في كل سنة تُصدر منظمة الشفافية الدولية تقريرا يكشف عن مدركات الفساد العام في العالم، "وقد أطلق مؤشر مدركات الفساد أول مرة سنة 1995م ليصبح أحد أهم الإصدارات البحثية لمنظمة الشفافية الدولية، ومن أبرز المؤشرات العالمية لانتشار الفساد في القطاع العام. ويعطي المؤشر لمحة سنوية عن الدرجة النسبية لانتشار الفساد من خلال ترتيب الدول والأقاليم في مختلف أنحاء العالم. وقامت منظمة الشفافية الدولية سنة 2012م بمراجعة منهجيتها في إعداد المؤشر للسماح بمقارنة الدرجات من سنة إلى أخرى"[1] .
يبرز مؤشر مدركات الفساد ترتيب مختلف دول العالم في وتختلف سنة 2018 كونها عام الفشل المتواصل بامتياز حيث أن معظم الدول فشلت في الحد من الفساد وذلك بنسب متفاوتة أين تراجعت بنقاط عدة.
إن ما نطرحه في هذا التقرير هو لفتة خاصة قد تبث في أنفس المهتمين بالشأن العام للدول الإسلامية الكثير من الأمل بحيث سنطرح فيه الدول الإسلامية الأقل فسادا لعام 2018، دول استطاعت أن تتحدى واقع الفساد المنتشر و المتفشي لتعمل جاهدة على خلق مراتب متقدمة ونسب لا بأس بها من الشفافية وقلة الفساد، وقد كشف التحليل المقارن للبيانات المتعلقة بالديمقراطية في العالم عن وجود علاقة بين الفساد ومستوى الديمقراطية. "حيث حصلت الديمقراطيات الكاملة على معدل 75 درجة في مؤشر مدركات الفساد؛ في حين سجلت الديمقراطيات المعيبة معدل 49 درجة. وسجلت الأنظمة الهجينة، التي تشوبها بعض التوجهات الاستبدادية، معدل 35 درجة. وكان أضعف معدل من نصيب الأنظمة الاستبدادية التي سجلت حوالي 30 درجة فقط في مؤشر مدركات الفساد." [2]
الإمارات أفضل الدول العربية في جهود مكافحة الفساد
حلّت دولة الإمارات العربية المتحدة الأولى عربيا وإسلاميا على مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، وبهذا تكون قد احتفظت بالمركز الأول بالعالم الإسلامي في مكافحة الفساد، كأكثر دول المنطقة نزاهة، بينما جاءت في المركز 23 على مستوى العالم بين 180 دولة متقدمة.
بحيث سجّلت الإمارات 70 نقطة في مؤشر 2018 لمدركات الفساد بارتفاع 5 نقاط عما سجلته في تقرير العام السابق 2016. وحصلت على مؤشر أعلى من الدول الأخرى في المنطقة.
" ويرتبط هذا ارتباطاً وثيقاً بمستواها من التنمية والتطور البشري أي الإدارة العامة الفعالة والمستويات العالية من الناتج المحلي الإجمالي والصحة والتعليم وتحسن مستوى الخدمات الحكومية المقدمة إلى الشعب وقدرته على الحصول عليها وتحسن البنية التحتية" [3]
قطر ومكافحة الفساد
احتلت دولة قطر المرتبة الـ33 عالمياً في مؤشر مدركات الفساد للعام الماضي من بين 180 دولة شملها المؤشر، وقد حققت دولة قطر 62 نقطة وبذلك تحافظ على المرتبة الثانية على مستوى الدول العربية ودول الشرق الأوسط وحتى الدول الإسلامية، في حين أن أكثر من ثلثي الدول حصلت على أقل من 50 في المؤشر لهذا العام .
"كما سبق فإن مؤشر الفساد يبقى مرتبطا ارتباطا وثيقا بمستويات التنمية والتطور البشري، والإدارة العامة الفعالة، والمستويات العالية من الناتج المحلي الإجمالي، والصحة، والتعليم، الأمر الذي تبذل فيه دولة قطر العديد من الجهود والتحسينات" [3]
عمان وقفزة اللحاق بالشفافية
استطاعت سلطنة عمان تحقيق قفزة جيدة في مستوى مكافحة الفساد بحيث حققت أعلى ارتفاع عالمي في قيمة درجات مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية؛ حيث ارتفع ترتيب السلطنة 8 درجات في قيمة ذلك المؤشر، لتحل في المرتبة 53 على مستوى العالم في المؤشر الذي يشمل 180 دولة.
وقفزت السلطنة 15 مرتبة على مستوى العالم، وهو ما يُمثل ثاني أعلى ارتفاع عالمي بعد جمهورية جامبيا، وبهذا الارتفاع جاءت السلطنة في المرتبة الثالثة عربياً.
"ويشير التقرير بأن السلطنة حصلت على 52 درجة من 100 درجة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، مقارنة مع 44 درجة عام 2017، الأمر الذي يبرز حجم الجهود التي تبذلها السلطنة في التصدي لمدركات الفساد، الأمر الذي كان له دور واضح في المكانة التي وصلت إليها السلطنة إقليمياً وعالمياً. "[4]
الأردن تتقدم بنقطة
حلت المملكة الأردنية في المرتبة الرابعة عربيا وإسلاميا في نتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، وذلك بعد تقدمها درجة واحدة، وأشارت منظمة رشيد للنزاهة والشفافية في بيان أصدرته إلى أن الأردن حصل على علامة 49 من 100 على المؤشر لعام 2018، متقدمة بدرجة واحدة عن العام 2017، وقد أرجعت المنظمة سبب هذا التقدم إلى المعايير المدرجة تحت استبيان المنتدى الاقتصادي العالمي واستبيان الكتاب السنوي للتنافسية العالمي، التي تتمثل بإدراك عوائد أتمتة بعض الإجراءات الحكومية مثل استصدار الرخص والدفع الالكتروني، بالاضافة الى تحسن في ضبط الرشاوى والعطاءات. [5]
السعودية تتراجع في الترتيب
احتلت السعودية المركز 58 عالمياً من أصل (180) دولة، بدرجة (49/100) ضمن قائمة أفضل دول العالم في مؤشر مدركات الفساد، فيما حلت في المرتبة (11) بين مجموعة دول العشرين الاقتصادية، وذلك وفق التقرير الذي أصدرته المنظمة عن مؤشر مدركات الفساد لسنة 2018 ، وتراجعت المملكة مركزا واحدا عن العام 2017 عندما حلت في المرتبة الـ 57، بينما جاءت في المرتبة 62 في تقرير 2016.[6]
إن تركيزنا على إبراز الدول الإسلامية الأقل فسادا بالرغم من وجود أكثر من 80% من الدول الإسلامية في ذيل قائمة الفساد في العالم هو محاولة لبيان قدرة الدول الإسلامية على تجاوز مختلف الاخفاقات والتقدم بشكل جيد في مؤشرها، والإشارة إلى ضرورة التحاق بقية الدول بالركب ومحاولة أن تسعى لذلك سعيا دؤوبا الدؤوب ومكافحة كل أسباب الفساد لدى الدول المتأخرة.