أيّتها المسؤولة التي رفعت يدكِ في قاعة الأمم المتحدة لتقولين “لا” أمام دماءٍ غَسَلت شوارع غزّة، توقّفي لحظة وتأمّلي: أترين وجوه الأطفال الذين سقطوا بلا ذنب؟ أسمعتِ أنين الأمهات تحت الركام؟ إنّ قرارك ليس حبرًا على ورق، بل رصاصة أُطلقت على قلب الإنسانية.

تذكّري أنّ التاريخ لا ينسى، وأنّ القلوب المكلومة ترفع دعاءها إلى ربٍّ عادلٍ لا تغيب عنه خافية:

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم:42].

الفيتو الذي اعتبرته “مصلحة سياسية” سيتحوّل شاهداً عليكِ يوم يقف البشر جميعًا للحساب، يوم لا حصانة ولا مقعد دائم.

منذ أن أُنشئ مجلس الأمن، صار حقّ النقض (الفيتو) أداةً لتعطيل قرارات إنصاف المستضعفين، حتى غدا سلاحًا بيد القوى الكبرى. وأمريكا تحديدًا استعملته عشرات المرّات لوقف أيّ قرار يُدين الاعتداء على فلسطين.

النتيجة واضحة: حمايةٌ غير مشروطة لإسرائيل، وإطالةٌ لعمر الحروب، ورسالة صريحة بأنّ المصالح أهمّ من حياة الأبرياء.

الوقائع والبيانات الرسمية تكشف دعمًا سياسيًا وعسكريًا وماليًا متكرّرًا لإسرائيل، من تزويدها بالسلاح والذخائر، إلى تعطيل أيّ مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار. هذه السياسات هي التي تمنح آلة الحرب غطاءً دوليًا، وتجعل النزيف الفلسطيني يستمر. يوما بعد يوم نتأكد أنّ من تسمي نفسها إسرائيل هي الولاية رقم 51 وتابعة لأمريكا لا غير.

أيتها المسؤولة، وأيّها الساسة الذين يرفعون لواء “الحرية” بألسنتهم ويمحونه بأفعالهم: الفيتو قد يُسكت مجلس الأمن، لكنّه لا يُسكت ضمير الإنسانية، ولا يوقف دعوة المظلوم التي قال عنها النبي ﷺ: “واتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنَّه ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ” (رواه البخاري ومسلم).

ارفعوا أيديكم عن دماء الأبرياء قبل أن ترتفع الأكفّ إلى السماء تدعو عليكم، فذلك اليوم لا فيتو فيه ولا استثناء.