الاضطراب الخلاق الناتج عن الثورة الصناعية الرابعة يقدم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديا وفرصة فريدين في نفس الوقت، ستتفاعل مع مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي تؤثر على المنطقة، وتنتج نموا في المهن جديدة، وانخفاضا في مهن أخرى، بالإضافة إلى إيجاد متطلبات لمهارات جديدة ووسائل جديدة لتنظيم وتنسيق العمل ووسائل جديدة لزيادة قدرات العمال. 

إن تم تسخير الثورة التكنولوجية بشكل جيد فسيساعد هذا بلدان المنطقة المتوسطة الدخل ذات العمالة الوافرة لتوسع قاعدتها الصناعية من خلال مجموعة من المواهب الصناعية المتقدمة، وسيساعد دول الخليج الثرية على تنويع فعالياتها الاقتصادية مقللة من اعتمادها على صادرات النفط والغاز والتعرض لتقلبات الأسعار، وأيضا ستساعد تلك الثورة الصناعية التكنولوجية بلدان المنطقة المنخفضة الدخل لتقلل من هشاشتها وتزيد من استقرارها من خلال تكامل أعمق لأسواق العمل الداخلية مع سلاسل التوريد الإقليمية والنظم الاقتصادية الصناعية.

أنواع التغيرات التي ستحصل في المنطقة:

1- مصادر وتقنيات جديدة للطاقة.

2- الإنترنت عبر الهاتف النقال، والتكنولوجيا السحابية.

3- تغير طبيعة العمل، والعمل الحر.

4- الديموغرافية الشبابية في الأسواق الناشئة.

5 – التقلبات الجيوسياسية.

6- تغير المناخ، وتنوع الموارد الطبيعية.

7- تغير القوة الاقتصادية للمرأة، وتغير الطموحات.

8- تغير أخلاقيات المستهلك، وقضايا الخصوصية.

9- الطبقة الوسطى في الأسواق الناشئة.

10- قوة المعالجة والبيانات الضخمة.

11- تقاسم الاقتصاد وحشد المصادر.

12- الذكاء الاصطناعي.

13- التصنيع المتقدم والطباعة ثلاثية الأبعاد.

14- الروبوتات، والنقل المستقل.

كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، التأثير المحتمل من أتمتة الوظائف في المنطقة يمكن أن يكون تحديا صعبا.

حيث يقدر أن (41٪) من جميع أنشطة العمل في الكويت عرضة للأتمتة، وكذلك (46٪) في البحرين والسعودية، و(47٪) في الإمارات، و(49٪) في مصر، و(50٪) في المغرب وتركيا، و( 52٪) في قطر.

في الحقيقة وجدت الأبحاث الأخيرة بأن رجال الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قلقون من أن التركيز على الابتكار سيؤدي لمعدل أعلى من البطالة، وهذا ليس مستغربا بالنظر إلى أن المنطقة تعاني بالفعل من عبء البطالة المرتفعة للشباب، بالإضافة إلى ذلك، سواء كانت الوظائف في انخفاض أو مستقرة أو في نمو، فهي تتطلب تغييرا كبيرا في جانب المهارات. حسب تحليل مستقبل الوظائف الذي قام به منتدى الاقتصاد العالمي، فإن (21 %) من المهارات الأساسية في جميع المهن لعام (2015) ستكون مختلفة في عام (2020) في دول الخليج، وهذه النسبة ستكون (41 %) في تركيا، في نفس الوقت فإن هناك احتمالا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لخلق وظائف رسمية عالية القيمة المضافة في عدد من المجالات. فبينما تدمر الثورة الصناعية الرابعة عديدا من المهن فهي أيضا ستنشئ مجموعة واسعة من الوظائف في مجالات مثل تحليل البيانات، وعلوم الحاسوب، والهندسة. 

صناعات المنطقة القائمة الكبرى مثل صناعة النفط والغاز والطيران والنقل والرعاية الصحية، ستكون مركزية بالنسبة للثورة الصناعية الرابعة ويمكنها أن تعمل كمرتكزات لنشر التكنولوجيا وإنشاء الشركات الصغرى عبر المنطقة مساعدة بذلك تحويل الاقتصادات نحو المهام والفعاليات ذات المعرفة المكثفة والقيمة المضافة العالية. بلدان مثل المغرب وتونس يتوقع أن تشهد نموا في قطاعات مثل السيارات والمعدات الميكانيكية والإلكترونيات والمواد الكيميائية، سيكون هنالك طلب قوي على المحترفين الذين يمزجون بين المهارات الرقمية والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مع الخبرة في المواضيع التقليدية مثل: مهندسي الميكانيك الرقميين، ومحللي بيانات العمليات التجارية، الذين يجمعون معرفتهم العميقة لصناعاتهم مع أحدث الأدوات التحليلية للتكيف بسرعة مع استراتيجيات العمل، سيكون هناك أيضا طلب على خبراء التداخل (intefarce) الذين يمكنهم تسهيل التفاعل السلس بين الإنسان والآلة.

بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن تحول بيئات العمل المعينة ومحيطها المادي سيجعلها أكثر أمانا، وسيسهل من إنشاء أرضية تسوق شاملة لمحطات التصنيع المتقدمة، بالإضافة إلى القدرة على العمل عن بعد من خلال المنصات التعاونية عبر الإنترنت، هذا التحول ربما يفتح مجالا أوسع من الوظائف للنساء.                     

بكل الأحوال، فإن الاحتمال المستقبلي لنمو الوظائف غير محدد بالقطاعات المعتمدة على العلوم والتكنولوجيا لوحدها، فإن الاستثمارات في البنية التحتية -إن تم تنفيذها بنجاح- يمكن أن تولد عددا مميزا من الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة أو متوسطة، وفي حين أن الفوائد المحتملة للاستثمارات في البنية التحتية "الصعبة" معروفة بشكل واضح، إلا أن الاقتصاديين يتنبؤون أيضا بعدد متساو أو أكثر من الوظائف التي تنبثق من خلال الاستثمارات في البنية التحتية "الناعمة"، مثل رعاية الأطفال ورعاية المسنين والتسهيلات في التعليم، التي غالبا ستنتج توازنا بين الجنسين في سوق العمل. وأيضا الاستثمار في اقتصاد الرعاية عن طريق إضفاء الطابع الرسمي والمهني والارتقاء بالعمالة المحلية الكبيرة المتواجدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيتوافق بالمثل مع الأهمية المعروفة للتعليم خلال الطفولة المبكرة من أجل تنمية رأس المال البشري. إضافة لذلك، فإن تزايد عدد الطلاب سيستدعي الحاجة لعشرات الآلاف من المعلمين في المنطقة، وقطاع التعليم في المنطقة تطور تماشيا مع ذلك وشهد مقدارا واضحا من استثمارات القطاع الخاص، حيث تستجيب صناعة التعليم للطلب المتزايد. إن الانتقال لنموذج اقتصادي أكثر استدامة بيئية من المحتمل أن ينشئ ملايين من الوظائف الجديدة عالميا من ضمن ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على سبيل المثال؛ إن قطاع كفاءة الطاقة من المتوقع أن يكون المولد الأكبر بصورة منفردة لملايين من الوظائف في الإمارات العربية المتحدة وسيطلق أكثر من (65000) وظيفة بحلول عام 2030. تهدف استراتيجية النمو الأخضر للإمارات على نطاق واسع إلى إنشاء (160000) وظيفة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (4-5%) بحلول عام 2030.

بغض النظر عن القطاع أو المهنة، فإن صيغ العمل الجديدة تقدم فرصا جديدة للأفراد ورجال الأعمال، فالعمل على منصات الإنترنت يشهد ارتفاعا عالميا ويشمل أيضا منطقة الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال، تشهد عدد من دول الخليج حوارا حول حشد المصادر (crowdsourcing) والعمل الافتراضي عن بعد، ويتوقع حصول تعديلات قانونية لدعم تلك الترتيبات البديلة للعمل. وفي تلك المنطقة تتمتع منصات المواهب عبر الإنترنت بالقدرة على خلق فوائد جما من خلال نقل الناس من الوظائف غير الرسمية إلى الوظائف الرسمية عن طريق زيادة مشاركة القوة العاملة، بالإضافة لعمل ساعات إضافية لمن هم تحت البطالة أو غير الفاعلين؛ بتقليل مدة البحث عن عمل وتمكين التنافسات التي قد لا تحدث بطريقة أخرى.

بحلول عام 2025 يمكن أن ينتج ما يقدر بـ(945000) وظيفة إضافية بدوام كامل و(21) مليار دولار أمريكي زيادة في الناتج المحلي الإجمالي في مصر، و(790000) وظيفة و(41) مليار دولار في تركيا، و(276000) وظيفة و(32) مليار دولار أمريكي زيادة في الناتج المحلي الإجمالي في السعودية. وكما في أي مكان آخر، ستحتاج الشركات في المنطقة بصورة متزايدة لإدارة القوى العاملة الموزعة والافتراضية -الذين يديرون عملهم من المنزل- لدمج العمال المستقلين الافتراضيين للتخفيف من التحديات التي ينطوي عليها العمل عبر الإنترنت.