ترتسم حدود البيئة المؤسسية بواسطة الإطار القانوني والإداري الذي يتعامل فيه الأفراد والشركات مع الحكومات لإنتاج الثروة. وقد زادت وضوحاً الحاجة إلى بيئة مؤسسية سليمة ومعافاة، خلال الأزمة الاقتصادية والمالية التي واجهت العالم خاصة أزمة الرهن العقاري، وهي بحاجة ماسة لا سيما لتعزيز التعافي الهش، بالنظر إلى الدور المتعاظم الذي تلعبه الدولة، على المستوى الدولي وفي اقتصاد عديد من البلدان.

إن لجودة المؤسسات أثراً كبيراً في التنافسية والنمو. فهي تؤثر في قرارات الاستثمار وتنظيم الإنتاج، وتلعب دوراً أساسياً في طرق توزيع المجتمعات الفوائد، وفي تحمّلها تكلفة استراتيجيات التطوير وسياساته. فمثلاً، يرفض ملاكو الأرض، وحاملو الأسهم، وأصحاب الحقوق الأدبية، الاستثمار في تحسين ممتلكاتهم وصيانتها، إذا لم تكن حقوقهم كمالكين، محميّة.

ويتجاوز دور المؤسسات مجرد الإطار القانوني. وتتسم مواقف الحكومات من الأسواق والحريات بأهمية قصوى، وكذلك جدوى أعمالها: فالبيروقراطية المفرطة والمعاملات المعرقلة والمبالغة في القيود والفساد وعدم النزاهة في التعامل بالعقود العامة، والافتقار إلى الشفافية وفقدان الثقة، وعدم القدرة على أداء الخدمات المناسبة لقطاع الأعمال، وارتهان النظام القضائي للسياسة، كل هذه ترتب تكاليف اقتصادية كبيرة على بيئة الأعمال، وتبطئ سير تطور الاقتصاد.

إضافة إلى هذا، فإن حسن إدارة المالية العامة مهم جداً في ضمان الثقة ببيئة الأعمال الوطنية. لذلك أُدرِجت هنا المؤشرات التي تبيّن جودة الإدارة الحكومية للمالية العامة، من أجل اكتمال صورة إجراءات الاستقرار الماكرو اقتصادي.

إن الاستيراد المؤسسي القائم على احتياجات مجتمعات أخرى لا يسد خصوصية وهوية كل مجتمع على حدى، لذا فبناء المؤسسات قائم بالأساس على دراسات جادة ومعمقة

وعلى الرغم من أن الأدبيات الاقتصادية ركّزت خصوصاً على المؤسسات العامة، فإن المؤسسات الخاصة أيضاً عنصر مهم في عملية إنتاج الثروة . لقد أبرزت الأزمة المالية العالمية، وكذلك العديد من فضائح الشركات، دور المحاسبة ومعايير وضع التقارير والشفافية، في مكافحة الغش وسوء الإدارة، وضمان حسن الإدارة والحفاظ على ثقة المستثمر والمستهلك. والخدمة الجيدة للاقتصاد تؤديها مؤسسات الأعمال التي تدار بنزاهة، والتي يلتزم فيها المديرون سلوكاً أخلاقياً عالياً في التعامل مع الحكومة والشركات الأخرى والجمهور عامة. إن شفافية القطاع الخاص ضرورية للأعمال، وهي ممكنة التحقيق باعتماد المعايير وأساليب المحاسبة والتدقيق التي تضمن توفير المعلومات في الوقت المطلوب.

●     معيار المؤسساتية في القطاعات الحكومية: ويندرج تحته:

←  حقوق الملكية: من الحق في التملك العقاري إلى الملكية الفكرية والإنتاج الإبداعي ومدى حفظه وصيانته عن كل استعمال مزيف أو إنتهاك جائر.

←  الأخلاق والفساد الإداري: ويقاس على إثره مدى حفظ الأموال العامة وكيفية التصرف بها بعدالة وتوازن، إلى جانب مدى ثقة الشعبية بالسياسيين ومصداقيتهم.

←  استقلال القضاء.

←  مدى انتشار الواسطة: مدى تفشي ظاهرة الوساطة وأثرها في تحجيم الفرص وتجحيم الفئات ذات الكفاءة والمقدرة والأحقية والإحتياج على حساب الأثرة والمحسوبية.

