لا خير في أمة لا تقرأ، وما بين دفتي ورق، نهضة أمة، ميلاد مجتمع، صحوة فكر، انتصار حق، وحقائق لا تشق، اطوي أيامك بين صفحات كتاب تستحيل خالدة بخلوده، راقية برقيه.
«أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني»، مقولة شهيرة للأديب الرائع عباس محمود العقاد، تعطي بل إنها تخلق انطباعا وشعورا جميلين عن الكتب وأهميتها في حياة كل فرد، وتحيي فينا حب القراءة وشغف الاطلاع وطلب المزيد كلما ذقنا، كملوحة البحر تزيدك عطشا وتلهفا، كأرض جافة تشتاق قطرات غيث ترويها! كل كتاب به روح مستقلة، وله حكاية مختلفة، وفي نهاية كل عمل أدبي أو علمي - مهما كان نوعه - حكمة، تجربة، دراسة، أو شيء جديد. 
الكتاب دواء الفكر ولا يخفى على أحدنا أهمية الأدوية والحاجة إليها، فإنك تأخذ دواء جسمك من صيدلية الأدوية الكيميائية أو الأعشاب بحسب علة الجسم، وتأخذ دواء عقلك وفكرك من صيدلية الفكر-مكتبة الكتب- أيضا بحسب علة الفكر وسؤالات العقل على حد سواء، وما أهون الضرر الذي يلحق بالجسم -لأنه سريع التأثير فيكون دواءه بقدر تلك السرعة - أمام الضرر الذي يصيب العقل -فهو لا يتأثر إلا بعد أن يتحكم فيه المرض والعلة–، وما أعظم الفائدة التي تعود على العقل أمام ما يحظى به الجسم من عناية واهتمام. 

تشفى الروح بصدق الصديق وصلاح الخليل، ومجالس الوعظ والتذكير وسجود المتهجد الذليل وتلاوة الخاشع المتدبر في قصص الأولين، وغيرها كثير من الأعمال التي تزكي النفوس وتبلغها صفاءها وبراءتها وتحصنها حصنا منيعا. 

إن التداوي لا يقتصر على الجسم أو جزء منه، إنما كما للفكر دواء بالتعلم، فإن دواء الروح بالتحلم، إذ لابد للإنسان أن يسأل عن حال قلبه واتصاله بالله وبمخلوقاته، وينظر إلى كيفِ ذلك وكمه ووصفه، فيهذب المستقيم ويحسنه ويقيم الأعوج ويصلحه محتسبا في ذلك أجره وحسناته، وباغيا زكاة نفسه واعتلاء روحه مراتب الخير والرقي كما أريد لها أن تكون.  
تشفى الروح بصدق الصديق وصلاح الخليل، ومجالس الوعظ والتذكير وسجود المتهجد الذليل وتلاوة الخاشع المتدبر في قصص الأولين، وغيرها كثير من الأعمال التي تزكي النفوس وتبلغها صفاءها وبراءتها وتحصنها حصنا منيعا. 
تتعب الروح في رحلتها أو تتهاون، بالقدر الذي تشد فيه همتها ونشاطها وترفع معنوياتها فتحيط حالها وأحوالها بما يحصنها ويعيد التزامها ويصلح اعوجاجها أو يجبر خواطرها المكسورة ويجمع شتات أفكارها المنثورة، فإن كنت تحسب لجسدك الفاني نصيبا فإن روحك الباقية للحياة الأخرى تستحق نصيبا أكبر وأبقى، فأعدّ لها ما يعده السجين ليوم افراجه، وما تعده الفتاة ليوم زفافها، وما يعده الطالب ليوم تخرجه ونيل شهادته، فإن لك من بعد هذا كله فرحا كثير ونجاحا كبيرا!