بداية أمام هذا الوجع لا يمكن أن نخطّ نصًا إلا ويجب أن نعتذر للفاضلة في مقدمته، في وسطه، نهايته عن سفاهتنا، عن خفتنا، عن جرمنا الكبير لعل الله يغفرهُ، لا نعلم كيف سيغفر لكنه أعلم بالحال بالمقال مع المقام، هو الرحمن الرحيم....ولعلّه يغفر كانت هذه الحروف وغيرها دعمًا ومساندةً وقيامًا بما يدعم العضو الوحيد الحي المتألم لجسد هذه الأمة المترهل العليل.

  تستطيل الألسنة بيننا؛ لِتلْعن، تُعاير، تستنكر، تذم، وتبكي حال الإنسانية لدى الغرب، تنظر غزة تباد بأبشع الطرق الحديثة فتصُبُّ جام غضبها على مسألة الإنسانية لدى الغرب وكل ما يمثل الغرب لكن لو نسأل من الغرب المقصود هنا بالذم؟

من هو الغرب بالتحديد؟

هل تعني الغرب العلماني أم الغرب المسيحي أم الغرب الشيوعي أم الغرب اللاديني؟ أم الغرب العلمي سيد الحضارة اليوم؟ أم الغرب بصفة عامة؟ أيّ غربٍ تقصد الألسن العربية والإسلامية؟ وبالمناسبة "جنوب إفريقيا صاحبة السّبق في المرافعة القضائية عن فلسطين ضمن أحد تقسمات الغرب آنفة الذكر" إذن هذا يفرض قراءة متأنيّة، وحديث آخر، لكن الموضوع عريض، وما يمكن أن نسرب أن يتريث اللسان العربي والإسلامي فيما يخص موضوع الإنسانية لدى الغرب؟ أو على الأقل يوازي بين أطرافها.

 هل تعرف وأنت تعرف أن إشكالية الإنسانية لدى الغرب عامة ليست بالأمر الجديد؟ فحضارة الغرب المعاصرة أصلا قامت مما قامت عليه السفك وبتر الأعناق، فأول ما استفتحت به آياتها عبارة عن رؤوس علماء أفذاذ مبتورة، ثم بعد ذلك بزمن قامت حروب أحرقت الأخضر واليابس منها الحرب العالمية الأولى التي نتج عنها قتل ما يقارب 40 مليون إنسان ثم بعد ذلك قتل أكثر من 60 مليون إنسان في الحرب العالمية الثانية يا ترى كيف حال الغرب بعد هذه الأرقام مع الإنسانية؟ والسؤال الأصح ماذا فعل بعدها؟

 الإجابة بدون تعقيد وببساطة لم يلتفت للحظة استمرّ في مشروعه، في صخبه، بل منهم من قال: إن هذه ضريبة كان ولا بد للإنسانية من دفعها فالحياة الطيبة لا تنال بالورد.

 نعود ونتساءل هل من فعل هذا بمن هو من بني جنسه، وأصله، وفصله، ولونه، ورحبه يمكن أن يسأل عن الإنسانية أو يمكن أصلا أن يُفتح ملفّ الإنسانية في حضرته؟ كلا والله

 هل من ارتكب هكذا مجازر يمكن أن يدخل في جلسات حوارية تخص الإنسانية؟

 هل من فعل هذه الأباطيل والجرائم الكارثية مع من يشترك معه في الكثير يُتأمل أن تأخذَهُ رأفة أو شفقه على من لا يعنيه ولا صلة بينيّة بينهما أللهم إلا إن كانت المصالح؟ لكن الحقّ يُقال كما أسلفنا إفريقيا أين تضعها أليست من هذا الغرب أحد أشكاله المذكورة؟ وهي من تفردت بالمرافعة القضائية عن غزة في موضوعة المقال الإنسانية، وبقيّة الدول الغربية التي أعلنت وقوفها مع غزة من أول شرارة للكارثة قبل حتى من تنتمي لهم غزة ماذا نقول في حقهم؟ وأنت تعيب الغرب وتشكي قسوته حدثني أنت عن إنسانيتك تجاه غزة؟

