تعتبر الأسواق المالية المحرك الرئيسي للتجارة الدولية، وعمود الاقتصاد الدولي وقد أصبحت ذات أهمية في السنوات الأخيرة مع تعقيد وتطورً وديناميكية وسرعة تغيّر كبيرة، حيث قلّت الضوابط على الصّرف ورأس المال مع زيادة في التعاملات المالية العالمية وأنظمة الدفع بشكل عام، بالإضافة إلى ذلك نلمس حركة متسارعة في تدفق رأس المال العالمي، مع تطور الأدوات المالية مثل العملات الرقمية وتقنيات الرقمنة، كل هذا مهّد لانفتاح المجتمعات على الأسواق المالية، واالتّنقل في هذه الأسواق يتطلب استراتيجية ناجحة لتحسن التداول واتخاذ القرارات بمرور الوقت، إذن كيف نضع استراتيجيات تداول ناجحة؟ والأهم، كيف نعلم أن استراتيجيات هذا العام قابلة للتداول دون مخاطرة؟
تتم عملية التداول داخل الأسواق المالية العالمية حيث يقوم المتداول باتخاذ قرار شراء وبيع أدوات مالية، أو البقاء على جانب السوق، هذه القرارات المتنوعة والواسعة يتم وضعها في استراتيجيات التداول المختلفة، ويدرج معها كل الأشياء المتعلقة بشركة ما؛ مثل تحليل إعلانات، الأخبار، أو أساسيات مع تحديد الشذوذ الإحصائي الذي يؤخذ من البيانات السابقة كما يمكن الاستعانة بمخططات الرسوم البيانية لدراسة سلوك السابق للمشاركين والذي يسمى "التحليل الفني".
الهدف من وضع استراتيجيات التداول هو تبسيط عملية تحليل المعلومات عن طريق إنشاء قواعد أو منهجية لاتخاذ قرار التداول، وتجدر الإشارة أن الكم الهائل من تقنيات التداول والأساليب قد يكون ساحق للمتداول حتى لمن يمتلك الخبرة، وتختلف الاستراتيجيات باختلاف الأسواق؛ الأسهم، السلع، المؤشرات المالية، العملات الرقمية والفوركس، والأكثر شيوعًا هي تداول العقود مقابل الفروقات حيث يمكن المضاربة على ارتفاع وانخفاض الأسعار دون امتلاك الأصول الأساسية، كما يمكن تجزئة تداول الصفقات حتى ثلاثين مرة من إيداعه بما يسمى "الرافعة المالية"، والوصول إلى البورصات العالمية.
اختيار استراتيجيات التداول مرتبط بالأهداف المرجوة وعليه يتمّ وضع شروط لها، ونذكر هنا أهم الاستراتيجيات في 2020:
1- استراتيجيات التداول اليومي
في هذا التداول يتم البيع والشراء في نفس اليوم، ويعتبر هذا النوع الأكثر جذبًا للمتداولين الجدد نظرًا لإغراء بإمكانية إجراء صفقات مربحة متكررة في يوم واحد فقط، غير أن صعوبة السيطرة تؤدي إلى خسائر كبيرة لغير المدربين، لذا ليس من الجيد اتخاذ قرارات مالية متعددة ذات مخاطر في فترة زمنية قصيرة، ومن أهم العناصر التي تُبنى عليها هذه الاستراتيجيات:
- معرفة الأسواق التي سوف يتمّ التّتاجر فيها.
- الإطار الزمني.
- الأدوات المستخدمة في عملية الدخول والخروج من الصفقات ونسبة المخاطرة، وتخضع لقاعدتين؛ الأولى عندما يكون السعر أعلى من متوسط الحركة، البحث فقط عن صفقات الشراء، والثانية عند انخفاض السعر البحث عن صفقات البيع.
2- استراتيجيات التداول المتأرجح
يقوم المتداولون ببيع وشراء الأوراق النقدية بغرض الاحتفاظ بها لعدة أيام أو أسابيع، وتستخدم هذه الاستراتيجية تحليل الفني لمخطط والتحليل الزمني المتعدد ( التحليل الأساسي) للأسعار لاتخاذ قرارات التداول الذي يتطلب مزيد من التفاصيل لاستمرار التداول لعدة أيام، وتتكون مخططات هذه الاستراتيجيات من: أشرطة الرسم البياني اليومي أو الشموع اليابانية، فلتر الاتجاه ومؤشر ذروة الشراء والبيع، وتخضع لقاعدتين:
- عندما يتم تداول السعر فوق متوسط الحركة لا تدخل إلا في صفقات شراء، والعكس عند تداول أقل من متوسط الحركة لا تدخل إلا صفقات البيع.
