لإنشاء أي مشروع ربحي، سواء أكان المشروع منتجع سياحيا، مصنع سيارات، مستشفى طبي، مول تجاري)، فأنت بحاجة إلى ثلاثة عناصر أساسية:
- اليد العاملة.
- الأرض.
- المنظم أو الرأسمالي.
ومع بعضها، ستنتج هذه العناصر الأرباح، فكيف سيتم توزيع الأرباح بين العامل الذي ساهم بجهده، وصاحب الأرض: الذي ساهم بأرضه، والمنظم الذي ساهم برأسماله؟!
رأي الرأسمالية..
يرى الرأسماليون أن صاحب رأس المال هو صاحب أكبر حصة من المخاطرة، فهو المعرض لأن يجلس صباحاً وقد خسر المشروع وخسر معه كل أمواله ومدخراته، وبالتالي يجب أن يحصل على الحصة الأكبر من الأرباح؛ فالأرباح يجب أن تتناسب طردياً مع المخاطر.
أما صاحب الأرض، فهو يحصل على إيجار أرضه أو عقاره مقدماً، والعامل يتقاضى راتبه في نهاية الشهر، ولا يمكن أن يخسر أكثر من الراتب الذي يجب أن يستلمه في نهاية الشهر.
تكملة القصة..
هناك جانب آخر للقصة، ففي بدايات نشأتها، أهملت الرأسمالية (العامل) الذي كان يُرمى بدون اهتمام ورعاية، بعد أن يخسر صحته وقوته ويصبح عاجزاً عن العمل، وبدون أن يتحمل صاحب الرأسمال مسؤوليته اتجاه هذا العامل الذي أفنى حياته في العمل.
وهذا الأمر –بلا شك– هو عيب كبير في النظرية الرأسمالية، التي لم تحسب –في بداياتها– حساب استنزاف قوة العامل وصحته بعد 40 عام مثلاً، عندما تكون أرباح الرأسمالي قد تضاعفت! وتضاعفت معها أيضا قيمة ملكية صاحب الأرض!
ومن هنا افترق الرأسماليين والاشتراكيين في طريقين
ذهب الاشتراكيون باتجاه تأميم (مصادرة) رأس المال وحصره بيد الحكومة، لكي يحلوا مسألة (مخاطرة صاحب رأسمال)، إلا أن النظام الاشتراكي وبعد فترة من عمله، اُكتشفت فيه عدة تشوهات عميقة في بنيته الأساسية، جعلته غير قادرٍ على الاستمرار لفترات طويلة.
من هذه العيوب والتشوهات
- خلق الدكتاتوريات: لطالما انتعشت الدكتاتورية في ظل النظم الاشتراكية؛ لأن حصر السلاح والإعلام والمال بيد شخص رئيس الدولة، ستولد دكتاتورية دموية، ويستغل الدكتاتور المال والسلاح لتثبيت حكمه، دعم مواليه والبطش بمعارضيه، فالاشتراكية إذن، اقترحت استبدال الرأسماليين الصغار، برأسمالية الحاكم، وهذا ما رأيناه في العراق الاشتراكي.
- الفساد: من الصعوبة الاختلاس والتلاعب بالممتلكات الخاصة، فمُلاك الشركات الخاصة غالباً ما يُطورون الوسائل اللازمة للحفاظ على أموالهم من التلاعب والسرقة، بينما تزدهر افة الفساد والرشوة والاختلاس في الشركات العامة التي يفتقر مدراءها للحافز المناسب للحفاظ على ملكية الشركة العامة، وليس مثال أفضل من حادثة تلف 7 مليار دينار في خزينة إحدى المصارف العامة للحكومة!
- انخفاض الإنتاجية: توصي نظريات الإدارة الحديثة بربط العائد بالإنتاجية، فكلما زادت الإنتاجية زاد العائد، وهذا ما أخفقت في فهمه الاشتراكية، فالعامل يمكن أن يتواجد 7 ساعات يوميا في العمل، ولكنه لا ينتج أكثر من ساعتين فعلية، ما دام راتبه الشهري ثابتاً، سواء أنتج أم لم ينتج، وهذا ما نجده في الدوائر والشركات الحكومية في الأنظمة الاشتراكية.
وبالتالي ورغم كل مثاليات النظرية الاشتراكية، إلا أنها بدأت بالتلاشي والاندثار، ووقعت في حفرة (الحتمية التاريخية) التي تنبأتها للرأسمالية.
المذهب الرأسمالي
تنبأ منظرو النظرية الاشتراكية بـالحتمية التاريخية ونهاية الرأسمالية، ولكن ما حدث أن الرأسمالية استمرت، وأدخلت العديد من التعديلات وعالجت الثغرات والعيوب التي امتازت بها؛ لقد أدرك منظرو الرأسمالية، أن استقرار المجتمعات وتطورها رهين بمدى مداراتهم الإنسان وجعله الهدف الأسمى للتنمية، وتطورت التنمية في المجتمعات الرأسمالية لتصل إلى مرحلتها الحالية وهي (التنمية من أجل الإنسان).
لقد طوّر منظرو الرأسمالية عدة أفكار منها:
- الضمان الاجتماعي: وهو منح معاش مناسب وكريم للموظف والعامل بعد تقاعده من العمل، سواء أكان عاملاً عند الحكومة أم في القطاع الخاص!
من جانبها، وربما قد ترغب النظم الاشتراكية بتوفير هذا النظام ايضاً ولكن محدودية النظام الاشتراكي وضعفه، هو الذي انتهى بالنظم الاشتراكية بتوفير المعاشات التقاعدية لموظفي الحكومة فقط!
-
الضرائب: كانت الضرائب تاريخياً تُستحصل لصالح الحاكم وحاشيته، إلا إن مفهوم الضرائب قد تطور في ظل تطور النظام الرأسمالي كأداة لتوزيع الثروة، واستقطاع جزء من أرباح الرأسماليين، وتقديمها كمنافع للمجتمع كمقابل للأرباح التي يحصلون عليها.
وبغض النظر عن مدى كفاءة هذا النظام بين دولة وأخرى، إلا إنه حقق نجاحاً في إعادة التوازن إلى المجتمعات الرأسمالية ككل، وجعلت مواطني الدول الاشتراكية الذين يريدون تطبيق الاشتراكية في بلدانهم، يهربون باتجاه الدول الرأسمالية التي توفر لهم الحياة الكريمة، مقارنة بدولهم الاشتراكية.