أؤمن بأن عيوننا ما خُلِقت إلا لتبحث عن الجمال، الجمال في أنفسنا، في الأشياء وفي كل ما خلقه الله حولنا، وما الصور إلا إظهار لهذا الجمال، أبحث عن نفسي فيما خلقه الله وكما قال محمود درويش: أعلم بأنني سأجد الطريق يومًا ما.. إلى ذاتي.. إلى حلمي.. إلى ما أريد.  
يا لطول الطريق! أحاول أن أستمتع به وأتغاضى عن عقباته، يسحرني أن أراضِ الله واسعة وأن الله خلق جميعها لنا، وحثنا أن نسعى لنتعرف عليها، تأثرني فكرة وجود أشخاص ما في بقعة أخرى من العالم -العالم الذي أنا منه وفيه- يأكلون ويشربون ويضحكون ويفكرون ويلعبون ويبكون علي أشياء ربما أجهلها تمامًا، أريد التعرف عليها وما أحب ُ ذلك إليّ؛ هذا الإختلاف الذي يخلق بداخلنا شعور بالرحمة والحب والثناء والإحساس بالآخر وتقدير الذات، فلا يشوبها مشاعر الدونية أو فقدان الثقة، أقف كثيرًا عند تلك الآية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وأشعر وكأنها دعوة من الله لعباده للإنفتاح والمعرفة والثقافة والحياة لتقبل الآخر وتقبل الإختلاف.

 خلقنا الله جميعا مختلفون فيما بيننا لنتكامل ونتقارب وليس لنتنازع ونتنافر، ما عندك ليس عندي وأريد التعرف عليه وما عندي ليس عندك يمكنني مشاركته معك

من يتعرف على ثقافة غيره يتعرف أكثر على نفسه، يتأكد مما يحبه حقًا ومما لا يحبه الذي ربما من الممكن أن يظن بسبب قالب بيئته ورؤيته المحدودة وانغلاقه على نفسه وعلى العالم أنه يحبه.

لا أحبُ القوالب ولا أسعى لها، تلك التي تجعل كل شيء في حياتنا مُعد مسبقًا وليس لنا حق الإختيار فيما نريد أن نختار أو لا نختار، أن نحب أو لا نحب وفي أن نكون أو لا نكون، لهذا السفر يفعل بالإنسان ما لا يفعله شئء آخر، يجعل صدره أكثر رحابة لتقبل ثقافات وتجارب الآخرين المختلفة، كما قالت ريم البنا:

" أما أنا فأختار الحرية، أكون قوية، حالمة، صادقة أن أكون وَفِيّة لحلمي وحُبي للحياة وألا أنكسر وأن أشعر بآلالام الآخرين وألاّ أكون سببًا فيها، وألاّ أَمِلُ خُطواتي الصغيرة". 

امنحنا يا الله قدرة التعرف على بلادك الواسعة وعبادك الصالحين، امنحنا القدرة في رؤية الخير والجمال في كل ما حولنا والتغاضي عما عداه، أن ندرك يقينًا بكل حواسنا قول النبي"إن الخير في أمتي باقِ إلي يوم الدين"، لا أريد رؤية جمال مشوه أو مُزيف، أريد جمالًا خالصا وحرية خالصة، امنحنا القدرة على السعي مهما طال الطريق، وألهمنا رؤية بصيص شعاع النور في نهاية النفق المظلم، واشغلنا بك عم سواك.