يجب أن يتمتع الطفل بعدة حقوق، من بينها حق التعلم الذي يعد اللبنة الأساسية لتكوين شخصيته، وبموجبه يتطور ويتقدم.

يوجد الملايين من الأطفال في العالم خاصة في قارتي آسيا وإفريقيا الذين بٌترت منهم حقوقهم، إذ تأثر التعليم في مراحله الأولى بسبب ويلات الحروب والكوارث الطبيعية وصعوبة ظروف المعيشة، ناهيك عن الأمراض الفتاكة، كل هذه الأسباب وغيرها  ألقت بظلالها المظلمة على مستقبل الأطفال المجهول، وقد زاد اتساع الشرخ في قطاع التعليم جراء قصف المدارس وتحطيمها وقتل المدرسين والأطفال بشكل مخيف، مما استدعى ترك مقاعد الدراسة وارتفاع معدلات التسرب المدرسي. 

 في سبتمبر 2015م، أكد تقرير منظمة الأمم المتحدة للأمومة "UNICEF" الذي نُشر بعنوان "التعليم تحت النار"  أنّ الصراعات والحروب منعت ما لا يقل عن 13.4 مليون طفل من تلقي التعليم في المدارس في كل من سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، وجنوب السودان، وفي تقرير آخر لليونيسف في سبتمبر 2018، أحصت المنظمة أكثر من 104 مليون طفل ويافع دُون تعليم، أي واحد من كل ثلاثة غير ملتحقين بالمدارس في البلدان المتأثرة بالحروب والكوارث الطبيعية.            

وحسب إحصائيات الأمم المتحدة  يوجد 61 مليون طفل لا يحصلون على التعليم الإبتدائي النوعي بسبب الفقر والحواجز الثقافية والبيئات المتضررة من النزاعات. 

 

السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن إيجاد برامج ومشاريع تخدم الأطفال المتضررين نفسيا وتكوينيا؟ 

بناء على الإشكال السابق، أطلقت "مؤسسة التعليم فوق الجميع" مبادرة عالمية من أجل توفير فرص التعليم النوعي والمنصف والشامل للفئات المستضعفة والمهمشة، لا سيما في الدول النامية باعتباره تمكينا للتنمية البشرية،  تُركز المبادرة على التدخل الناجح والمبتكر في العملية التعليمية، بالإضافة إلى حماية الحق في التعليم ومناصرته في أي مكان يتعرض فيه هذا الحق للخطر، وهذا لتوجيه نظر العالم نحو القضايا التعليمية.                                                                    

ما هي مؤسسة التعليم فوق الجميع؟  

تأسست هذه المؤسسة بموجب قرار صدر بتاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر سنة 2012م في الدوحة قطر، على يد سمو الشيخة موزا بنت الناصر، وتسعى المؤسسة إلى بناء حركة عالمية تساهم في التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية عن طريق التعليم الجيد وغيره من مبادرات وبرامج الرفاه.                          تستعين مؤسسة التعليم فوق الجميع -حسبما جاء في موقعها- بفريق عمل واسع الخبرات ويتكون من محترفين مختصين في مجال التعليم والمراقبة والتقييم وقانون حقوق الإنسان العالمي، بالإضافة الى القانون الإنساني والمناصرة والاتصال، وتعكف المؤسسة على تلبية حاجات الأطفال والنساء وتساعدهم على الاندماج في مجتمعاتهم. و يعتبر هدف التعليم للجميع أهم تحدٍ تسعى إليه من خلال تمكين التمدرس لحوالي 600000 طفل غير ملتحق بالمدرسة.                                                                                                                  

ما هي البرامج الرئيسة التي تقدمها المؤسسة؟ 

 تسعى المؤسسة إلى العمل كمنظمة جامعة تشرف على ثلاثة برامج: 

           

1- برنامج الفاخورة

 جاءت تسمية هذا البرنامج عام 2009م، نسبة إلى إسم مدرسة الفاخورة في مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة، من أجل تجاوز مخلفات الحرب على غزة والذي نتج عنها تدمير المدارس وكل مؤسسات التعليم.

