مساءَ يوم الخميس 7 ربيع الأول 1440ه/ الموافق لـ 15-11- 2018 م نظمت صفحة عمران في فيس بوك جلسة فكرية من تأطير المهندس عبد الرحمن عبد الله، والتي تحدث فيها عن "اقتصاد المعرفة" باعتباره من الموضوعات الحديثة كثيرة التناول عميقة الأثر. (يمكنك مشاهدتها من هنا )
عمران: يُسعدنا أن نُرحب بمتابعي صفحتنا من الشباب المُسلم. نتشرف وإيّاكم باستضافة المهندس عبد الرحمن عبد الله من السودان الشقيق، مهندس بترول مُقيم في أمريكا.
في جلستنا معكم سنُعرّج لموضوع "اقتصاد المعرفة"، ما هي محاوره ؟ ما هي أقسامه؟
يتفضل الأستاذ عبد الله مشكورا، نفعنا الله بعلمه، أهلًا وسهلًا به..
عبد الرحمن عبد الله: أكرمكم الله، نصلّي ونسلم على المصطفى صلى الله عليه وسلم، ابتداءً أشكر الإخوة في عمران على هذه الدعوة الكريمة، وأسأل الله أن يتقبل جهدهم وسعيهم لنشر المعرفة، كما أشكر متابعينا الكرام، أسأل الله أن يُمكنني لتقديم الجديد المفيد لهم.
موضوع اليوم "اقتصاد المعرفة" وهو قضيّة قديمة متجددة، وأحسب أنّ الكثيرين منّا لهم إطلاع سابق.
لو نتأمل في جلستنا هذه، نجد أنّ كل واحد منّا في مكان مختلف، الشيء الذي يجمعنا الفضاء الأزرق "فيس بوك" الذي ملأ حياتنا، أثر على مجتمعاتنا وثقافتنا، وهو أحد نتائج ما يُعرف بثورة المعلومات، التي لن نتمكن من الحديث عنها دون التطرق إلى "اقتصاديات المعرفة"، فهما شيئان متدخلان.
سنتحدث عن "اقتصاديات المعرفة"، ولتحرير الأفكار والمصطلحات نبدأ أولا بتناول نبذة تاريخية عن تطور المجتمعات البشرية والنشاط الاقتصادي فيها، كان المجتمع البشري الأول زراعيا، أي أنّ النشاط الزراعي هو النشاط الأساسي الذي يُميزه، وقد استمر فترة طويلة.
عندما وضع آدم سميث أبو النظرية الاقتصادية الحديثة كتابه " ثروة الأمم"، كان يتحدث وفي مخيلته النشاط الاقتصادي الزراعي الذي يعيشه، وقد وضع المقومات الأساسية للعنصر الاقتصادي في ذاك الوقت، وهي ثلاثة: رأس المال، القوة العاملة والأرض، إذا حاولنا ربط هذه العناصر مع النشاط الزراعي نجد أنّها متداخلة ومترابطة به، بحيث إذا لم تمتلك أرضًا لا يُمكنك أن تنتج، كما أنّ غياب الآلة يعني الحاجة إلى الجهد البشري كقوة عاملة بدونها لا يُمكنك أن تزرع وتنتج، تمويل العملية الإنتاجية من خلال رأس المال.
مع دخول الآلة البخارية تطور المجتمع البشري قليلا، وحدث تغيير في العملية الزراعية، حيث سمحت الآلة للمزارعين بالاعتماد عليها بدل الاعتماد على الجهد البشري، مع تقليل تكلفة الإنتاج وزيادة المساحة المزروعة، كان هَمُ أهل الصناعة: كيف ينتجوا منتجات تعتمد على الآلة لتطوير النشاط الزراعي؟ ونجحوا في ذلك نجاحا كبيرا، وأصبح النشاط الاقتصادي بالمناصفة بين الزراعة والصناعة، مع مرور الوقت، وبعد التمكن من جعل العملية الزراعية ميكانيكية، وجدوا أنّ الصناعة يُمكنها حل الكثير من المشاكل التي تُواجهها المجتمعات في حياتها اليومية، كالملابس، الصناعات الغذائية، الطائرات، وسائل النقل، الأوراق، والكتابة،.. أصبحت الصناعة ثروة جديدة، انتقلت بها المجتمعات من مجتمعات زراعية إلى صناعية، برز هذا بشدّة في أمريكا، حتى أنّ نشوء الحرب الأهلية الأولى كان بسبب وجود نشاطين اقتصاديين مختلفين، في الولايات الجنوبية نشاط زراعي يعتمد على اليد العاملة، أما الولايات الشمالية انتقلت إلى النشاط الصناعي وقللت من الاعتماد على اليد العاملة، مع تحرير العبيد الذي يعني للولايات الجنوبية تدمير نشاطهم الاقتصادي.
