تعتبر الصحة حقًا طبيعيًا لكل فرد، كما يؤكد دستور منظمة الصحة العالمية أنّ التمتع بأعلى مستوى من الصحة هدفٌ يمكن بلوغه، وهو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة السياسية أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية. 

 كما يعتبر قطاع الصحة واحدًا من أكبر القطاعات والأكثر نموًا على مستوى العالم ويرتبط ارتباطا وثيقا بمعدلات التنمية المستدامة، إذ وجب على الحكومات تهيئة البيئة المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأعلى مستوى من الصحة وضمان الخدمات الصحية وظروف عمل صحية وآمنة وقدر كاف من المساكن والأغذية. 

 قد احتلت إسبانيا المرتبة الأولى عالميا بمعدل 92.75، كأكثر دولة صحية حسب المؤشر الذي أعدته مؤسسة بلومبرغ Bloomberg وعرضته (مجلة لانست) الطبية، وقام المؤشر بمقارنة 169 دولة في العالم وتقييم المتغيرات الصحية والمخاطر التي تتراوح بين الطبيعة السلوكية إلى الخصائص البيئية، وتقوم هذه المتغيرات على مؤشرات دقيقة مثل متوسط العمر، فضلا على معايير صحية أخرى كالسمنة والتدخين والبيئة والمياه النقية، في هذا التقرير سوف نستعرض أهم العناصر التي جعلت من إسبانيا دولة صحية حسب المقاييس العالمية.

الخبراء يؤكدون.. «النظام الغذائي للبحر المتوسط عامل مساعد»

 يؤكد الخبراء أن نظام البحر المتوسط الغذائي أحد العوامل الأساسية في الحالة الصحية الجيدة للإسبان، وزعمت كذلك دراسة أجرتها كلية لندن في سبتمبر 2018م أن الأشخاص الذين يتبعون حمية البحر المتوسط أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب، وهو نظام مجاني أشاد به المرصد الأوروبي للأنظمة وسياسات الصحة، ويعتمد هذا النسق الغذائي بالأساس على الفواكه والخضار إلى جانب الأطعمة مثل الأسماك، وتعتمد إسبانيا على الدهون الطبيعية كزيت الزيتون، وأظهرت عدة دراسات حسب الخبير رامون ايستروش أن هذا النظام الغذائي يساهم في منع الإصابة بأمراض القلب والأوعية والسكري.

 مُقارنةً بدول الاتحاد الأوروبي، تمتلك إسبانيا أعلى معدل عمر متوقع عند الولادة كما شهدت تراجعا خلال العقد الماضي في الإصابة بأمراض السرطان.

«قانون الصحة العامة».. بداية التحول! 

تقوم الدولة بتأمين الضمان الصحي الكافي لجميع مواطنيها، إذ يقر الدستور الإسباني بحق المواطنين في الحماية الصحية والحصول على رعاية تتسم بالإنصاف والكفاءة، وقد اعتمد البرلمان الإسباني في نيسان 1986م قانون الصحة العام، حيث ينشىء القانون نظاما وطنيا للصّحّة، شامل التغطية، يمتاز بخدماته العامة وعالية المستوى، وقد شكل اعتماد قانون الصحة العام تحولا مهما في مشهد قطاع الصحة، بجمعه في جهاز واحد ودمج السياسات والأنشطة المتعلقة بتعزيز مستوى الصحة والوقاية من الأمراض بالخدمات الطبية والصيدلانية، ويقوم هذا النظام على خدمات أولية تمتاز بسهولة وإمكانية الإستفادة منها، وبكفاية قدرتها على تقديم الحلول التقنية، بما يمكنها من معالجة مشاكل الصحة الشائعة معالجة شاملة، أما الرعاية التخصصية تتم بالوسائل التشخيصية والعلاجية الأكثر تعقيدا وتكلفة داخل النظام، وتمتاز الرعاية الصحية بالمجانية سواءً الأولية والمتخصصة أو المقدمة في حالة الطورائ، إذ لا يقدم أي مبلغ لمراكز الصحة، ولكن تقدم بطاقة الصحة الفردية، وهذه الأخيرة تعتبر الوثيقة التي يعرف من خلالها كل مواطن باعتباره مستفيدا من خدمات نظام الصحة الوطني. 

ما هي البنى التحتيّة للنظام الصحي؟ 

 يتربع نظام الصحة الإسباني على قاعدة تحتية صلبة حديثة تتمثل في شبكة كبيرة من المشافي والمستوصفات والعيادات التخصصية المجهزة بأحدث الوسائل. 

كما تعمل كليات الطب في الجامعات الإسبانية بالتوأمة مع المخابر التخصصية والمشافى على إنجاز بحوث طبية متقدمة تساعد في إيجاد طرق مبتكرة لعلاج الكثير من الأمراض الخطيرة كما تساهم في تطوير أنواع الدواء وتحسين فرص الشفاء.

بالإضافة إلى دعم الدولة لقطاع الصحة بأكبر الميزانيات، تقوم أيضا المعاهد والمؤسسات الخاصة بتمويل البحوث الطبية، كل هذه العملية ساهمت في بناء كوادر ذات كفاءة من أطباء وأخصائيين وممرضين يعملون على خدمة المريض ويسهرون على رعايته.

تقوم الشبكة الصحية على وجود 452 مستشفى خاصا بقدرة استيعابية 51.591 سرير تغطي حاجيات 10 ملايين مستخدم، يشمل نظام الصحة الإسباني فعليا جميع المواطنين الإسبان وجميع المقيمين الذين اكتسبوا هذا الحق بموجب القانون الإسباني رقم 2000/8، بحيث يمنح الأجانب حق الرعاية الصحية في حالات الطوارئ بصرف النظر عن وضعهم الإداري، وهناك العديد من المنشآت الصحية في إسبانيا سواء الحكومية منها والخاصة التي تضم أقساما متخصصة، توجد حوالي 18 منشأة طبية معتمدة من قبل اللجنة الدولية المشتركة ومن قبل مؤسسة افاديس دونابيديان وهي شريك للجنة الدولية المشتركة لجودة الرعاية الصحية.

 3 أنواع للرعاية الصحية في إسبانيا

  1. الرعاية العامة: تعتبر هي أول شكل من أشكال الخدمات الصحية، تشمل عدة أنشطة تبدأ من المؤتمرات والدورات الطبية حتى الوقاية من الأمراض. 
  2. رعاية الطوارئ: يمكن الاستفادة منها في مركز الصحة أو في المنزل، أما في حالة الأمراض الخطيرة ينتقل المريض مباشرة إلى خدمات حالة الطوارئ.
  3. الرعاية المتخصصة: يجب أن تتم عن طريق الطبيب الشخصي الذي يحدد نوعية الرعاية. 
  4. رعاية المستشفيات: تتم عن طريق الطبيب المتخصص في حال إجراء عملية جراحية. 

لقد ارتبط تطور قطاع الصحة في إسبانيا بإنعاش الاقتصاد والسياحة، إذ أصبحت قبلة للكثيرين من أجل البحث والحصول على علاج ورعاية صحية افتقدوها في بلدانهم، وهؤلاء في تزايد، وكما ذكرنا آنفا قامت السلطات الإسبانية بمنح الأجانب -إن توفرت فيهم شروط الإقامة- الحقَ في الرعاية بالتساوي مع المواطنين.  

​​​