كيف حال جامعاتك فيما يعني التضامن مع غزة لم نسمع لها صوت ولو طفولي في حين رأينا مقرّات العلم والمعرفة في الغرب أضحت محط أنظار العالم لما غدت بؤر لدعم غزة العزة، لاقت الويلات هي كذلك من أجل غزة لا يجمعها أصلا بالفاضلة سوى مسألة موضوعتنا الإنسانية لو سمحت قل لي: أليس منقوش على كثير من الجامعات والكليات والمعاهد كلمة إسلامية أين إسلامها هذا مما يحدث في غزة؟

 قل لي أيضا: كيف حال صوت الشارع في بلادنا العربية والإسلامية أليس مبحوح، وأحيانا معدم في بعض البلدان؟ أليست الدبابة هي من قطعت الأحبال الصوتية الداعمة، المساندة والمؤازرة؟ أعتقد أننا جميعا شاهدنا الشوارع الغربية كيف هبّت من أول وهلة للكارثة ومازالت جذوتها مشتعلة إلى اللحظة وإلى اللحظة ما زالت شوارعنا في سباتها العميق أللهم إلا الشارع الأردني فتحية لهذا الشارع الجميل النابض، وليت كل الشوارع كشارع الأردن..
هل حقا تريد أن نتحدث في مسألة الإنسانية ليعرف الكل أين يضع قدمه منها طيب أسألك من الذي يحاصر غزة؟ من يمنع عنها الدواء والغذاء وكل المؤن؟ هل تعلم متى بدأت الحرب على غزة؟
منذ تفجير الأنفاق، وبناء السدود لحجبها وعزلها، ووصف من يدعمها بالإرهاب وغير ذلك، منذ حملات الترويج للتطبيع من أيادي الكيان. من الذي ظهر جنوده يعتدون على شاب فلسطيني أعزل فرّ من الموت ليجد أماما الموت ذاتا؟ هل ما زلت تشكو موت الإنسانية لدى الآخر أرأيت كيف أننا جميعا شركاء في وأد الإنسانية؟ لم لا تراجع إنسانيتك أنت تعاني ورب الكعبة؟
أزيدك من حديث الإنسانية في تلك الليلة الهجومية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أعداء الإنسانية من كان مجرد قبة حديدية؟ بالله عليك ابدأ بنفسك! 
ومن الذي يلهو ويمرح ويرقص وتقام له ليالي قريشية فيما يسمى موسم الرياض في حين غزة تدك بأنواع القنابل والمتفجرات؟ 
من الذي يحشد ملايين الشباب في الملاعب وأمام الشاشات لأجل مشاهدة مباراة لكرة القدم في الوقت الذي يحشد فيه سكان غزة داخل ساحات ليُّجرّب فيهم العلم أحدث صيحاته التدميرية !
   

أذكرك أنت الذي رقصت في يوم من الأيام على أنغام الاستبداد تهليلا بأرواح زُهقت ظلمًا وعدوانًا تعدّ عدّها الألف في سويعات معدودة، وأنت الذي تصفق اليوم لمَن خيّر الذي ليس بشعبه قطعا بين بقائه على الكرسي أم عموم الخراب ببلده.

كيف تتحدث عن الإنسانية وهي أصلا تبكيك
 

يقول المثل: فاقد الشيء لا يعطيه، وعلى ذلك أنت أصلا تعاني في مسألة الإنسانية تعاني جدا فكيف تسأل عنها الآخرين أو كيف تُجرّم الغير فيما يعني الإنسانية...؟
الحياة اليوم برمتها تحتاج إلى الإنسانية شرقا غربا شمالا جنوبا الكل بحاجة إلى مراجعة نفسه مع الإنسانية، ولن يحدث ذلك إلا بالتخلص من عدوّها الأول والأزلي هذا الكيان الغاصب المجرم. 
وفي الأخير نحيّيّ ونشد على أيدي كل من دعم غزة حق الدعم دعم القول وإياه الفعل كإخواننا في يمن الحكمة اليمن السعيد، والمقاومة الباسلة في كل من لبنان والعراق أما عنا فنقول: ماذا يفعلُ المُقبل بالمتردّدّ، البَاسل بالخائر، غزة كما قامت من دوننا ستنتصر من دوننا مالها حاجة بالضعفاء، والمرجفين.