تطور المجتمع الصناعي حيث أصبح أقل اعتمادًا على اليد العاملة، والأرض، لكن ظلّ رأس المال قضية محورية، مع هذا التطور وجد الصُناع أنفسهم أمام تحدي جديد وهو كيفية ترتيب عملية الإنتاج الداخلية، وكيف يستعينون بالثورة الجديدة "ثورة الكهرباء" التي حدثت في منتصف القرن الثامن عشر، والتي أدت إلى ظهور ثورة "الإلكترونيك"، هذه الأخيرة أرفدت المجتمع البشري بمنتجات جديدة كالهواتف، الفاكس،..
أمام هذه المعطيات أصبح هناك "ثورة من المعلومات"، صارت المعلومة متوفرة، يستطيع الصانع من نيويورك أن يتواصل مع المشتري من طوكيو مباشرةً دون الحاجة إلى إرسال خطاب يصل بعد أسبوعين إلى ثلاثة، هذه الثورة قَرّبَت المسافات، وبدأ الناس يفكرون في كيفية استخدامها لترتيب الصناعة نفسها وتقليل التكلفة، مع هذا التطور ظهر مجتمع جديد ألّا وهو "المجتمع المعرفي"، حيث أخذ صورته النهائية تكامل ثورة الاتصالات والمعلومات بظهور إنترنت التي كانت كفيلة بإيصال ذاك المجتمع إلى قيمته.
بعد استعراضنا لتطور النشاط الاقتصادي، نأتي إلى قضية "اقتصاد المعرفة"، الكثير من الناس يتحدثون عنه باعتباره مصطلحا حديثا، لكن حقيقة الأمر أنّ هذه الفكرة ليست حديثة كما نظن، أول من تحدث عن اقتصاد المعرفة عالم الإدارة بيتر دراكر (Peter Ferdinand Drucker)، والذي تشرفت بالدراسة في الكلية التي أسسها هنا في أمريكا، في 1966 م أصدر كتابًا مشهور اسمه " Age of Discontinuity" الذي تنبأ فيه بتلاشي تأثير عناصر الاقتصاد التقليدي (الأرض- القوة العاملة ورأس المال)، حيث بدأ يلاحظ أن تلك العناصر الثلاثة تناقصت الحاجة إليها، ولم تعد تلعب نفس الدور، في الفصل الثاني عشر من ذلك الكتاب، استخدم بيتر مصطلح "اقتصاد المعرفة" للإشارة أنّ الاقتصاد الحديث سيعتمد على نمط جديد هو تطور التشكل.
أحسب أننا قد قدمنا فذلكة تاريخية، ووصلنا للحديث عن اقتصاد المعرفة بصورة مباشرة، سنبدأ ببعض التعريفات: ما هو اقتصاد المعرفة؟
اختلف المختصون في توصيفه، شأنه شأن أيّ مصطلح، يعرّفه البنك الدولي " بأنّه الاقتصاد الذي يعتمد على اكتساب المعرفة وتوليدها ونشرها واستثمارها" وقدمت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تعريفا قريبا من ذلك.
التقرير الاستراتيجي العربي يقول "اقتصاد جديد فرضته طائفة جديدة من الأنشطة المرتبطة بالمعرفة، وتكنولوجيا المعلومات والتجارة الإلكترونية. نلاحظ أنّ هذا التعريف بدأ يُشير إلى العوامل التي تتحكم في هذا الاقتصاد الجديد، كلما كان التعريف حديثا كلما كان ينطوي على عدد أكبر من النشاطات التي يعتمد عليها اقتصاد المعرفة.
