إنّ الاقتصار على تحديد مفهوم الحضارة، لا يأتي بكبير فائدة، إن لم نستكشف التطبيقات العمليّة التي تُساهم في توجيه العاملين إلى المتطلبات اللازمة للنهوض بالأمّة على الصعيدِ الفردي والجماعي، وقد سعى لذلك الدكتور مصطفى المومري في برنامج «حضاريون» الرمضاني.
نستعرض معكم «مراحل الحضارة» والتي وردت في خمس حلقات متتاليّة، من الحلقة الثالثة إلى السابعة (يُمكنك الاطلاع على جميع الحلقات من هُنا)، نستفيض في شرحها مُستعينين بميراث مُفكر الحضارة مالك بن نبي رحمه الله، تقرؤون في هذا التقرير:

  1. طَورُ «القيصريّة» بداية أفُول الرُوح والحضارة الإسلاميّة.
  2. في البدايّة كان إشعاعُ الفكرة الدينيّة.. 5 أسبابٍ أدّت إلى انكسارنا!
  3. « التحضّرُ بدايةُ الانحطاط!».. ماليزيا تصنع الفرق.
  4. «المعضلة الكُبرى».. طرائقٌ شتى تغتال الحضارة!

  (1) طَور «القيصريّة» بداية أفُول الرُوح والحضارة الإسلاميّة..

قبل التطرقِ إلى مراحل الحضارة عند بن نبي، نُشير كمدخلٍ أساسيّ إلى أنّ الحضارة عند ابن خلدون تتجسد في بناء الدولة التي تمر بفترات ومراحل، قلما تختلف بين الأمصارِ والشعوب، وقد ذكر تلك المراحل الدكتور المومري وهيّ: مرحلة الفتوّة والشباب، مرحلة الرشد والكُهولة، ثمّ مرحلة الشيخوخة والهرم، لا يخفى عن القارئ أنّ هذه التسميّات الثلاث تتشابه تمامًا مع أطوار حياة أيّ فردٍ من النوع الإنساني! وهي تُوحي بأنّ أول طورٍ يتَسِمُ بالبداوة والتوحش، ثمّ حياةَ البذخ والترف ورِقة العيش، ثمّ الفناء بعد بُلوغ سن الشيخوخة والهرم.. وكذلك هيّ دورةُ حياةِ الدولة!
وبمقيّاس مُختلفٍ عمّا سبق، نظَر مالك إلى الحضارة بدلالة القيم الاجتماعية وفق خطّ الزَمن، فكان أن قسّمها إلى ثلاثِ مَراحل سيأتي تفصيلها، وهيّ: مرحلة الرُوح أي ما قبل التحضر، مرحلة العقل أي التحضر، ومرحلة الغريزة ويقصد بها ما بعد التحضر.
قصد استخراج السر الكوني المركّب للعناصر الثلاثة للحضارة، حلّلّ مالك دورتين من أدوار الحضارة[1] وهُما: "الحضارة المسيحية" و"الحضارة الإسلاميّة" في المرحلة الأولى من نشوءهما أين يشتركان في الانطلاق من "الفكرة الدينية" والتي تطبع الأفراد بطابعها الخاص وتوجههم نحو غايات ساميّة، بينما يختلفان في البيئة التي ظهرت فيها الفكرة، فنجدّ مثلمَا شرح الدكتور المومري أن الفكرة الإسلاميّة جاءت في مجتمعٍ فطري بدويّ بعيدٍ إلى حدٍ مَا عن الصراعات الفكريّة، رغم وقوعه في براثين الوثنيّة، وظلّت محفوظةً بحفظِ القرآن.
 أما المسيح عليه السلام فقد بدأت دعوتُه في بيئةٍ موبوءة بالصراعات الفكريّة والنزاعات، وهي متنوعة الأقوام والمعتقدات، لِذا تعثرت الفكرة المسيحيّة ولم تُحقق حضارةً إلّا بعد قرون من ظهورها، حيث عرفت توسعًا عقليًا وتحريفًا وتجريدًا من البُعد الرُوحي، على عكس الحضارة الإسلاميّة التي واجهت تحديّات أقل وحققت حضارةً كان مبتدؤُها "الرُوح" مُذ ظهورها.
مالك لم يكتفِ بتحديد المراحل، فقد بيّن أيضًا متى انتقلت الحضارة الإسلاميّة من مرحلةٍ إلى أخرى؟ يرى أنّ مرحلة الرُوح تجسدّت في عهد النُبوة، وقد تركبَت فيها العناصرُ الجوهريّة للمجتمع الذي اتخذ من القيم والأخلاق ضابطًا في العلاقات الاجتماعيّة والخارجيّة، فكانت الروح عاملًا نفسيًا أساسيًا.
ثمّ أخرجت صفينُ[2] الحضارةَ إلى "طور القيصريّة" فساد عامل "العقل" وزُيّنَت الأبَهَةُ والعظمة، في هذه الحالة تمّ تغليب العقل على الروح مما مَكّن من استفحال الغريزة، فاستجاب المجتمع لشهواته ورغباته، ما أدى ويؤدي حتمًا لسقوط الأمم!
تميّز طَرح مُقدّم البرنامج حينما أخذَ مراحلَ الحضارة ببعدٍ عَمليّ، مُسقطًا إياها على واقع الأفراد، إذْ أكدّ أن مُنحنى الحضارة ينطبق أيضًا على حياتنا الشخصيّة، في انتقالنا من حالة غَلبة الُروح إلى غَلبة العقل وصولًا إلى الاستسلام للغريزة أين نشهد فتور الرُوح والعقل معًا.