- لا تدخل في صفقة شراء إلا إذا كان مِؤشر الاستوكاستك (1) أقل من 20 حيث يمثل منطقة ذروة البيع، ويمكنك دخول صفقة البيع إذا كان مؤشر ستوكاستيك المتذبذب أعلى من 80 لأن هذا يمثل منطقة ذروة الشراء.
مؤشر الستوكاستوك (Stochastic)
3- استراتيجيات تداول الإحتفاظ
تستخدم عادة هذه الاستراتيجية مجموعة من الرسوم البيانية اليومية والاسبوعية والشهرية مع التحليل الأساسي في قرارات التداول حيث يكون مُتداول الاحتفاظ مستثمر نشطًا، هدفه بعيد المدى لذا لا يعير اهتمام كبير للتقلبات قصيرة الأجل في السوق، ويُركز هذا التداول على الإطار الزمني اليومي، مرشح ( فلتر) الاتجاه ومِؤشر المعاكس الاتجاه، ويخضع لقاعدتين:
- عندما يتم تداول السعر فوق متوسط الحركة لا تدخل إلا في صفقات شراء والعكس عند تداول أقل من متوسط الحركة لا تدخل إلا صفقات البيع.
- ادخل فقط في صفقة شراء إذا كان مؤشر MACD Oscillator المذبذب أعلى من الصفر لأن هذا يمثل قوة دفع صعودية، فقط أدخل صفقة بيع إذا كان مؤشر MACD أقل من الصفر لأن هذا يمثل قوة دفع هبوطية.
4- استراتيجيات التداول الآلي
يُستخدم الكمبيوتر للدخول والخروج من الصفقات وذلك ببرمجة أو ترميز للمجموعة من القواعد والشروط للعمل بهذا البرنامج، وهذا ما يسمى بتداول "الصندوق الأسود" أو الروبوتات ويُعرف أيضا بالتداول الخوارزمي، وعدم وجود شخص يُعَرض لعملية احتيال تجارية لوجود إغراء ثروات في تداول الخوارزميات، و تستخدم خوارزميات استثمار وسوق الأوراق المالية للمساعدة في البحث عن بعض الشروط الأساسية والفنية التي تشكل جزءً من استراتيجيات التداول الخاصة بالمتداولين.
5- استراتيجيات التداول الموسمية
التداول طول السنة والقَابل للتكرار خلال العام، حيث تُبدي العديد من الأسواق خصائص موسمية نظرا للأنماط الموسمية المتكررة في الميول والمؤشرات الاقتصادية وأرباح الشركات، تمنح المتداولين صورة أشمل لما يحتاجونه.
6- استراتيجيات التداول الاستثماري
تُستعمل في صفقات طويلة الأجل للاستثمار في الأسهم، من الناحية النظرية يمكن شراء في الشركات المربحة مع إمكانيات تصاعدية غير محدودة عند شراء أسهم فعلية، إلا أن الجانب السلبي يكمن في حال إفلاس الشركة سيؤدي ذلك لإفلاس المستثمر.
تهدف أساليب الاستراتيجية التي ترتكز على الاستثمار في القيمة إلى تحديد الأسهم التي تعرض أفضل احتمالات النمو مثلا أسهم التكنولوجيا تجذب العديد من المستثمرين، فهذا النوع من الشركات تطرح أسهمها العامة لزيادة رأس المال حتى تنضج الشركة أكثر تداولا، بينما التي تهدف إلى أفضل قيمة مقابل المال يتم تسعير أسهم نمو مرتفعة لأنها توفر أفضل الأفاق المستقبلية.
جميع الاستراتيجيات فريدة ولها خصوصياتها لكن حتى طريقة العمل المربحة لا تضمن النتيجة الجيدة لكل متداول؛ قد يكون خطأ في الإشارة أو افراط الكثير، وعليه يمكن تجربة كل استراتيجيات التداول واختيار الأفضل والأكثر ملائمة لبدء العمل الحقيقي بالطريقة المختارة.