اقتصاد المعرفة فرع من العلوم الأساسية، يهدف إلى تحسين رفاهية الأفراد، عن طريق دراسة نظم تصميم وإنتاج المعرفة، ثمّ إجراء التدخلات الضرورية لتطوير هذه النظم، من جهة أولى، يُولّد هذا الفرع نماذج نظرية من خلال البحث العلمي، ومن جهة ثانية فهو يطوّر الأدوات العلمية والتقنية التي يمكن تطبيقها على العالم الواقعي.
من أفضل التعريفات ما قدمه الباحث ادوارد سونس سترام "اقتصاد المعرفة هو فرع من العلوم الأساسية"، من المعروف أنّ العلوم الأساسية هي التي تمنح لها جوائز نوبل كالاقتصاد، الفيزياء، الكيمياء،...ـ اعتبار اقتصاد المعرفة فرعًا عنها أمرٌ جديرٌ بالتأمل.
يقول أيضا "يهدف إلى تحسين رفاهية الأفراد" هُنا إشارةٌ أخرى أنّه ليس اقتصادًا مبنيا على الترف أو جدل الأفكار التي لا طائل منها، بل هو اقتصاد هدفه الأساس رفاهية المجتمع.
"..ذلك عن طريق دراسة نظم تصميم وإنتاج المعرفة، ثمّ إجراء التدخلات الضرورية لتطوير هذه النظم، من جهة أولى، يُولّد هذا الفرع نماذج نظرية من خلال البحث العلمي، ومن جهة ثانية فهو يطوّر الأدوات العلمية والتقنية التي يمكن تطبيقها على العالم الواقعي"، هنا يشير إلى أنّ هذا الاقتصاد لا يكتفي بتقديم النظريات البحثية، لكنه يعتمد على تحويل هذه النظريات من الكتب إلى أرض الواقع، وتقديمها للمجتمع في شكل منتج عملي.
ننتقل الآن للحديث عن عناصر اقتصاد المعرفة، هل يعتمد على نفس العناصر الثلاثة للاقتصاد الرأسمالي؟ أجبنا عن هذا السؤال سابقًا بلا، إذن، ما هي العناصر الجديدة؟
1- الابتكار هو روح اقتصاد المعرفة والعملية الاقتصادية الحديثة، هو الذي جعل مخترع فيس بوك مارك زوكربيرغ (Mark Elliot Zuckerberg) ينسحب من أفضل الجامعات العالمية "هارفرد"، لأنّه يمتلك ملكّة الابتكار، وشعر بقصور التدريس التقليدي عن تنمية هذه الملكات، بينما السوق المقابل جاهز لاستقبال تلك الابتكارات الجديدة، ترك مارك قاعة الدرس وذهب إلى السوق الذي احتضنه وجعل منه أصغر ملياردير في العالم، وتوجد نماذج شبابية مشابهة أيضا.
2- التعليم أصبح الحديث عنه اليوم مختلفا لاختلاف العملية التعليمية نفسها، حيث أنّ العملية التقليدية لم تعد مطلوبة ولا تتحكم في اقتصاد المعرفة، دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، اعطاء فرصة للطلاب لتعليم المهارات التعليمية المختلفة ودمجها في العملية التعليمية، هذا ما نعنيه بعنصر "التعليم"، وهو ما نفتقده في مجتمعاتنا التي تعتمد على النظريات التقليدية، والمناهج الجافة التي لا تتفاعل مع احتياجات السوق اليوم.
3- البنية التحتية: لا يُمكننا الحديث عن اقتصاد المعرفة وثورة المعلومات بمعزل عن البنى التحتية لتكنوليوجيا المعلومات والاتصالات، لا يمكن الحديث دُون وجود بنية تحتية لكل من إنترنت، شبكة الألياف الضوئية (Fiber optic)، والأقمار الصناعية العالميّة أو المحلية (Satellite)، هذا ما جعل الدول الفقيرة كالهند تتفطن لأفضلية امتلاك القرى لشبكة انترنت عوض شبكات الصرف الصحي ضمانا لمستقبل أفضل لأبنائها.
للأسف الشديد، مازالت البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات عندنا ضعيفة وهشة، بينما مازالت الحكومات وصناع القرار يُفضّلون استثمار أموالهم في المهرجانات التي لا طائل منها.
4- التشريعات والقوانين: ظهور تحدي جديد، حيث تعتبر التشريعات القديمة غير مناسبة لتغطية هذا النمط الحديث من الاقتصاد، وأبعد من ذلك، خلقت التكنولوجيا مشاكل لم تُحسِن القوانينُ التعاملَ معها، مثلا، قضية اختراق المعلومات والحسابات، لم نجد للآن صيغة قانونية للتعامل معها.