(2) في البدايّة كان إشعاعُ الفكرة الدينيّة.. 5 أسبابٍ أدّت إلى انكسارنا!

«مرحلة الروح تعتبر تمثيلا أوليا لإشعاع الفكرة الدينية، تلك التي تمتلك النفوس فتبْنِيها بناءً مرصوصًا.»
-مالك بن نبي-

«الرُوح» أوّل مرحلةٍ شكلت أساسات الحضارة الإسلاميّة، وقد أسماها بن نبي بمرحلة "الضمير الحضاري" الذي يظّل يَقِظًا مُنذرًا في حال حُصول أيّ عارضٍ يُهدد الجانبَ القيمي أو الأخلاقي.
كما أشرنا سابقًا، مرحلة الرُوح كانت في عهدِ النُبوة والخلافةِ الراشدَة، وقد حرّص الرسول صلى الله عليه وسلم على بناءِ مجتمعٍ روحيّ سامٍ، فبيّن للمسلمين طبيعة علاقاتهم على ثلاثة مستويّات وضحها الدُكتور المومري، وهيّ: علاقة الخلق بالخالق، علاقة أفراد المجتمع فيما بينهم، وعلاقة المجتمع بالمجتمعات الأخرى.  


بفضل ذلك، بُنيّت الحضارة الإسلامية على أساسِ الرُوح، التزم فيها الفردُ الواحد بواجباتٍ تجاه الجماعة، في علاقات متبادلة قائمة على التوادّ والتراحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ) [3].
من هُنا، يدعونا الدكتور المومري إلى التأمّل في واقع حالنا، ما أسباب انسداد نُفوسنا التي ما عادت تستنير بإشعاع الفكرة الدينيّة؟! وقد أحصَى خمسَة عِّللٍ سَببت تأزُمًا فكريًا أضعف من قوّة البناء القيمي والأخلاقي للأمّة:  
·        الأهواء والانتماءات: من أكبر الظواهر التي أدت إلى انحسار حضارتنا، إذْ نشهد حالة التشرذم بما يتجاوز الحدود الجُغرافيّة بين الدول فحسب، إلى الانتماءات القبليّة والعصبيّة والمذهبية والحزبيّة، والتي غالبًا ما تتناطح في إطار الاختلاف لا التنوع!
·        العادات والتقاليد: وما تشهد من خلط بينها وبين المفاهيم الإسلامية، كثيرًا ما تُطبق العادات وكأنها أحكام إسلاميّة رغم تعارضهما، ذاك الخلط من أسباب سَحب الأمّة إلى الوراء.
·        ظاهرة الذكوريّة: ما زالت تشهدُ الأمّة اقصاءً لدور المرأة في النهضّة، بينما كانت ذات أثر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا سبب تطرفًا مقيتًا للدعوة إلى التحرر دُون قيودٍ.  
·        الانبهار والتبعية والتقديس: لكل ما هو آتٍ من الحضارة الغربيّة الغالبة، أفكارًا ونظريّات، وحتى في المنتجات الماديّة، ما أدى إلى انسلاخنا عن قيمنا وذواتنا.   
·        التأثر بالواقع: سادت عندنا حالة اليأس والإحباط من واقع الأمّة! ويُذكرنا الدكتور مصطفى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم في مرحلة الابتلاءات لم ييأس قَط بل كان في قمّة تفاؤله.

(3) « التحضّرُ بدايةُ الانحطاط!».. ماليزيا تصنع الفرق.