←  كفاءة الحكومة.

←  مدى استقرار الأمن في حفظ الصالح العام وحماية النّاس وممتلكاتهم دون أن يتحول ذلك لاستبداد وأداة لفرض السلطة قهرا وعنوة.

←  البنية التحتية

●     معيار المؤسساتية في القطاعات الخاصّة: وتقاس بمدى:

←   أخلاق العمل: وهي كل الممارسات الأخلاقية للشركات في طريقة التوظيف،وكل مظاهر المحاباة والتحيز ضد المرأة، أو ضد الأقليات والطوائف أوالفساد المالي.

← المسؤولية: في مدى قوة النظام الرقابي والمحاسبي، فاعلية مجالس الإدارة والحفاظ وحماية حقوق المساهمين الصغار.

في حديث الأرقام

أصدر مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا، تقريره السنوي حول مؤشر التنافسية العالمية لعام 2018، إذ يعتبر هذا الأخير مقياسا ومقيما لقدرة الدول على تقديم الازدهار لمواطنيها وتقييم أداء سياساتها الاقتصادية، فعلى مستوى أكثر الدول قدرةً على التنافسية خلال عام 2018، لا تزال الاقتصاديات الأكثر تنافسية في العالم هي نفسها ولو تباينت جزئيا في الصدارة من حيث قوة الأداء الاقتصادي، وقوة بنيتها التحتية والكفاءة الحكومية وكفاءة قطاع الأعمال؛

وفيما يلي ترتيب أكثر دول العالم تنافسية  لعام 2018 من حيث معيار المؤسسات:

على مستوى العالم العربي وفي مؤشر المؤسساتية تحديدا تقدمت الإمارات العربية المتحدة على الخريطة الدولية للتنافسية العالمية؛ حيث أنها احتلت المركز السابع عالميًا والمركز الأول عربيًا -الخامس في مؤشر المؤسسات-، في حين واصلت قطر تقدمها في تقرير التنافسية العالمية لتحتل المركز 14 عالميًا والثاني عربيا-العاشر في مؤشر المؤسسات-.

ترتيب الدول  العربية عربيا  وعالميا وفق معيار المؤساستية:

أسماء الدول الامارات قطر السعودية البحرين الكويت عُمان الأردن المغرب الجزائر تونس مصر لبنان موريتانيا اليمن
ترتيبها عربيا 1 2 4 3 8 5 6 7 11 10 9 12 13 14
ترتيبها عالميا 5 10 26 23 57 28 36 49 88 80 64 124 132 134

 

فيما يلي نأخذ مؤسسة "هيئة الأشغال العامة (أشغال)" لدولة قطر كنموذج

في أواخر مايو 2018 أطلقت هيئة الأشغال العامة ما سمته بـ" الاستراتيجية المؤسسية الخماسية 2018 - 2022" وذلك لتنفيذ رؤيتها الجديدة المتمثلة في "التميز في تنفيذ وإدارة بنية تحتية كفؤة ومستدامة". تماشياً مع استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر 2018-2022.منتقلة من كونها هيئة تركز على تنفيذ المشاريع إلى هيئة لديها القدرة الداخلية على الاستمرار في النجاح في تنفيذ تلك المشاريع على نحو كفء وفعّال، من خلال "التعزيز المستمر لرضا العملاء وتقديم الخدمات والحلول الرائدة في إدارة المشاريع والأصول"،وقد حددت الهيئة مجموعة من قيم "أشغال" التي تحدد سمات فريق عمل ذو أداء متميز، وتشمل بما ورد:

المساءلة: نحن جميعاً مسؤولون عن تقديم التميز التشغيلي.

التوجه الخدمي: نحن نركز باستمرار على قيمة خدماتنا.

الصحة والسلامة: صحة وسلامة عملائنا والموظفين والمقاولين على رأس أولوياتنا.

التركيز على النمو: نحن نعمل معاً على تنمية قدراتنا المؤسسية.

الأمانة: نحن أمناء مع الآخرين ونفي بالتزاماتنا.

القدرة على التكيف: نحن نقبل التحديات الجديدة ونتكيف بسرعة مع المتغيرات في محيطنا.

التعلم المستمر: نحن نتشارك الخبرة والمعرفة والدروس المستفادة.