اقتصاد تركيا هو اقتصاد سوق ناشئ كما حدّده صندوق النقد الدولي. ويعد البلد من بين الدول المتقدمة في العالم وفقًا لكتاب حقائق العالم لوكالة المخابرات المركزية. كما يعرف الاقتصاديون وعلماء السياسة تركيا أيضًا بأنها واحدة من الدول الصناعية الحديثة في العالم؛ إذ تحتل المرتبة التاسعة عشرة من إجمالي الناتج المحلي الاسمي في العالم، والمرتبة الثالثة عشرة في الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية. كما تعد الدولة من بين المنتجين الروّاد في العالم للمنتجات الزراعية، والمنسوجات؛ والسيارات ومعدات النقل؛ ومواد بناء؛ والإلكترونيات الاستهلاكية والأجهزة المنزلية .

وفي عام 2018، مرت تركيا بأزمة مادية: عملة وديون، تميزت بانخفاض قيمة الليرة التركية (TRY)، وارتفاع التضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وبالتالي ارتفاع حالات التخلف عن سداد القروض. وقد نشأت الأزمة بسبب العجز المفرط في الحساب الجاري للاقتصاد التركي والديون بالعملة الأجنبية. (“Turkey’s GDP grows 3.2 pct in Q2,”2013)

اتجاهات الاقتصاد الكلي:

تركيا هي الدولة 17 من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، و15 من حيث الناتج المحلي الإجمالي (تعادل القوة الشرائية). كما أنها عضو مؤسس في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (1961) ومجموعة العشرين للاقتصاديات الرئيسية (1999). وتعد منذ 31 ديسمبر 1995، جزءا من الاتحاد الجمركي في الاتحاد الأوروبي.

وخلال عقد التسعينات الماضي، كان لعدم اليقين السياسي في تركيا آثارا سلبية تركت الاقتصاد تحت وطأة الدَّين المحلي والأجنبي بسبب ارتفاع التضخم، وعجز الموازنة الكبير، وارتفاع عجز الحساب الجاري. وقد أخفقت الحكومات الائتلافية في معالجة هذه المشكلات.

بعد صعوده إلى السلطة في 2002، وضع حزب العدالة والتنمية منظورًا جديدًا للاقتصاد والسياسة الخارجية، يشار إليه إجمالًا بـ«تركيا الجديدة». أكدت الحكومة الانضباط المالي، والتحول الهيكلي، والخصخصة. خلال هذه الفترة، تعافت تركيا سريعًا من الآثار السلبية لأزمة 2001 المالية، وحققت معدل نموٍّ مطردًا. كما نجت البلاد من أزمة 2008 المالية العالمية بأقل ضرر. وتسعى الحكومة لتحقيق أهدافها بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية. 

وقد ألقت الإخفاقات السياسية بظلالها سنوات عديدة على الاقتصاد التركي مما أدى لتحقيقه أداء أقل من إمكاناته الكاملة. كما كان لمستويات عدم اليقين السياسي العالية خلال التسعينات تأثيرا سلبيا على عدد من المجالات، منها الاقتصاد. خلال هذه الفترة، ترك ارتفاع التضخم، وتراكم الدين الخارجي، وزيادة عجز الحساب الجاري الاقتصاد عرضة لصدمات محلية ودولية حيث أخفقت سلسلة من الحكومات الائتلافية في اتخاذ التدابير اللازمة والسياسات الملائمة. كانت هذه هي الظروف التي شهدت تركيا في ظلها إحدى أشد الأزمات الاقتصادية في تاريخها سنة 2001. 

وقد أسفرت انتخابات 2002 البرلمانية عن إخفاق أحزاب سياسية عديدة في تأمين تمثيل لها بالمجلس التشريعي الوطني، وهكذا فتحت الانتخابات صفحة جديدة في تاريخ البلاد السياسي. وبفوز حزب العدالة والتنمية فوزًا ساحقًا في انتخابات 2002، شرع في سلسلة إصلاحات في السياسة، والاقتصاد، والسياسة الخارجية، وغيرها من المجالات الرئيسة التي يشار إليها مُجتمعة بـ«تركيا الجديدة».

وضعت الانتخابات نهاية لتعاقب الحكومات الائتلافية التي شلّت البلاد 11 عامًا. بعد تولِّي السلطة أواخر 2002، اتخذ حزب العدالة والتنمية تدابيرا كان هدفها تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي. وقد قامت خلال هذه الفترة الحكومة بوضع لوائح جديدة للنظام المصرفي، بهدف الانضباط المالي وخصخصة المشروعات المملوكة للدولة حيث دشنت سياسات الحكومة فترة من النمو المتواصل. 

كما اتخذ حزب العدالة والتنمية تدابيرا أخرى لتعزيز المالية العامة، وزيادة فعالية المؤسسات العامة، وتجنب الوقوع في فخ الديون. وخلال العقد الذي تولى فيه الحكم، أجرت ثلاث حكومات متعاقبة إصلاحًا شاملًا للاقتصاد التركي الذي يفوق أداؤه حاليًّا أداء دول عديدة تعاني أزمات بمنطقة اليورو من حيث مختلف مؤشرات الاقتصاد الكلي. 