إذن التشريعات والقوانين مسألة مهمة، لأنّ هذا النمط الجديد نمطٌ خطير، لأنّه يجعل المعلومة متاحة للجميع، ويفقدهم خصوصياتهم، فإذا لم تحدث الحكومات تشريعات حادة وحاسمة وذكية لتتمكن من التعامل مع المعطيات الجديدة، فسنجد أنّ هذه النعمة ستتحول إلى نقمة.
عُمران: يسأل أحد المتابعين: من بين أساسيات "اقتصاد المعرفة"، برأيكم، ما هو العنصر الذي ينبغي أن نبدأ في تطويره؟
عبد الرحمن عبد الله: في تقديري التعليم، ويتضمن اللغة، أي شاب عربي أو مسلم يحتاج أن يُتقن تكنولوجيا المعلومات ويطوّر من لغته، هذا هو السلاح لتلقي العلوم والاندماج في المجتمع الدولي.
ما هي الدوافع الرئيسية التي حتمت على المجتمعات التعامل مع "اقتصاد المعرفة"؟
1- العولمة، أصبحت المنتجات والأسواق مفتوحة، وتلاشت الحدود بين الدول، بل وسلبتها المقدرة على فرض قوانينها، يمكن للسائح مثلا أن يتعامل بنفس الأدوات في البلد الذي يزوره دون حاجته أن يُؤَقلم نفسه مع الواقع الجديد، الأخطر كون هذه العولمة قد فرضت قوانين جديدة وأصبحت تتحكم في الدول.
2- ثورة المعلومات، أكثر من 70 % من العمالة في الاقتصاديات المتقدمة تعتمد على Information Works أي أنّ العمل العضلي والشاق أصبح لا قيمة له، وعمالة المعلومات هي الأكثر حاجة ورواجًا في العالم الجديد الذي نعيشه.
قد حصل تقليص مريع للفترة الزمنية التي تحتاجها النظرية العلمية للانتقال إلى التطبيق العملي، وفي حالات، الحاجة التي يُمليها التطبيق العملي هي التي تُحتِم البحث عن نظرية!
3- المنافسة المتزايدة بين الشركات لم تعد تتعلق بجودة المنتجات، بل بتقليل التكلفة مع الاحتفاظ بقدر كافي من الجودة، هذا ما دفع لهروب الكثير من الشركات إلى الدول الأقل نموا لأن تكاليف الإنتاج فيها أقل، فتبحث عن ملاذ يُوفر الحد الأدنى من الضمانات، هذا ما جعل دولا مثل بنغلاديش، أندونيسيا، وماليزيا تحتضنها وأصبحت توفر البيئة الإنتاجية لها بينما الدول العربية لم تفعل، الأزمة هنا أزمة سياسة لا تقرأ الواقع بشكل صحيح، ولا تتكيف مع التغيرات.
4- التجارة الإلكترونية أجابت في البداية عن السؤال: كيف تبيع الكترونيا وتستغني عن المتاجر؟ ثم تجاوزت هذا المستوى إلى آخر: كيف تكون عملتك إلكترونية؟ والعملة أخذت عدّة تدرجات بدءً من البطاقة المصرفية (Credit Card) الآخذة في التطور إلى Digital Card ، مازلنا في البدايات والمستقبل يخفي لنا الكثير مما سيّغير طبيعة تعاملنا مع بعض، ثقافتنا، وطبيعة تفكيرنا.
نحن نشهد الآن حالة بشرية جديدة مختلفة تماما عمّ كان يعيشه أجدادنا.
عمران: يسأل متابعنا: هل ترون أنّ عالمنا العربي والإسلامي مُهيأ لهذا النوع من الاقتصاد؟
عبد الرحمن عبد الله: قطعا نحن مهيئون، لأن هذا النوع من الاقتصاد يحتاج أن تعرف كيف تكتسب المعرفة التي أصبحت في غاية اليُسر لوجود منصات تعليمية حديثة مثل: coursera أو Open Yale Courses ، تُوفر نفس المادة العلمية وبنفس الجودة للطالب الذي يعيش في نيويورك كما للطالب الذي يعيش في أصقاع افريقيا، أصبحت الإمكانات الشخصية هي العامل الأساسي، وهذا لا ينقصنا، لكن تنقصنا البنى التحتية لوسائل التكنولوجيا، إذا استطاعت الحكومات توفيرها، في تقديري يُمكن للشباب العربي أن يكون منافسا لأبناء المجتمعات الثريّة، إضافة إلى اللغة، التي تشكل عائقا كبيرا لمجتمعاتنا، فمعظم العلوم والمعارف مقدمة باللغة الإنجليزية واللاتينية.
