كثيرة هي الدول والمؤسسات والأفراد ممن تفشل مشاريعهم وتغيب إنجازاتهم، عمدا أو جهلا، نتيجة إغفال قواعد وسنن الحياة في العمل والإنجاز.
كل عمل وتحرك وإنجاز يراد له النجاح سواء من الفرد أو المؤسسة أو الدولة يحتاج إلى توافر مستويات خمسة:
1- التنظير أي إنتاج الفكرة والنظرية الحاكمة للعمل والمحركة له.
2- التخطيط بوضع الفكرة في إطار مرحلي وزمني عملي، وفق الإمكانات المتاحة.
3- القيادة أي تحريك الجمهور نحو الهدف واستيعاب القائد للفكرة والتنظير وقدرته على تنفيذ الخطة والتحرك بها.
4- التنفيذ: الإطار العملي للخطة والثمرة لحركة القيادة.
5- المستفيد: وهو الجمهور المتلقي المنتفع من تنفيذ الخطة والمتفاعل مع القيادة والتنفيذ.
مثلا من أراد فتح شركة اقتصادية، فإن اختيار المنتج المنافس ودراسة الجدوى يمثلان مرحلة التنظير،
ثم وضع خطة الشركة، الإنتاجية وميزانيتها ومراحلها ومكانه، تمثل هذه العمليات التخطيط.
أما اختيار رئيس كفء للشركة فهو مستوى القيادة، اختيار فريق تنفيذي مستوى التنفيذ، واختيار أساليب التسويق للمنتج تستهدف المستفيد.
أخطر هذه المستويات وأشدها أثرا على الفرد والمؤسسة والدولة المستوى الأول، فإذا كان التنظير والفكرة في الاتجاه الصحيح كان ما بعدها صحيح وإذا كان الاتجاه خاطئا كان ما بعدها خاطئا.
إذا حرصت الشركة أعلاه على الخطة والقيادة والفريق الجيد وسوقت للمستفيد، فإنّها ستفشل، إذا كان اختيارها في العمل هو المنتج غير المنافس، أو الذي لا يلبي الحاجة في سوق الطلب وهذا هو التنظير ببساطة.
ها هنا أمور هامة من الضروري معرفتها:
1- كل فكرة ونظرية غير قابلة للتطبيق، ولا يمكن تحويلها إلى خطة عملية فهي غير ذات قيمة وممكن أن تبقى كأرشيف يستفاد منه مستقبلا.
2- لكل مستوى من المستويات الخمسة أعلاه رجاله ومبدعيه ومتخصصيه، والخلط بينها سينعكس على جودة الإنجاز أو سيدمره برمته.
3- لا يُوجد مستوى أفضل من مستوى، بل هناك أثر أكبر من أثر، فأثر تعثر القيادة أكبر من أثر تعثر التنفيذ وهكذا.
4- قد يكون المنظر مخططا مثلا وقد لا يكون، وقد يكون المخطط قائدا وقد لا يكون والعكس صحيح.
5 - العلاقة بين المستويات الخمسة علاقة تبادل وتكامل، فقد يبدع المنفذ في شأن قيادي ما، كما قد يبدع القيادي في تنظير ما والعكس صحيح.
6- أكثر المشكلات تأتي من خلال محاولة التغول والسيطرة من مستوى على مستوى آخر، وكثيرا ما يحدث ذلك مع القيادة التي تحاول السيطرة على كل المستويات فيكون الإخفاق.
7- إن المطلوب ما بين المستويات التوازن لا التساوي، فمن حيث الأهمية وعظم الأثر النوعي نجد الترتيب فيما بينها كالآتي: التنظير ثم التخطيط ثم القيادة ثم التنفيذ ثم المستفيد.
أما من حيث الكم الذي يقوم عليه العمل نجد الترتيب هو العكس تماما وهو كالآتي: المستفيد ثم التنفيذ ثم القيادة ثم التخطيط ثم التنظير.
خلاصة القول، أنّ نجاح الأفراد والمؤسسات والدول مرهون بمدى تحقق النجاح في المستويات الخمسة ويكون الفشل بقدر إهمال هذه المستويات.