يقع الكثير من المبادرين والعاملين في تجربة قاسية أو ارتباك كبير عند استلام أول مهمة، أو عند الانتقال إلى مستوى أعلى من المسؤوليات، فمثلاً المكلف بمهمة جزئية ليس هو نفسه مدير قسم أو رئيس مصلحة من حيث حجم الأعباء، وغيرها من الأعمال والمهام ذات المستويات الإدارية، التي تعلو بقدر الصلاحيات والمخاطر في المستقبل.
في هذه المقالة سأحاول أن أعطي الخطوات الأساسية التي يجب أن تسلكها عند استلامك أي عمل جديد، مهما كان حجمه سواء كان العمل عبارة عن مهمة جديدة، أو مشروع مرتبط أو مستقل تخوض غماره لأول مرة في حياتك المهنية، وهذا يتطلب قدرة على التعامل مع الوضع الجديد، ووفق قواعد عمل تجعلك أقرب للنجاح من الفشل في عيون الآخرين!
أول خطوة، أحتاج بعض الوقت للتفكير!
التفكير ومنهجيته هي أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها أي صاحب عمل، لأن المعطيات والظروف والاستشارات وفحص العمل الجديد من كل النواحي، هو أحد العوامل التي تجعل قرارك صائبًا، وتُعرفك على الجدوى من الخطوة التي ستقوم بها. قد تكون فكرة العمل الجديد جذابة، لكن الظروف غير مساعدة، كذلك، قد تكون الفرصة مهمة جدًا لكن مؤشرات عدم قابليتها للتحقق أكثر من قابلية نجاحها. وهذا ما يجعلك ترتب أفكارك بشكل منهجي عند استلام أي عمل جديد.
- اجتمع مع المسؤول السابق عن العمل.
- انظر إلى المنافسين لترى حجم العمل في السوق جيدًا.
- قم باستشارة أصحاب الخبرة والتجربة في نفس المجال.
ثاني خطوة، أنا بحاجة إلى صلاحيات!
لكل عمل مساحة تحرك محددة بمعايير وصلاحيات ومسؤوليات، يجب أن تكون واضحة بين أصحاب مصلحة العمل الذي ستقوم به، ومن أهم مؤشرات ذلك هو العقد المكتوب الذي يجب أن يوُقع وتُحدد فيه المهام والتكاليف، وفي مقابل ذلك الحقوق والامتيازات والسلطات التي تمنح لك من أجل تحقيق الهدف المطلوب. الصلاحيات لا تعني أنك تريد أن تحكم وتقرر ما تشاء، وإنما هي المساحة التي تجعلك تتحرك بكل أريحية، وتستطيع من خلالها تحديد الزمن الذي تحتاجه كذلك من أجل صناعة الألفة مع الوضع الجديد.
- اطلب عقدًا مكتوبًا وواضحًا.
- تمعّن جيدا في التكليفات والصلاحيات الممنوحة.
- راقب جيدًا وضع البيئة الداخلية (أصحاب القرار والتأثير) والخارجية للعمل (السمعة والمنافسين).
وعليه عند استلام عمل جديد، عليك أن تتذكر بأن أهم قاعدة في العمل هي أن "لا تشتري ثياباً لا تليق بمقاسك!" و يجب أن "لا تعد بما لا تستطيع إنجازه" وهي من المخاطر التي تهدد الموظفين والمدراء عمومًا.
ثالث خطوة، التوثيق من أول اتصال!
لا يمكن أن تقبل بالدخول في مفاوضات متقدمة، ويكون هناك نقاش مثمر إلا في وجود التوثيق فهو مهم جدا في عمليات الاتصال الجارية مع صاحب العمل أو المستثمر أو مدير المؤسسة، وفي أول عملية اتصال لك معه، وهذا من أجل ضمان وجود أثر لأي اتفاق مسبق. وعملية التوثيق مهمة جدا أثناء التفكير وصناعة القرار، لأنها تحدد حجم المسؤولية والأهداف التي ينبغي الوصول إليها، وكيفية توزيع الزمن والجهود والقدرات الموجودة لديك، حتى تصل إلى قرار سليم من دونه.
- قم بتلخيص أي اجتماع وأرسله عبر قنوات الاتصال.
- حدد فترة زمنية ومكتوبة لعملية التفكير واتخاذ القرار.
- اطلب تجربة بمخرجات واضحة مع أصحاب المصالح في العمل.
