لكم هنا أخطاء إدارية للصائم
  1. قناعته الخاطئة أن رمضان (مَش حق شغل): تنخفض إنتاجية الصائم كما أشارت بعض الدراسات إلى 50 % وذلك بسبب تخفيض ساعات الدوام وثانياً بسبب القناعة الخاطئة أنّه يجب على الصائم ألا يُجهد نفسه بالتفكير والعمل الشاق وكما ذكرنا سابقاً أن الصيام يساعد على النشاط وخفة الحركة وقوة التركيز وذلك بسبب تخفيف العبء على الجسد في عملية هضم الطعام، وكيف للصائم أن يحصل على أجر الصيام التام وهو لم يؤدي واجباته كما يجب وجعل من عبادته سبب للخمول و الكسل، إن الأجر الوافي التام لا يحصل عليه من قضى نهاره مسترخياً تاركاً مسئولياته، فالله يُحب العامل النشيط المجتهد وإن المسلم الذي يقضي يومه نائما غير عامل وغير ممارس لحياته اليومية بكل ما فيها من اختبارات وتحديات وعراقيل يفوته أحد أهم مقاصد الصيام وهو تحقيق التقوى وكسر الشهوات بكل صورها والتحكم في الجوارح.
  2. السهر والتأخر عن الدوام أو الحضور مثقلاً بالنوم: يجب على الإنسان لتستقيم حياته أن يأخذ الوقت الكافي للنوم… وإن النوم أثناء النهار والسهر طوال الليل في رمضان يؤديان إلى اضطرابات في عمل الساعة البيولوجية في الجسم، حيث أن هناك هرمونات محددة تقوم بتحفيز أعضاء الجسم على الحركة والنشاط تكون في أعلى مستوياتها في الفترة الصباحية وأقلها في الليل مثل هرمون الكورتيزون. وهناك هرمونات أخرى تساعد على الارتخاء والنوم، وتعلم الجسم أن وقت الراحة والنوم قد حان، تكون في أعلى مستوياتها في الفترة المسائية مثل (هرمون الميلاتونين). ويؤدي تحويل الليل إلى نهار وتحويل النهار إلى ليل لاضطراب وتعطيل لهذه الهرمونات واضطراب للجسم بشكل عام.
  3. تأجيل الأعمال وتأخيرها للمساء: رفض استقبال المعاملات أو إتمام المهام بحجة قلة التركيز أو الإرهاق مع أن هذا الإرهاق وضعف التركيز لا يكون أكثر من قناعة خاطئة أثرت على حركة الجسم ونشاطه... وقد يدخل هنا الإنسان في ارتكاب مخالفة شرعية تتمثّل في إهدار وقته المدفوع أجره من قبل الشركة مما يؤثّر على صحة الصيام فيكون حضوره الغير فعال والعاطل جرح لتمام صيامه وقبوله.
  4. الغضب: وهنا قول لطيف للدكتور وليد فتيحي: "كأن الله سبحانه قد وضع في الصيام من الخصائص الفسيولوجية ما يدرّب الصائم به على كبح غضبه بطريقة لا شعورية، وإن أخطأ وغضِب فإنه سيدفع ثمن ذلك إعياء وتعباً، ويخزّن ذلك في كل من العقل الواعي واللاواعي فيجد نفسه تلقائياً يتفادى كل ما يجرّه إلى الانفعال والغضب.

ومن حقائق رمضان التي يغفل عنها كثيرون أن شهر رمضان لم يشرع من أجل أيام رمضان فقط.. بل من أجل ما بعد رمضان أيضا.

فالغضب مكروه في كل أيام السنة، وإن كان في تركيز رسول الله صلى الله عليه وسلم على "يومُ صومِ أحدِكم" صورة من صور الإعجاز العلمي.. فعلم الطب الحديث يجلي لنا وجهاً من صور هذا الإعجاز إذ عندما نغضب تزداد نسبة إفراز أحد هرمونات الجسم (المسمى بالأدرينالين Adrenaline) عشرات الأضعاف، ويقوم هذا الهرمون بوظائف مختلفة نذكر في مقالنا هذا اثنين منها فقط وتأثير كل وظيفة منها على "يوم صوم أحدكم".

  • أولاً.. يؤدي هرمون الأدرينالين إلى زيادة وتسارع حرق مخزون الجلايكوجين في الكبد، وهذا المخزون مهم فهو يتحول إلى سكر بسيط (جلوكوز) في الدّم ليمد الجسم بالطاقة اللازمة أثناء الصيام، وفي حالة الغضب كما ذكرنا سابقاً يزداد إفراز هذا الهرمون عشرات الأضعاف وبذلك يحترق مخزون الجلايكوجين سريعاً ليمد الجسم بما يحتاج إليه من طاقة أثناء الشجار والعراك، وفي هذا استنزاف لطاقة الجسم أثناء الصيام فما ينتصب نهار الصائم إلا وقد أحس بإنهاك شديد وتعب وإجهاد نتيجة استنزاف طاقته في غير محلها الصحيح.
  • ثانياً.. يؤدّي هرمون الأدرينالين إلى زيادة الإدرار البولي مما يجعل الصائم يفقد كمية أعلى من السوائل إذا غضب أثناء صيامه، وفي هذا إجهاد للكليتين والقلب وإضرار به وبجسده، وقد يصيب الصائم جراء ذلك إحساس بعطش شديد وإنهاك وإعياء في آخر يوم صومه نتيجة زيادة إفراز هذا الهرمون أثناء غضبه.

فكأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد وضع في عملية الصيام من الخصائص الفسيولوجية ما يدرّب الصائم به على كبح جماح غضبه بطريقة لا شعورية وإن أخطأ وغضِب المرة الأولى فإنه سيدفع ثمن ذلك إعياء وتعباً وإرهاقاً وجوعاً وعطشاً، وإن كرّرها أحسّ بنفس الأعراض فيخزّن ذلك في كل من العقل الواعي (الشعور) واللاوعي فيجد نفسه تلقائياً يتفادى كل ما يجرّه إلى الانفعال والغضب أثناء صيامه، فلا ينتهي الشهر إلا وهو أقدر على ملك غضبه من ذي قبل.
إن الذي يغضب ـ خصوصاً في رمضان ـ لغير ما يُغضِبُ الله من سفاسف الأمور وتوافهها يفوته الكثير، ففي ذلك نقص في الأجر والثواب، وفي ذلك استخفاف بالعقل والفؤاد وإهدار للطاقات، قال ابن عمر رضي الله عنهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل لي قولا وأقلله لعلي أعقله"، فقال "لا تغضب" فأعدت فقال: "لا تغضب" فأعدت فقال: "لا تغضب". فلنجعل من رمضان فرصة للارتقاء وزيادة الإنتاجية والتغيير إلى الأفضل.