إن ما يعيشه العالم جراء فيروس كورونا، وما خلفه هذا الأخير من انهيار على مستوى المجتمعات أو اقتصادات الدول، وفشل السياسات العامة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، وما أثبته من عجز للدول العظمى في إيجاد دواء او لقاح له، وجه بوصلة دول العالم ومجتمعاتها إلى أن المتحكم في هذا الفيروس تفوق قدرته القوى البشرية جمعاء، فأدركوا أن دواء هذا الداء لن يكون بشريا بل سيكون سماويا (مثلما جاء في تصريحات بعض الوزراء والرؤساء) وهذا ربما دليل على ضعف موقف صناع القرار في تلك الأنظمة السياسية. 

تَغَيُر اتجاه بوصلة العالم نحو هذه الوجهة أقلق عبدة المشروع العلماني، وأخرج بعض الأفاعي من جحورها، وبعض الأبواق من مخابرها، وخاصة بعدما تم إتاحة الساحة والمنابر للعلماء والمفكرين المسلمين والأئمة من أجل التوعية والتحسيس من جهة، ومن أجل إدراك الذات وتقويمها وإعادة بعث الروح الإيمانية فيها (في الأوساط المجتمعية) لتعزيز روابط الإيمان وتَمتينها وتوطيدها. 

فبدأ عبدة هذا المشروع في نفث سمومهم الفكرية في المخيال المجتمعي للشعوب، فجعلوا من هذا الوباء غازا أو حربا أيديولوجية بين القوى العظمى، كفرضيات صحيحة تتطاول على قضاء الله وقدره، وجعلوا كل الأنظار تبتعد عن التحليلات الدينية والعقائدية حتى لا يلتف العالم حول الإسلام لإنقاذ نفسه، (كون الإسلام هو الورقة الوحيدة التي عجز وسيبقى عاجزا المشروع العلماني على حرقها بإذن الله تعالى) جعلوا هذا الوباء وكأنه نكتة أو أغنية يتم عزفها تارة لإحداث التغيير حتى وإن كانت الشعوب هي الضحية لكنها هي أوركسترا هذه السمفونية.

ويستمر سير قطار مشروعهم العلماني الهدام ليتجاوزوا بعد ذلك إلى مرحلة بناء شخصية وفق مبادئ وقيم تتماشى ومشروعهم الضارب لهوية الشعوب وأصالتها، المدمر لكل قيمها ومبادئها المزيف لتاريخها، والقاتل لمُفكريها وعلمائها، والمشوه لرموزها وأبطالها من خلال القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وبعض البرامج التي يتم بثها.

 هي فرصتهم الوحيدة ربما لإدخال الشعوب العربية في دوامة الثوران والانتفاضة وتحريك حبال الثورة الهدامة التي ستغرق الشعوب العربية في دماء بعضها البعض، وتقضي على التراث الإسلامي والأماكن المقدسة وطمس كل معالم الإسلام والحضارة الإسلامية والتي ستجعل من الأراضي العربية مسرحا لمشروعها الكوني (كما يزعمون) بعد حذفها تماما من الخارطة العالمية أو تحويلها إلى ملاهي يتراقص فيها العرب على مبادئهم وقيمهم وعقائدهم.

وختاما يقولون إن التاريخ حمال أوجه، ها هو التاريخ يعيد نفسه بوجه العلمانية بعدما كان في زمن مضى بوجه التتار والمغول، وليعلم عبدة هذا المشروع أن ملوك المغول والتتار أصبحوا فصولا سوداء في سجل التاريخ، بفضل قلوب كانت أسمى أمانيها الشهادة ورفع راية الإسلام، وكان سلاحها في ذلك الصبر والإيمان.

لن تمل أمهات المؤمنين من إنجاب القادة المسلمين، ولن يتوقف الأبطال عن الرد على كل من يتطاول على الإسلام والعالم الإسلامي.