ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻹﻓﺘﺎء ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪّﻳﻦ ﻋﻤﻼً ﺷﺎﻗًّﺎ ﻣُﻀﻨﻴًﺎ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺇﺯﻫﺎﻕ ﻧﻔﺲٍ ﺑﺈﻓﺘﺎءٍ خاطئ ﻳَﺼﺪﺭ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ بعضهم ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻟﻌﺐٍ ﻭﻣﺮﺡٍ ﻣُﺴﻠﻴﺔ، ﻳﻐﻴﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ﻭﻣُﻼﺑﺴﺎﺗِﻬﺎ.

ما هي ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ التي رسخت ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ ﻋﻦ "ﺭﺟُﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ"؟

ﻧﺤﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺇﺳﻼﻣﻲٌّ ﺗﺮﺑّﻰ ﻭﻧﺸﺄ ﻋﻠﻰ تعظّيم ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻷﻧّا نرى ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﻢ، ﻧﺄﺧﺬ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻮﺍﻩ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ ﺍﻟﺼّﺪﻕ، ونتبعهم بالخيط والمِخياط، فاﻟﺮﺟﻞ الحافظ لكتاب ﺍﻟﻠﻪ والمُتّبع لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كيف ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﺬﺏ؟!

ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺑﻌﺪما طغت ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭحل ﺍﻟﺒﻼء ﺑﻨﺎ، ﻋَﺒِﺜَﺖ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺃﺳﻘﻄﺖ ﻋﻨﺎ ﺍﻷﻗﻨﻌﺔ، إذْ ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺑﻞ ﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ.

لم تصاحب فتواهم استقامة الضمير، ولا سلامة العقل، مُجرد وعظ في الهواء وقرآن وفتاوى للبيع!

ﺃﻣﺎ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ الحقيقيّون فهُم أولئك الذين يملئون ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ، وﺗﺤﻔﻆ جدران الزنازين وجوههم ﺟﻴّﺪًﺍ.

ﻟﻘﺪ ﺃﻳﻘﻨّﺎ بوجود ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻣُﺪﺑَّﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، حيث وضعونا ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ عن ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪّﻳﻦ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ، أشغلونا ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﻗﺪ ﺗﺨﺪﺵ ﺃﻇﺎﻓﺮﻩ، ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻕ ﻋﻨﻘﻪ صرفوها ﻋﻨّﺎ ﻛﻲ ﻻ ﻧﻠﺘﻔﺖ ﻭﻻ ﻧﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﻢ، ﻳُﻔﺘﻮﻥ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺤﻞ ﻭﺍﻟﺤﺮﻣﺔ ﻓﻲ ﻟﻘﻤﺔ ﺧﺒﺰٍ ﻫﻲ في ﺍﻷﺻﻞ ﻟﻨﺎ، ﻭﻳﺼﺪروﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ بقطع يدٍ ﺍﻣﺘﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰ ﻭﻟﻮ ﺟﻮﻋًﺎ، ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻄﺒﻖ اﻟﺤﺪُّ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﻄﻒ ﻣﻦ ﺑﺴﺘﺎﻧﻪ، ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺴّﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺘﺸﻜﻠﻴﺔ للجريمة ﻓﻼ ﻗﻄﻊ ﻭﻻﺣﺪﻭﺩ! ﺣﻴﻦ ﻧﺴﺄﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺧﺘﻠﺴﻮﺍ ﺣﻘّﻨﺎ، ﻻ ﻧﺴﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﺻﻮﺗﺎ، ﻭﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺑﻠﺔ، ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺘﻼﻋﺒﻮﻥ في تأويل اﻵﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ؛ ﻳَﺪْﻋُﻮﻥ ﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺪْﻋﻮﻥ ﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻻﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ، هم ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻟﻜﻦ ﻳﺨﺪﻋﻮﻥ"ﻭﻳُﺨﺪّﺭﻭﻥ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ".

ﺇﻥ ﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﺴﻼﻃﻴﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺟﻴﺪًﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺸّﻌﻮﺏ ﻣﺴﺮﻭﻗﺔ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ تعالى ﻴﺮﻗﺐ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﺎﺋﻪ ﻛﻴﻒ ﻳُﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪّﻳﻦ ﻹﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺇﺯﻫﺎﻕ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺃﺫﻟﻮﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ وداسوا عليها، علوا ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ وجعلوا ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺷِﻴَﻌًﺎ ﻭذبحوا ﺃﺑﻨﺎءﻫﻢ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺨﺮج شيوخ السلاطين ﻛﻞ ﺟﻤﻌﺔ، ﻳﻘﻓﻮﻥ على ﻣﻨﺎﺑﺮﻫﻢ ﻭﻳﺮﻓﻌﻮﻥ ﺻﻮﺗﻬﻢ عبر المُكبّرات، ﻭﻳﺨﻄﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥّ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ على ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ في شيءٍ، لكن ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻤّﺎ يفعله ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ!؟ ﻳﻨﺎﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ بضرورة "ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ" ﻟﺸﺨﺺٍ ﻭﺍﺣﺪٍ ﻭﻻ ﻳﻨﺎﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ!

ﺷﻮﺍﻫﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﻮﺥ "ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ"

ﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺎﻟﺒﺎﺭﺣﺔ، ﻭما أشبه ﺗﻼﻣﻴﺬ ﺍﻟﻴﻮﻡ بشيوخ السلاطين، ﻳﻄﺒﻘﻮﻥ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻮﻩ ﻣﻦ أساتذة ﺍﻷﻣﺲ، فلنعد ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ إلى اﻠﻮﺭﺍء.

ﺃَﺑُﻮ ﺇﺳﻌﺎﺩَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، تعده ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ كأحد ﻋﻠﻤﺎء مدينة ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ومن وجهاءها، ﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﻬًﺎ ﺩﻳﻨﻴًّﺎ، ﻋﻴّﻨﺘﻪ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻣُﻔﺘﻴًﺎ ﻟﻠﻴﺒﻴَﺎ ﻓﺄﻓﺘﻰ ﺑﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬَﺎ، ﻭﺃﻓﺘﻰ ﺑﺄﻥ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﻴﻦ ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻟﻠﻪ، ﻷﻥ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴّﻴﻦ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻷﻣﺮ !! ﻭﺃﻓﺘﻰ ﻟﻠﻤﺠﻨﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ بجواز ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻷﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ!

ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺯﺍﺭ "ﻣﻮﺳﻮﻟﻴﻨﻲ" ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍﻹﺳﻌﺎﺩ ﺃﺣﺪ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎله. ﺑﻞ ﻭﺻﻞ الأﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ أهداهُ ﺳﻴﻔًﺎ ﺳﻤﺎﻩ "ﺳﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ" ﻟﻴﺴﻠﻄﻪ ﺍﻟﺴﻔﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻴﻦ، ﻭﺃﻣﺮ ﺃﻥ ﺗﻔﺮﺵ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺑﺎﻟﺒﺴﻂ ﺍﺣﺘﻔﺎءً ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺣﺎﻣﻲ ﺣﻤﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ!!

ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ: "ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺪّﻳﻦ ﺳﻔﺮﺍء ﻳﻤﺜﻠﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻌﻨﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﺟﺎﻝ يُمثّلون ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻸﺳﻒ ﻳﻤﺜّﻠﻮﻥ ﺃﺩﻭﺍﺭًﺍ ﻫﺎﺯﻟﺔ".

ﻣﻔﺘﻲ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﺒﺎﻧﻲ ﻓﻌﻞ ﺫﺍﺕ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﺑﻮ إﺳﻌﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﻔﺎﺷﻲ، توجد أفلام وثقت ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺮﻗﺺ ﻭﺍﻻﺑﺘﻬﺎﺝ عند الاستقبال، ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺏ « ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻓﺰﺍﻥ » ﺳﻴﻜﺘﺸﻒ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﺴﻔﺎﺡ ﻏﺮﺍﺗﺴﻴﺎﻧﻲ.

اليوم، ﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ أﺷﺒﺎﻩ ﺃﺑﻲ ﺍﻹﺳﻌﺎﺩ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﺪﻳﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ، ﻳﻘﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻭينصرونه ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻈﻮﻥ ﺑﺸﻲءٍ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻜﺎﻣﻴﺮﺍﺕ، ﻭﻳﺮكعون ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻓﻲ ﺃﻧﺲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ، ساهون ﺃﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻔﺮﻁ ﺃﺑﺪًﺍ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻬﻠﻜﺔ ﺳﻮﻑ يأتي عليها اليوم الذي تُرَدُّ فيه ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﻓﻮعًا ﺑﻬﺎ.

"ﺭﺟﺎﻝُ ﺩﻳﻦٍ ﻻ ﺭﺟﺎﻝ ﺩُﻧﻴﺎ"

ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ: "ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺪّﻳﻦ ﺳﻔﺮﺍء ﻳﻤﺜﻠﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻌﻨﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﺟﺎﻝ يُمثّلون ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻸﺳﻒ ﻳﻤﺜّﻠﻮﻥ ﺃﺩﻭﺍﺭًﺍ ﻫﺎﺯﻟﺔ".

ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﻔﺎﻫﻢ، ﻳُﺬﻳﺐ ﻗﻮﺍﻫﻢ ﻭﺷﺒﺎﺑﻬﻢ، ﻳﻀﺤُّﻮﻥ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺃﺩﺍء ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﻢ، ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺮﻳﺤﻮﺍ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺃﻭ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ؛ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ، ﻳﻨﺴﺠﻮﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﺴﻴﺎﺝ ﻣﻦ ﺩﻣﺎﺋﻬﻢ، ﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﺎﻟﺠﻨﺪﻱ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ، ﻳﻨﺘﻔﺾ ﻛﻠﻤﺎ ﺭﺃى ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻳﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﻭﻃﻨﻪ، لكن ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺒﺪّﻟﺖ ﻣﻴﺎﺩﻳن بعضهم، ﻭﺗﺤﻮﻝ ﻣﺴﺎﺭ ﺑﻮﺻﻠﺘﻬﻢ، ﺧﺎﻟﻔﻮﺍ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ، ﺭﻛﻨﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺃﻋﺎﻧﻮﺍ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻠﻤﻪ، ﻭﺳﻤﺤﻮﺍ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩ ﻓﺮﻋﻮﻥ، ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ.