من المعلوم لدى الجميع وهو أمر مسلم به أن الشباب لهم الدور الأكبر في التنمية والنهضة والتطور والازدهار باعتبار أنهم أكبر وأكثر فئة يتم الاعتماد عليها في المجتمعات. وفي مجتمعنا المسلم كان ولا يزال للشباب مكانتهم وقيمتهم الكبيرة في نشر الدعوة ونشر العلم وفي الصناعة وفي التجارة وفي شتى مجالات الحياة بروح قوية وعقيدة راسخة في العهد النبوي وعهد الخلافة والتابعين وحتى يومنا هذا.

والشباب في تاريخ الإسلام لهم دور كبير ولقد اهتم الإسلام بالشباب اهتماما عظيما لأنهم عصب الأمة ورجالها الذين يحملون عبء الرسالة ومسؤولية إبلاغها للعالمين. ولقد قامت نهضة الإسلام من على أكتافهم وسواعدهم وبذلوا في ذلك كل غالٍ ونفيس وكانوا في الخير الخير أسرع من رجع الصدى.

وفى التاريخ الإسلامي لعب الشباب مكانة عظيمة في بناء الأمة والرقي بحضارتها في مختلف المجالات علميا وثقافيا وفكريا وعسكريا وتمت على أيدي الشباب المسلمين فتوحات تعجب لها التاريخ.

ومما لا شك فيه أن الشباب هم اللبنة الأساسية لبناء ونهضة المجتمعات، فهم المورد الأساسي كونهم يمتلكون عناصر فريدة كالطاقة والحيوية والابتكار والحماس، وفي هذا القرن الحادي والعشرين توفرت بيئة حديثة ومتطورة تمكن الشباب من إيجاد ابتكارات جديدة وهائلة لا يقتصر تأثيرها على أنفسهم فحسب بل على باقي فئات المجتمع.

التكنولوجيا الحديثة التي باتت جزءًا أساسيًا من حياة الفرد فهي تُسير كافة شؤونه وتسهل له الوصول للمعلومات والتواصل مع الآخرين وتلبية الاحتياجات بمختلف أنواعها وأشكالها.

 ليس هذا فحسب، فالتكنولوجيا أصبحت عامل نجاح لأغلب المؤسسات الناجحة كونها تبسط الإجراءات وتلبي المتغيرات المتسارعة وتدير كافة شؤونها باحترافية وتقدم أفضل الخدمات لعملاء أي مؤسسة كانت. 

بل يتعدى الأمر لتلعب التكنولوجيا دورًا أساسيًا للدول والحكومات ليتصدر بعضها رأس قائمة الدول الذكية المتطورة تكنولوجيا ويمكن القول أن التكنولوجيا ستكون في متناول الجميع وستسيطر على كل مناحي الحياة حتى في الدول النامية.

وفي هذا الموضوع سنتطرق وبأسلوب عصري الى دور الشباب في النهضة التكنولوجية وهو موضوع مهم خاصة مع التطور الحديث في التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا الميكانيكية والتكنولوجيا الطبية إذ أصبح من الضروري جدا مواكبة التقدم والعمل على معرفة كل جديد فيها وتطوير ما يمكن تطويره في ظل الإمكانات المتاحة.

ومع جائحة وباء كورونا العالمية(covid-19) ازدادت الحاجة الى التكنولوجيا وأصبحت ضرورة ملحة في الكثير من المجالات في كثير من المؤسسات والشركات والدول بشكل عام.