«مرحلةُ التحضّر لا تمثل سوى تنازلًا لعالم الروح إلى عالم العقل، وهنا يكمن التحدي!»
- مالك بن نبي-

تتجسد سيماءُ الحضارةِ الحقيقية في مرحلة العقل، إلّا أنّها في ذاتِ الوقت تُعتبر تحديّا ماثلًا، قد تؤدي إلى الانحطاط، متى؟ نستعرض جواب ذلك استنادًا على ما عُرِض في الحلقة الخامسة من برنامج «حضاريون».
يذكر الدكتور المومري بأنّ الله تعالى خاطب ملائكته {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[4]، وتمامُ خلافة المعمورة في عُمرانها، تطويرها وتنميتها بالعقل والفكر والإتيّان بكلّ جديد.
استدّل بطرح مالك بن نبي، بأنّ مرحلة العقل في الحضارة الإسلاميّة بدأت من بداية الدولة الأموية وبالتحديد منذ معركة صفين سّنة 38 هجري، حينما رفع أصحاب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه المصحف يطلبون التحكيم مُستخدِمين البُعدَ الروحي والقيمي في مسألة منطقية وعقلية، من تلكم الواقعة، خرج العالم الإسلامي من جو "المدينة" المشحون بهدى الروح وبواعث التقدّم إلى جو "دمشق" حيث مظاهر الترف وفتور الإيمان.[5]
نُشير إلى مُسمى هذه المرحلة عند بن نبي وهُو "طور القيصريّة" حيث يسود عاملُ العقل وتُزيّن الأبهة والعظمة، وتلك من بوادر الفتور الدالة على أفُول الرُوح! وقد شهدت الحضارة الإسلاميّة عصرها الذهبي وأوّج ازدهارها في العهد العباسي، والذي شَهِدَ انتشار العلوم والفُنون، وبُروز الأطباء والعُلماء.
إنّ استخدام العقل لا يُعدّ مشكلةً في ذاته إلّا إذَا تمّ تغليبه على الروح، حيث يُوضّح الدكتور المومري أنّ اعتماد الحضارة الإسلاميّة على العقل كُليّةً يجعلها في معركةٍ خاسرة مع الحضارات الأخرى، فقد تركت ما يُميّزُها كحضارةٍ قيمية أخلاقيّة، والرِهان على العلم الدُنيوي وحده يُفقد الأمّة ميزتَها!
لهذا من الضروري تحقيق التوازن بين الروح والعقل أي بين المرحلة الأولى "الروحية" التي هيّ أساسُ أيّ حضارة، وبين المرحلة الثانيّة الفكريّة العقليّة، لأنّ الروحَ هيّ من تصعد بالحضارة، وإذا تركتها الأمّة فقدت "خاصيّة الصُعود" ما يؤدي بها إلى السقوط مثلما يؤكد مالك..
يعتبر الدكتور مصطفى التجربة الماليزيّة مثالًا عمليًا، حيث انطلق محمد مهاتير بمستهدفات واعتبارات عقليّة تُحقق نُموًا صناعيًا وعلميًا، إلّا أنّه في ذات الوقت فد اهتم بالجوانب القيمية والأخلاقيّة، فتمكن من المُحافظة على الهوية الإسلاميّة رغم وجود العديد من القوميات، وُفق بذلك في ربط التحضّر العقلي بالقيم والأخلاق الساميّة، وهذا ما أشار الدكتور لوجوده نسبيًا في التجربة التركيّة أيضًا.
قديمًا، أصّل علماء الإسلام كلّ جانبٍ من جوانب الدين، وكلّ فنٍ من فنون الحياة، أيّ حوّلُوا المعرفة الباطنة إلى معرفة ظاهرة بلغة إدارة المعرفة، كتأصيل النحو في كتاب سيبويه، أصول التفسير والفقه، وكتاب القانون في الطب لابن سينا، وهذا ما انطلقت منه الحضارة الغربيّة، التي حرصت على تحويل كلّ جوانب الحياة إلى معرفةٍ ومن ثمّ إلى تطبيق، وضرب الدكتور مثلًا بالإدارة اليابانيّة التي اعتمدت في معظم نظرياتها على العادات والتقاليد المُتعارف عليها والمعمول بها، ليطرح سؤالًا استنكاريًا: لِماذا لا نبني حضارتنا العقلية والعلمية على قيمنا وأخلاقنا فنتميّز كالسابق؟ 

(4) «المعضلة الكُبرى».. طرائقٌ شتى تغتال الحضارة!