رابع خطوة، اكتشف الوضع وحقق المطلوب!
إذا ما قررت فعلا خوض غِمار التحدي، وقبلت بالعمل الجديد، فهذا يعني أنك أمام فرصة جديدة وبيئة جديدة ووضع جديد في المسؤوليات والمهام، فإذا كنت سابقًا تتعامل مع التعليمات عبر تنفيذها فقط، فالآن عند وصولك إلى منصب مدير أو رئيس قسم فهذا يتطلب منك التخطيط والتنفيذ والتقييم و التطوير والتجديد، وترك البصمة المتعلقة بك في العمل. هذا يعني أنه مطلوب منك أضعاف مما كنت تعمله، حيث المهارات المطلوبة أكبر والمخرجات أعلى وأفضل.
ولهذا يجب أن تصنف الأعمال بين المطلوبة والضرورية، وبين المأمولة والتحسينية، وهنا يجب أن تنتبه إلى قيمتين أساسيتين، الالتزام والجدية في تنفيذ المطلوب، والإبداع والابتكار في تحسين الوضع، وما ينبغي أن يتميز به عملك مقارنة بسابقيك أو الموجودين معك.
- ضع جدولا زمنيا تقديريا يحتوي مسافة زمنية آمنة.
- حدد قائمة الاحتياجات الخاصة بك والمطلوبات التي تصنع لك بيئة عمل جيدة.
- اكتشف كيف يفكر من هم في مستوى سلمك الإداري؟ وحاول أن تروج بأفضل طريقة لكل ما تقوم به!
خامس خطوة، أنشئ خارطة طريق!
هناك فرق بين التخطيط ووضع خارطة طريق في البداية، الخارطة هي مسودة ما يجب أن ينجز ويتحقق في المرحلة الأولى (33 يوم الأولى، 66 يوم الأولى، 99 يوم الأولى) ضمن وجودك بالعمل الجديد، قم بتحديد مواعيد دورية للاجتماع بالمسؤول المباشر، اطلب ورش العمل والتكوين الذي يُسرع من عملية الاندماج والفهم السريع لثقافة العمل، أنهي كافة نقاط الحرج وأغلقها في زمن سريع، كذلك ضع أمامك مسافة زمن آمنة في تحقيق هذه الأهداف، وكل هذا من أجل البدء بإستراتيجية عمل هادئة تنجز أهداف هامة ومتقنة (وفق المواصفات)، ولا تقع في مُربع العاجل والطارئ والذي يشوش عليك كثيرًا.
- قدم ورقة شاملة حول تقييم العمل والوضع العام.
- اقترح حُلولا للمشاكل والأزمات وركّز أكثر على المطلوبات.
- حاول دائمًا أن تكون ملتزما بالاكتشاف وتبادل الآراء وأجل القرارات الهامة لحين التثبت.
سادس خطوة، احجز مكانك بجدارة!
من المؤكد أن عالم اليوم، هو عالم الأعمال الإبتكارية التي تتطلب المغامرين والمخاطرين بأعمالهم بشكل كبير، فالأفكار كثيرة والمبادرات متعددة والمعلومات جد غزيرة والمعارف منتشرة بشكل كبير وواسع، ومن المهم جدًا أن يتأثر العاملون والجادون بمجموعة من العوامل، أهمها ما ذكر في هذه السطور.
وعليه عند استلام عمل جديد، عليك أن تتذكر بأن أهم قاعدة في العمل هي أن "لا تشتري ثياباً لا تليق بمقاسك!" و يجب أن "لا تعد بما لا تستطيع إنجازه" وهي من المخاطر التي تهدد الموظفين والمدراء عمومًا.
وعلى الرغم من ذلك، هناك من ينجح عندما يبدأ بالتدريج وله مهارات وقدرات على التعلم السريع، والتطوير المستمر في اكتساب المعرفة والأدوات اللازمة، وبالتالي يمكنك أن تحدد استراتيجية تجعلك تحقق النجاح من خلال حجز مكانك بكل جدارة عبر إنجاز المطلوب، وإضافة الجديد والابتكار مع كل إنجاز يستقر في عملك، وإن كانت مغامرة عالية المستوى!
- أنجز سريعًا بالإتقان المطلوب.
- افتح ورشات وتدريبات بخصوص ما ترغب في تطويره.
- تعلم واقترح وأقنع وأطلق جديد ما عندك وفق الأثر لا وفق الرغبة فقط!