استيطان غزة من جديد ليست فكرة عابرة، ومخطأ بل جاهل من يظن أن كل ما يقوم به العدو في حرب إبادته هذه أنها مجرد رد فعل مبالغ فيه على مبادرة المقاومة.

بل الأدق هو ما أعلنت عنه المقاومة في عدة تصريحات بأنها كانت ضربة استباقية، خاصة أن أي أهداف عسكرية للجيش تخلفها أهداف سياسية واستراتيجية بعيدة المدى.

لدينا نموذج آخر لا طوفان فيه ولا مقاومة بالزخم الموجود في غزة، ومع هذا لم تتوقف سرقة الأراضي وتوسع المستوطنين وما يجري هناك الآن هو بناء ممنهج لدولة المستوطنين في الضفة الغربية، وبدأوا بإطلاق دعوات لاهلنا هناك بالمغادرة.

خلاصة القول، أن الحرب أعمق وأوسع من فعل ورد فعل وأن دورنا جميعا فيها الثبات والتصدي حتى النهاية، لا خيار آخر أمامنا كما لم يكن من قبل، ولكن يأتي الطوفان هذه المرة في وقت حرج أمام تغيرات كبرى في النظام العالمي، تتراجع فيه قوى كبرى ويتعاظم فيه نفوذ قوى أخرى.

في ظروف مشابهة، كانت الحركة الصهيونية قد بدأت حربها الكبرى لاحتلال الأرض وإنشاء دولتها، والرؤية لدى محور المقاومة هي أن ذات الظروف الآن سانحة ليس فقط لصد وافشال تصورات العدو بالتوسع والتهجير وتغيير خارطة الشرق الأوسط كما يدعون بل وبتحقيق إنجازات وطنية وعربية كبرى سقفها التحرير وحدها الأدنى كيان ضعيف معزول منشغل في أزماته وحروبه الداخلية التي ستنفجر حتما في وجه من خاضوا حرب "القيامة" التي وضعت الكيان في نفق مظلم وإلى الأبد وخطوة ما قبل الزوال والنهاية.