وفي إطار ذلك سنقسم الحديث عن دور الشباب في النهضة التكنولوجية إلى أقسام منها: 

  1. المجال الافتراضي.
  2. التعليم. 
  3. الصناعات والمهن.
1- هل يُتيح المجال الافتراضي المجال لإبراز القدرات؟ 

ويمكن القول أن العالم الافتراضي والتواصل العالمي أصبح واقعا مفروضا وله الكثير من العوامل الإيجابية ويمكن الاستفادة منه وتسخيره بصفة ذاتية من قبل الشباب لتعزيز معرفتهم وتقوية إمكاناتهم وإثراء خبراتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم كالتالي:

  1. تعلم كيفية التعامل مع الحاسوب وبرامجه والتمكن من استخدامها استخداما سليما واستغلالها لتنفيذ المهام المكتبية والمحاسباتية والتعرف على أنظمتها المختلفة.
  2. تعلم كيفية استخدام الهواتف الذكية وتطبيقاتها وإتقان استخدامها استخداما أمثل، والتعرف على خدماتها وإمكاناتها لتسهيل المهام والأعمال العامة والخاصة.
  3. تعلم كيفية استخدام الأنترنت وكيفية التصفح والبحث وكيفية استغلال شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الويب وخاصة مواقع التعليم الالكتروني ومنصات التعليم والتدريب.
  4.  التسجيل في مواقع التعلم المجانية لمن لا يستطيع الدفع في المواقع التي تطلب النقود واختيار المناسب منها لتنمية قدرات معينة بحسب الميول او التخصص الدراسي. وأيضا التعرف على الجوانب الأخرى المهمة فكل مجالات التعليم مهمة ويمكن أن تسخر في الواقع بتطبيقها في المجالات المخصصة لها، ورفع الوعي لدى المجتمع حتى تعم الفائدة نبلغ الهدف المنشود الذي تم التعلم لأجله.

هناك الكثير من الشباب لديهم قدرات ومهارات مكبوتة لا يتم استغلالها لعدم وجود حوافز تمكنهم من إبرازها وتطويرها لذا فالواقع الافتراضي يتيح لمثل هؤلاء الشباب إبراز مهاراتهم.

 ففي مجال البرمجة مثلا هناك مشروع افتراضي يسمى "مليون مبرمج عربي" وهذا المشروع يسعى إلى تدريب الشباب من أجل تمكينهم وتجهيزهم كرأس مال للنهضة التكنولوجية الحديثة. [1]

2- ما هو دور الشباب في النهضة التكنولوجية بمجال التعليم؟ 

ويجدر بنا القول هنا أن هذا المجال هو أساس النهضة وضمن هذا المجال نشير للقراءة وهو أول أمر إلهي نزل من السماء على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ((إقرأ)).

ويمكن تلخيص دور الشباب في النهضة التكنولوجية في مجال التعليم في أنه لابد للشباب أن يسهم في بناء نفسه بنفسه وأن يعين غيره للانتفاع ولتطبيق كل وسائل النهضة التكنولوجية المتاحة وتوفير ما يمكن توفيره لتكون التكنولوجيا ممكنة ومتوفرة وفي متناول الجميع ويكون دورهم كالتالي:

  1. استخدام الوسائل التكنولوجية في الدراسة والأبحاث المدرسية والجامعية واستغلالها الاستغلال الأمثل لتنمية الذات وتنمية المجتمعات في جميع المجالات العلمية والتقنية.
  2. الاطلاع على كيفية استخدام الأجهزة والآلات والمعدات ونقل معرفتها لمن يهمه الأمر وتطويرها إن أمكن مع التعرف على كل جديد بخصوصها سواء الأجهزة الطبية أو أجهزة التصوير أو أجهزة الحوسبة او الأجهزة الصناعية أو الأجهزة الميكانيكية أو أجهزة الرقابة والفحص وغيرها لتتكون جذور المعرفة التكنولوجية وتترسخ في المجتمعات مكونة قوة من الوعي وطرقا سلسلة للنهضة.
  3. الاهتمام على مستوى القطاع العام والقطاع الخاص بتوفير أحدث الوسائل التكنولوجية الحديثة لقطاع التعليم الأكاديمي والفني والمهني وتسخيرها للشباب وتسهيل الوصول إليها والاستثمار التكنولوجي في الشباب وتنميتهم بما يناسبهم لتحقيق أهدافهم الخاصة والأهداف العامة بالطرق الصحيحة والسليمة التي تخدم المجتمعات وتذلل الصعوبات للوصول الى النهضة التي يصبو إليها كل إنسان.
  4. العمل على استغلال كل الفرص الممكنة في التعلم والتدريب والتأهيل لكل الشباب بما يلبي تطلعاتهم وطموحاتهم وأهدافهم وبما يمكنهم ليكونوا رافدا مهما ومؤهلا لتلبية الاحتياجات العامة للمجتمع والاحتياجات الخاصة لسوق العمل بحسب البيئة المناسبة والتخصص المناسب.
  5. مواكبة التطورات التقنية وتطوير المهارات المكتسبة ونشرها في المجتمع واستثمارها وتوظيفها لتحقيق ما وجدت لأجله وتطبيقها إن كانت أفكار يمكن تطبيقها واقعا وممارستها لتترسخ لاكتساب الاحتراف العملي بها.
3- هل يدرك الشباب أهمية المهن والصناعة؟ 