التضخم في تركيا يصل 11.77 بالمئة في أغسطس 2020 (بحسب معطيات صادرة عن هيئة الإحصاء التركية):

سجل معدل التضخم في تركيا ارتفاعًا في الوقت الذي توقعت فيه وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني انكماشًا حادًّا في الاقتصاد التركي، وأن تشهد الليرة أزمة شبيهة بأزمة عام 2018، حيث فقدت 40 في المئة من قيمتها في ذلك الوقت. وارتفع معدل التضخم إلى 12.62 في المئة خلال شهر يونيو (حزيران) 2020 مقارنة بـ11.39 في المئة في شهر مايو (أيار) السابق عليه.

وذكر بيان لهيئة الإحصاء التركية أن قطاع المشروبات والتبغ سجل أكبر زيادة في الأسعار على أساس سنوي بنسبة 22.41 في المئة، تليها الخدمات بنسبة 19.8 في المئة، والإسكان 14.95 في المئة مقارنة مع يونيو 2019، وانخفضت قيمة الليرة التركية لتصل إلى 6.855 مقابل الدولار فور صدور تقرير التضخم.

وأبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8.25 في المئة في نهاية شهر 11/2020، بعد خفضه 9 مرات منذ يوليو (تموز) 2019. وأشار إلى توقعات بأن التضخم سيظل مرتفعًا بسبب التأثيرات الموسمية وتداعيات تفشي فيروس كورونا على أسعار المواد الغذائية. وتوقع البنك أن يصل معدل التضخم في نهاية عام 2020 إلى 7.54 في المئة. في الوقت ذاته، أكدت وكالة «موديز»، أن الاقتصاد التركي سيتعرض لانكماش حاد خلال عام 2020 بنسبة 5 في المئة، بسبب أزمة وباء فيروس كورونا، الذي تجاوز عدد الإصابات به في تركيا 200 ألف إصابة، مع أكثر من 5100 حالة وفاة.

وهو ما يتناقض مع تصريحات المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم وزير الخزانة والمالية (برات البيراق)، الذي أعلن أن «الاقتصاد سيحقق نموا كبيرا بحلول نهاية العام يزيد على 5 في المئة».

ولفتت «موديز» إلى أن التضخم في تركيا يواصل الارتفاع، فرغم أن الأسواق المالية حققت استقرارًا مؤقتًا خلال عام 2019، فإن مخاوف جديدة ظهرت فيما يتعلق بالشفافية والسياسات المعتمدة أفسدت هذا الاستقرار، وأدت إلى تراجع احتياطات النقد الأجنبي وزيادة شراء المواطنين للعملات الأجنبية؛ الأمر الذي ينذر بهبوط كبير جديد لليرة التركية.

وحذرت الوكالة من أن تركيا قد تتعرض لأزمة ضخمة في سعر صرف العملة شبيهة بالأزمة التي شهدتها عام 2018، وقد يؤدي الأمر إلى حدوث ظروف مالية صعبة للغاية.

وقد سجلت الليرة التركية خلال عام 2018، أدنى مستوى لها أمام الدولار منذ عام 2001، حيث فقدت 40 في المئة من قيمتها، وبلغ سعر صرف الدولار نحو 7.24 ليرة.

عزا الخبراء تراجع الليرة، وقتها، إلى عدد من العوامل، أبرزها قلق المستثمرين من سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان وضغوطه على البنك المركزي، لعدم رفع أسعار الفائدة من أجل الاستمرار في تغذية النمو الاقتصادي، والاعتقاد بأن البنك غير مستقل، فضلا عن توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن. وتسببت أزمات العملة والاستثمار في تراجع الثقة بالاقتصاد التركي الذي يواجه اليوم واحدة من أعقد أزماته الاقتصادية والمالية والنقدية الناجمة عن تراجع الليرة، إضافة إلى هبوط حاد في التجارة الخارجية؛ مما أدى إلى تفاقم أزمة وفرة النقد الأجنبي. كما تراجع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي خلال يونيو الماضي 2020، نتيجة التبعات السلبية لتفشي وباء كورونا في البلاد وعجز الحكومة عن إدارتها والسيطرة على مناطق الوباء.

وذكر بيان لهيئة الإحصاء التركية، أن مؤشر الثقة الاقتصادية تراجع على أساس سنويّ بنسبة 15.5 في المئة خلال يونيو، إلى 73.5 نقطة، نزولا من 87.2 نقطة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي 2019. (التضخم في تركيا يصل 11.77 بالمئة في أغسطس)

 

الشكل (1) ارتفع (معدل التضخم) في تركيا ، بنسبة 14.03%

 

 

توقعات البنك المركزي التركي لمعدلات التضخم في البلاد:

كشف البنك المركزي التركي، عن توقعاته لمعدلات التضخم خلال العام 2020 والعام 2021، في ظل أزمة كورونا، التي عصفت باقتصادات عديدة في العالم. ويتوقع المركزي التركي أن يكون معدل التضخم في البلاد بنهاية العام الجاري عند مستوى 7.4%. أما عن العام القادم، فمن المحتمل أن يكون التضخم في نهاية 2021 عند مستوى 5.4%. (توقعات المركزي التركي لمعدلات التضخم في البلاد - تركيا الآن.)