ما هو أثر "اقتصاد المعرفة" على الناتج الإجمالي؟
قدرت الولايات المتحدة الأمريكية أنّ اقتصاديات المعرفة أصبحت تمثل 7% من الناتج الإجمالي العالمي، الجديد يكْمُن في توقعهم أنّها ستنمو عالميا بنسبة 10 % سنويًا، وهي نسبة ضخمة ومؤشر بأن هذا النوع سيهيمن على الاقتصاد العالمي في عقد أو عقدين من الزمن.
أكثر من ذلك، وجدوا أن 50 % من الانتاج في الاتحاد الاوروبي نتيجة مباشرة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ظلّت أكبر الشركات العالمية شركات نفطيّة إلى غاية 2011م، حيث تصدرت شركات أخرى تُعبر عن اقتصاد المعرفة مثل شركة Apple، Amazon، Microsoft، كلما امتلكنا شبكة من الشباب المُبرمجين الذي يقرؤون الواقع بشكلٍ جيّد ويحاولون استحداث تطبيقات جديدة تُلبي احتياجات المجتمعات، كانوا أقرب للتعامل مع الشركات العالمية التي تبحث عن كلّ جديد مطوّر.
عمران: أثريتم الجلسة أستاذ عبد الله بتطرقكم لواقع العالم العربي والإسلامي وإمكانياته، إذ نجد الكثير من المثبطين الذين يرون أنّنا عاجزون عن إحداث أي تغيير وتطوير.
يسأل أحد المتابعين: كوننا في عصر السرعة الذي قلّص بين النظرية وتطبيقها فعليًا، ألّا يؤثر ذلك على جودة المنتج؟
عبد الرحمن عبد الله: ليس بالضرورة أن يؤثر تقليص الزمن بين النظرية والإنتاج على المنتج، لأنّ التحقق العلمي (Process Validation) مازال كما هو بل آخذ في التطور، ومراقبة الجودة (Quality Control) أحسن مما سبق، لذا ففي الحالة العامة أرى أنّ الجودة لا تتأثر، وإن تأثرت فهي حالة استثنائية.
عمران: يسأل آخر، ما هي فرص العمل والمشاريع الأكثر قابلية وتداولًا في المستقبل القريب والقائمة على "اقتصاد المعرفة"؟
عبد الرحمن عبد الله: بصورة عامة، توجد كمية من الوظائف التي جاءت بها اقتصاديات المعرفة، من بينها الباحث (Researcher) لأنّ الإنتاج صار عالميًا، لكن للاستفادة من هذا الباب نحتاج للغة كما تحدثنا سابقًا.
عمران: اقتصاد المعرفة والحوكمة الإلكترونية، هل يُوجد بينهما نقاط تقاطع؟
عبد الرحمن عبد الله: بلى، هما شيئان لا ينفصلان أبدا، أصبحنا في حاجة لجهد أكبر للحوكمة، و هي من بين أهم فرص العمل الجديدة.
عمران: نشكرك دكتور، لو تتكرم برسالة ختامية تحفيزية للشباب..
عبد الرحمن عبد الله : العالم اليوم يُوفِر الكثير من الفرص التي لم تكن متوفرة لآبائنا وأجدادنا، التحدي في كيفية اقتناصها والتعامل معها. نحن بحاجة لمعالجة اللغة حتى نندمج بطريقة أكثر حيوية مع العالم.
الفرص متوفرة بكثرة، وأصبح التواصل أسهل، المطلوب أن يضع الشباب المزيد من الجهد ويفكر خارج الصندوق ويبدأ بتطوير نفسه، وسيستغرب أن العالم منفتح له بشكل كبير جدا.
عمران: سعداء باستضافتك على أمل أن يتجدد اللقاء معكم، بارك الله فيكم وفي جميع المتابعين.