إن مجال الصناعة هو المجال الذي يتجدد ويتطور بالآلات الميكانيكية بمختلف أحجامها الصغيرة والمتوسطة والعملاقة والتي ارتبطت بشكل وثيق في العصر الحالي بالتقنية والحوسبة لتسيير عملها وسهولة استخدامها لما صنعت لأجله.

ولابد في هذا القسم للشباب أن يدركوا أهمية الصناعة وأثرها في حياتهم ولابد أن يسخروا قدراتهم ويحولوها الى واقع ملموس وعليهم أن يطوروا مهاراتهم في الاختراعات والهندسة الميكانيكية والبرمجة واستثمار طاقاتهم وأفكارهم وإبداعاتهم بحسب الإمكانات والبحث عن طرق بديلة تمكنهم من تنفيذ مشروعاتهم أيا كانت صغيرة أو كبيرة.

وللتكنولوجيا سلبيات وإيجابيات كثيرة ولابد من معرفة إيجابياتها وكيفية استغلالها واستثمارها وتوظيفها لإنجاز مهامها بسلاسة ودقة وأيضا لابد من معرفة سلبياتها وكيفية الحد منها والحذر في التعامل معها من أجل السلامة ومن أجل المحافظة على المعلومات والبيانات والعمل المثمر الذي يسهم في اكتساب الوعي والتطور التكنولوجي.

4- الشباب في خدمة الأبحاث والتطوير والابتكار

مع سهولة الحصول على المعلومات وإمكانية عمل البحوث العلمية والتقنية أصبحت الأفكار تتبادر إلى الاذهان برؤى جديدة وآراء متعددة ومشاريع متنوعة في مختلف المجالات.

ويعد الشباب هم الفئة الأنسب لهذا العمل لأنه مجال واسع ومتطور يتجدد كل يوم والأخبار تنشر عنه دائما عن كل جديد فيقع على عاتق الشباب الاستفادة من هذه الأبحاث وتطوير ما يمكن تطويره وإبراز رؤاهم ونظرياتهم للعالم كونهم جزء مهم وأساسي في هذا المجال الغني والنافع والسهل وسهولة توفر البيانات تمكنهم من خلق فرصهم وتحديد احتياجاتهم وإبداء رغباتهم ووجهات نظرهم. [2]

إن التطور التكنولوجي والعلمي باعتبار توسعه وسهولة الوصول الى المعلومات بحسب الحاجة والمنفعة سهل للشباب عناء السفر وصرف الأموال إلا في بعض الحاجات الخاصة.

وهناك الكثير من الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث العالمية وأيضا المؤتمرات والندوات وبراءات الاختراع والتي من شأنها أن توسع مجالات الفهم والإلمام لدى الشباب وحصولهم على الكم الكافي والوعي اللازم للمساهمة في رفد الأبحاث العلمية والتقنية بما يعزز من قوة التكنولوجيا ودور الشباب المهم في الحياة العلمية والتكنولوجية والنهضة الشاملة.