تشاركنا الأوضاع الراهنة من حوادث وكوارث تحرق حياة الشباب مهددة لهم ومستأصلة شأفتهم ومزيلة إضاءة وجوههم من وسط العامة. الشباب، عبارة عن الحماسة والشجاعة وأمل الأمة ورمز القوة، تتجمعُ فيه الأفكار البناءة والأعمال الفعالة. نحب أن نصغي إلى الأنباء الشاملة عن بطولات الشباب من حصولهم على المراكز العالية في مختلف المجالات، فهمتهم تحتاج إليها الأمة دائمةُ الأبد، والمجتمع الحقيقي المهتم بمستقبل شبابه لن يُضَيّع لحظة من اللحظات التي تجعله قادراً على حمل الشباب للقيام برسم خارطات الأهداف البنائية للأمة. 

عسى لديكم سؤال عما يقوم به الشباب في المجتمع الجاري على أيادي الكبار والشيوخ، فأجيب ليس هناك فضاء في المجتمع إلا للشبابِ نصيب فيه؛ فقوة الشباب تفتقر إليها متطلبات كل مجتمع كي لا تنفلت قدماه، فتثبت بها، و لا أحصر لفظ القوة في النفوس فقط بل في القلوب فذلك أولى؛ إذا كانت القوة الموجودة لديهم قوة إيمانية فذاك مباركٌ محمود ولهم في الدنيا والآخرة ما لا ينال غيرهم؛ أشار إليهم قول حبيبنا المصطفى محمد (ص): [سبعة يُظلّهُم الله في ظِلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: وعدَّ منهم: [شاب نشأ في عبادة الله].

و لا يخلو فرد في هذا الوقت من تقلبات وتمايلات نفسية تدعوه إلى ارتكاب المعاصي والزلات. لكن القوي منهم من تحكم في نفسه وقلبه. 

العلم سلاح يقف ضد الأباطيل والأكاذيب. فالشباب إذا صاروا أهل العلم والعرفان فلن تطال الأمةَ أبصار الأعداء إذا خدموا المجتمع بالعلم، فليس بعده أجمل منه ولا أطيب، فقد قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: "ما آتى الله عزّ وجلّ عبدًا علمًا إلاّ شابًّا، والخيرُ كلُّه في الشّباب" .. كم من شباب اليوم يُعرِضون عن العلم والعلماء ويلجأون إلى معاقل المحرمات والملاهي الملذات، ويا ليتهم يفتحون أعين القلب ولو لمرة ويفهمون ما هم فيه.. و هنا يظهر فضل من سافر في شبابه تاركا أحبابه لأجل كسب العلم.

اعتبر الإسلام قوة الشباب على أنها تستعمل في الإعلاء الإيجابي للأمة. و هنا يلزم لرؤساء الأمة تيقن حضورهم في عمليات التطوير والتنمية، ولا يبقى مقعدهم فارغاً، إذ لا بد من ارتباطٍ قوي بينهم وبين المجتمع ليستند في متاعبه ومصاعبه. و هناك أمور لا يكون إتقانها إلا بأيادي الشباب، وأفكارٌ لن تنبثق أبداً إلا من عقول الشباب ذوي المَلكات والمواهب لذلك لابد لمساحتهم أن تُفرَغ وتبقى لهم ليُظهروا قوتهم الحقيقية.. ومن الصحابة من اهتم بهذا، و منهم عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) إذ اتخذ من شباب الأمة مستشارين له، يشاركون الأشياخ الحكماء في مجلسه، ويعطون ما عندهم من الآراء لمنفعة الأمة. فكيف يمكن لأمراء الأنانية إهمال عبرة هذا الحدث التاريخي! 

 "الشباب هو الثروة الحقيقية، وهو درع الأمة وسيفها والسياج الذي يحميها من أطماع الطامعين" قالها الشيخ زايد بن سلطان.

نعم هم الثروة الحقيقية، التي يمكن بها الترقي في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة، أصواتهم في السياسة مهمة جداً في تعيين مستقبل المجتمع، وهم بناة مجد الأمة وحفظتها. لا يفوت لفرد وقت شبابه عبثا لأنه لا يمكن تعويض الفائت بعده. ففكروا يا شباب…