«تُغتال الحضارة إذا ما فارق دعاتها سبيلهم الذي يسلكونه من أجل  نشاطهم المشترك، واتخذوا سبلا وطرائقا مختلفة تجعل النشاط مستحيلا، فسبل تنسل إلى طرق التصوّف وأخرى تنحدر إلى عالم العجائب الذي هبت منه روح ألف ليلة وليلة، وثالثة تدعي الرقص والغناء بدعوى أنها تحضّرت.»
- مالك بن نبي-

يُعدّ "ما بعد التحضّر" المرحلة الثالثة من مراحل الحضارة التي يُسميها مالك بـ "الغريزة"، أين تستعيد الطبيعة البشريّة غلبتَها في الفرد والمجتمع، فيبلغ التحرر تَمامه وتنتهي الوظيفة الاجتماعيّة للفكرة الدينيّة.
إنّ الإسلام لا يُنكر الغريزة باعتبارها اشباعًا لحاجيات الجسم والنّفس الدنيويّة، مصداقًا لقوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ*ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}[6] بل ويُنكر من يُحرمُ زينةً أحلها الله في قوله تعالى: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ*قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[7]
كما أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم حثّ على الجمال مُبرزًا أفضاله في قوله: {إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ}[8] وفي عديد الأحاديث النبويّة الشريفة، ولكن يصير المحمودُ مذمومًا إذا فَكر الإنسان بإفراطٍ في غريزته وشهواته وانغمس فيها كُليًا، ما يُؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعيّة وتَحلُل المجتمع، وانتشار "الظاهرة الطرقيّة" حسبما يوضح الدكتور المومري، فنجد فرقًا منعزلة عن بعضها، منها من عاشت بروحيّة مُطلقة وابتعدت عن الماديات فلم تُجاري الحضارات القائمة بأيّ إنجاز وفرقًا أخرى غرقت في الملذات والأهواء، أكدّ الدكتور أيضًا أنّ الحضارة تفقد قيمتها الحقيقية أول ما تفقد التفاعل بين الفرد والمجتمع.   

 إنّ الانغماس في الملذات والتخندق في طرائقٍ شتّى يضع الأمّة في مواجهة «المعضلة الكُبرى»، فما المقصود بها؟ وما أسبابها؟
يُعرّف مُقدّمُ البرنامج «المعضلةَ الكُبرى» بفشل الأمّة الذريع في بناء حضارة تُنافس الحضارات الأخرى، رغم وجود بعض المحاولات التي لم تحقق نجاحًا يُذكَر، وبالتأمّل في واقع الحال والمآل عدّد الدكتور سببين رئيسيين أديّا إلى ذلك الفشل وهُما:
1- الانطلاق من أسس خاطئةٍ غير ناضجة ولا مُكتملة، كالعنصريّة، الشعبويّة أو الدينيّة الخادمة لسياسات الدُول ورغبات الساسة، في حين أنّ الحضارة الإسلاميّة ظلّت ماجدةً وغالبة لما استندت على المبادئ الربانيّة، وانكسرت يومَ تخلّت عنها..
2- عدم استخدام ملكات العقل يظهر ذلك في غياب أية انتاجات سواءً في الفن أو الاختراعات، فنجدّ أن أغلب الدول التي حاولت بناء حضارة قد استوردت منتجاتها من الحضارات الأخرى، وكثيرٌ منها قد دخلت مرحلة الغريزة إذْ تتباهى بالقصور والمشاريع الماديّة، جدير بالذكر أنّ مالك بن نبي قد صّنف إمكانيّة إنشاء الحضارات من خلال استيراد المنتجات من المستحيلات كمًا وكيفًا، ويعتبره مُجرد تكديسٍ.[9]
من ناحية الكيف فإنّ ما نستورده فارغ دُون روحٍ وبغيرٍ هدفٍ، فهو يفتقد للأفكار وحشدِ المعاني.
 أمّا من ناحية الكم فإنّ استيراد عددٍ هائلٍ من المشتريات مُقابل رأس المال، ينتهي إلى "الحضارة الشيئيّة".[10]

خَلُصَ المومري أنّ هذه الدول التي حاولت بناء حضارتها سقطت قبل أن تقوم أصلًا في أقل من أربعين سنةٍ، وذلكَ لأن مرحلة الروح ناقصة تعوزها المبادئ الصحيحة، ومرحلة العقل طغى عليها الاستيراد لا الإنتاج.


[1] ص 47، الدورة الخالدة، المستقبل، الباب الثاني، كتاب شروط النهضة، مالك بن نبي، دار الفكر للطباعة والتوزيع، 1986م.
[2] جرت أحداث معركة صِفّين في شهر صفر من عام 37 للهجرة بين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاوية بن أبي سفيان، يُذكَر في الأسباب التي أدّت إلى نشوب معركة صفين هو الخلاف حول القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه.
[3] رواه مسلم.
[4] سورة البقرة، من الآية30.
[5] ص 49، الدورة الخالدة، المستقبل، الباب الثاني، كتاب شروط النهضة.
[6] سورة آل عمران، الآية 14.
[7] سورة الأعراف، الآية 32.
[8] رواه الإمام مسلم.
[9] ص40 ، من التكديس إلى البناء، الباب الثاني، المستقبل، كتاب شروط النهضة.
[10] تكديس الأشياء الحضاريّة.