إذا نظر أي منا في أركان بيته ومقتنياته الشخصية لوجد عددًا كبيرًا من المقتنيات التي لا يحتاجها. وفي الوقت نفسه يحتاج أشياء أخرى قد يعجز عن شرائها. ما الذي يدفع العديد لاقتناء جهازي موبايل؟ أهو التسـويق أم سلوك بشري فطري؟ كيف للتسويق أن يدفعنا لشراء ما لا نحتاجه وترك ما نحتاجه؟

استفادة علم التسويق من علم النفس

بصورة شاملة استفاد علم التسـويق من علم النفس في تحقيق أهدافه. ففلسفة التسويق تقوم على أن للمستهلك حاجات يحتاج لإشباعها بطرق مختلفة. فطريقة الإشباع تمثل الرغبة وتتحول الرغبة لاحقًا إلى طلب. وهذه الفلسفة تحقق رفاه المجتمع والشركات.

مع ذلك فقد تم توجيه بعض التهم للتسـويق بأنه يستفيد من علم النفس لخلق حاجات لدى المستهلكين غير فطرية. وتسمى الحاجات الوهمية. وبعد خلق هذه الحاجات يقوم التسويق بتقديم طرق لإشباعها. وهذا ما يبدأ عند قلة من الجمهور ولكن لاحقًا تتوسع لتتحول إلى حاجة جمعية وهمية.

من جهة أخرى يدافع منظرو التسويق بأن التسويق لا يمكنه خلق حاجة غير موجودة في النفس البشرية. وإنما يقوم باستحضار الحاجات الكامنة داخل الإنسان نظرًا لكونها تحقق رفاه الفرد. ولكن ما يغفله التسويق هنا أن الحاجات الجديدة التي تثار داخل الإنسان يتم إشباعها على حساب الحاجات الأساسية.

حاجات غير موجودة!

في الحقيقة قد لا يخلق التسويق حاجات غير موجودة في النفس الإنسانية. لكنه يحاول إشباع حاجات الإنسان الطبيعية بطرق تحقق مصالح الشركات. لا سيما أن حاجة المكانة الاجتماعية وتحقيق الذات حاجة فطرية. لكن التسـويق يقنع المستهلك بأن إشباعها يتم من خلال اقتناء سلع محددة.

التسويق ودغدغة المشاعر

بصفة عامة يميل غالبية الشبان -لا سيما الصغار منهم- للظهور بمظهر الرجولة وهذه فطرة طبيعية. لكن الشركات المسوقة تقدم صورًا لرجال مفتولي العضلات وعلى ظهور الخيل مما يوحي بأنهم فرسان مع نظرة للأفق وسيجارة في أيديهم. وفي الوقت نفسه تكتب هذه الشركات في أدنى الصورة وبخط صغير التدخين ضار بالصحة!

من جهة أخرى بعبارة التحذير من التدخين تكون الشركة قد ادعت قيامها بالمسؤولية الاجتماعية. إلا أنها في حقيقة الأمر تكون دغدغت مشاعر الرجولة داخل الشباب مما يدفعهم للتدخين. خصوصًا أنها تخاطب العقل الباطن لديهم.

تأثير الثقافة التسويقية على السلوك الشرائي

في الحقيقة إن غالبية السلوك الشرائي الذي نقوم به جميعنا يخضع لتأثير الثقافة التسويقية. وهذا ما يؤكد لاأخلاقية التسويق. بالإضافة إلى ذلك فقد تقود -وعلى المدى الطويل- لما لا يحمد عقباه. فالتسـويق ليس بريئًا من انتشار المخدرات والطلاق والجريمة والخيانة الزوجية وغيرها.