لقد مُنحت فُرصةً جديدة في هذا العالم، أنتَ ستكون من ضمن قائمةٍ طويلة جداً تم منحهم فُرصةً أُخرى، فرصة أن تعيش لِرمضان، أن تصوم نهاره، وتُقيّم ليلهُ، وتتلو قُرآنه، أيّ فضلٌ هذا؟ ما هذه المنحة الربانية العظيمة التي أمتلكتها!
أنت، نعم أنت تمّ اختيارك من بين ملايين ماتوا لتشهد رمضان هذه المرة! مالذي يتوجب عليك فعله! في فُرصتكَ الأخيرة! مالخيبئة التي شفعت لك لأن تعيش لِرمضان! لقد كان الأمر عظيماً ومُدهشاً..
رمضان "الفرصة الأخيرة" لمِا اخترت هذا العنوان لهذه المُدونة! لما خاف وارتعدَ البعض عندما قرأ "الفرصة الأخيرة"!
"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" مرحلة انتقالية ستعيشها هذا العام، سَتُزكيّ نفسكَ من رجز الايام وأوجاعها.. أن تصوم لعدة ساعات هذا يعني أن تمنع شهوتك ونفسك تُؤدبها أن تمتلك الصبر أن تستشعّر بمعنى الآية التي لطالما تتردد على مسامعنا "فإني قريب"، بأن تراه بعين قلبك الصائم وهو يراك بعين رحمته ولطفه كأنكَ تراه أن تعلم ما معناها، و تستشعر عظمتها في أيام رمضان..
تعمّ الفرحة القلوب والبيوت تترنمّ بالتراويح، لتستريح القلوب وتستكين الأعين وما تخفي الصدور.. وأما عن الأحبة الذين غادروا الحياة وكانوا يترقبونَّ قُرّب هذآ الشهر هم الآن يتّرقبون دعواتكم من أفواهكم العطرة قبل الإفطار..
ما يقع على عاتقي وعاتقك أن نُعاهد الله عُهدة ونتوب إلى الله توبةً، أن يكون هذا الشهر نقطةً للقرب أكثر من ربِّ رحيم غفور، كيف ذلك!
سأُجيبك: قمّ بتطهير قلبك قل له "علّهُ آخر رمضان" قل لنفسك "علّكِ لن تصومي رمضان غيره" فلتتوبي يا نفس فطول الأمل لم ينفع، لن ينفع أبدا
لا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا" شهر التسامح، سامح واصفح لله لكي يُعوضك الله بلذة هذا الشهر ولذة القرب منه. وأما عن قُرآنه و عِباداته فلا تُقصر وكلما دعتك نفسك للتأخر قل لها "علّه آخر رمضان" يا نفس لا تحرميني الأجر فأنا أُريد لكِ الجنة والسعادة بينما انتِ تُريدِ لي الشقاء!
جيرانك شاركهم في دُعائك وحبك "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيُورثه" "والاقربّون أولى بالمعروف" لا تدع وسوسة الشيطان تنزغ بينك وبين أحبابك "علّه آخر رمضان"
أما أصدقائك، فالتمس لهم أعذاراً على ما فعلوه من تقصير وبادر أنت بالتهنئة بحلول الشهر الفضيل، وخصص يوماً لتناول الأجر معهم والدعاء لبعضكم البعض"الأصدقاء رزقٌ من الله".
وأما عن صدقات السرّ فيا عظمتها في هذا الشهر المبارك "فينفق حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه" كل يوم اجعله اليوم الأخير لك في رمضان، كل حين قل "علّه هذا رمضان الأخير" فلتغتنم الفرصة ولتبادر بالطاعات والقربات "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".
الشياطين صُفدت من أجلك، لأجل أن تُرفع أعمالنا. أن تزداد حسناتنا، العالم كله بين يديك في هذا الشهر الفضيل، فإياك والخضوع والتهاون والتراخي.
لأجلك هُييء العالم، الملائكة تحوم لأجل أن تكتب كل حسنة، أي فعل تفعله بمقدار الذرة كجبل أحد في ميزانك" إلى سبعمائة ضعف" والله يضاعف لمن يشاء.
وأما عن ألف شهر، تلك الليله العظيمة المباركة، ينزل الرحمن سبحانه فيتغيّر نظام الكون لأجلك في هذه الليلة، لا تغفل كن مُستعداً للقاء الله، فقد نزل نزولاً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ليسمع شكواك، فيمدك بالقوة "تأتيه بضعفك فتعود بقوته" يا عبدي ها أنا قريبٌ منك كما في كل مرة، اطلب ما شئت.
رمضان أيها الأحبة أن لم يكن مُغيراً لنا، لأنفسنا وشهواتنا وطاعاتنا وقُربنا من الله، فوالله لن ننلّ منه إلا عطش نهاره وقلة أكل طعامه، الصيام الحقيقي أتى لكي يُهذب تلك الأنفس التي تحتاج في كل فترة زمنية إلى التذكير والتهذيب والموعظة الحسنة، فهي سريعة الإنجذاب إلى الحياة وملذاتها فيأتي رمضان ليكون الفرصة لتربيتها.
فعلينا أن نبقى بِنقائنا الذي نعيشه برمضان، أتعلم هذه الراحة التي نتلذذ بها في هذا الشهر ماهي إلا فطرتنا السليمة التي جُبلّنا و خُلقنا عليها، ولكن ملوثات لوثتها بِمعاصيها وأوجاعُها.
"الفرصة الأخيرة" فاغتنمها جيداً، كما قلت لك من قبل ردد "يا نفس علّه آخر رمضان نصومه، كما كان رمضان الماضي آخر رمضان صامه أحبائنا غفر المولى لهم. ردد وردد وسترى كيف ستتغير للشخص الذي طالما طمحت إليه. مُدّ يد الإحسان، مُدّ يد التسامح، مُدّ يد الحب، مُدّ يد الأمان، مُدّ يد القُرب، مُدّ يد السعادة.
هذا هو الشهر الفضيل قد بدأ فاجعله مُتميزاً وفُرصتك الأخيرة في تفاصيله، عباداته، أيامه وطاعاته أنظر إلى الأمور بهذا الشهر بزاوية جديدة ونظرةً حادة، فقد تغيّر نظام المجرة لأجلك..
تهيأت الملائكة، ورُتبت الصحف ووُضعت الموازين وصُفدت الشياطين لأجلك، لأجل رضا قلبك وسلام روحك.. لأجل أنه يُنقي الله روحك وقلبك ويمدك بالطاقة تواجه صعوبة هذه الحياة، تم وضع نظام دقيق لك، فلا تُضيعه على أمور قد تُخسر من حسناتك في الميزان وتقلل من شأنك في العالم السماوي، احذر أن تكون نفسك هي شيطانك.
كيف تكون هي شيطانك! "النفس الإمارة بالسوء" شيطان الإنسان.. اقتلها ارفع من مستوى نفسك إلى "النفس اللوامة"، وإن استطعت أن تصل إلى "النفس المُطمئنة" فيا حبذا، يا حبذا يا رفيق
تركت معاصينا في أجسادنا جروحاً عميقة طوال أيام السنة، أما أيام رمضان فليست إلا غرزاً تخيط وتداوي، أفلم يأتي الوقت لنخيط جروحنا؟ ألم يأتي الوقت أن نستغل فرصة المداواة التي قد تكون الأخيرة؟