يقوم برنامج الفاخورة على تقديم الدعم والمنح الدراسية للطلاب الذين أنهوا مرحلة الثانوية وطلاب الجامعات والدراسات العليا حيث قدم البرنامج 5065 منحة شاملة للطلبة المهمشين، وأنشأ 31 وحدة إرشاد نفسي اجتماعي في المدارس الحكومية، كما أعاد تأهيل وتجديد 94 مرفقا تعليميا بما فيها 5 مراكز تدريب و18 جامعة و71 مدرسة.                                                                                                                  

 

 2- برنامج حماية الحق في التعليم في ظروف النزاعات المسلحة وانعدام الأمن

يهدف هذا البرنامج إلى ضمان إدراك المجتمع الدولي للأضرار الناجمة عن انعدام الأمن، وحثه للعمل على الحد من آثاره، وتقديم الدعم للشركاء في التعليم، ويتبنى البرنامجُ حماية الطفل ابتداء من رصد الهجمات على الطلاب والحد من الاستخدام العسكري ضد المدارس والجامعات. 

حقق هذا البرنامج الشراكة مع مركز البيانات الإنسانية 2018 التابع لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وغيرها من الشَرَكات مع كيانات عالمية مثل: معهد لاهاي للعدالة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.                                                     

 

 3- برنامج أيادي الخير نحو آسيا (روتا) 

تتمثل هذه الرؤية في تمكين المناطق المتضررة من الأزمات في جميع أنحاء آسيا من الحصول على تعليم عالي الجودة للمرحلتين الابتدائية والثانوية، وإشراك الشباب وأفراد المجتمع للتصدي للتحديات التعليمية والإنمائية داخل المجتمع وخارجه، وفر برنامج روتا التعليمَ الابتدائي النوعي لحوالي   395.535 طفلا في البلدان المستهدفة، كما ساعد حوالي 9580 من الشباب على اكتساب المعارف والمهارات.     

 

  4- برنامج علّم طفلا 

أهم برنامج، وهو عبارة عن التزام صارم تجاه الأطفال خارج المدارس لمساعدتهم في الحصول على حقهم في التعليم من جديد، وقد جاء داعما لمسار الأمم المتحدة التي وافقت في سبتمبر 2015 على هدف التنمية المستدامة الرابع، والذي يدعو إلى ضمان التعليم النوعي كحق مدى الحياة.

 هدف البرنامج إلى إحتواء 61 مليون طفل خارج المدارس في المرحلة الابتدائية، وتوفير رعاية خاصة لهم، كما يستهدف الأطفال المهمشين الذين يصعب الوصول إليهم، لا سيما الذين يعيشون حياة الفقر ويواجهون تحديات اجتماعية أو ثقافية، كما يستهدف الأطفال الموجودين في المناطق المتضررة من الأزمات والحروب. 

 يقدم  برنامج "علّم  طفلا" تمويل التدخل المباشر، والمرتبط بجلب الأطفال الخارجين عن المدارس إلى برامج التعليم للمرحلة الابتدائية.                     

ومنذ إنشاء هذا البرنامج، نفذ القائمون عليه 72 مشروع في 50 بلدا، وتجاوز عدد المسجلين فيه أكثر من 75 مليون طفل، وحاول الوصول إلى 10 مليون طفل خارج المدارس  وتمكينهم من الحصول على التعليم. 

    يحتاج أطفال الحروب والمهمشين من الحياة الى إرادة حقيقية من صناع القرار ومن كيانات العالم ومن الفاعلين في النظام الدولي، تساعدهم تلك الإرادة على الاندماج من جديد في الحياة والحصول على حقوقهم و توفير فرص التعليم الجيّد مع تحسين الظروف الاجتماعية.