يكمن دور الشباب في معرفة سلبيات توفر التكنولوجيا واستخداماتها ومعرفة كيفية استغلال هذه السلبيات لصالحهم والحذر من الوقوع في هذه السلبيات والتحذير منها وأيضا لابد للشباب أن يدرك إيجابيات التكنولوجيا وكيفية استخدامها وتوظيفها واستثمارها وأيضا تطويرها بما يتناسب والحاجات الملحة في بيئات العمل. 

ورغم أن تواجد التكنولوجيا خاصة المصانع والحوسبة والأنظمة البرمجية التي تدير الأجهزة والآلات وبسبب الشركات التي استغنت وبشكل كبير جدا عن الموارد البشرية وبنسبة عالية ولكن يمكن للشباب فهم عمل هذه الأنظمة والآلات وكيفية عملها وطرق صيانتها وبرمجتها وتطويرها للأفضل من حيث الدقة والسرعة والجودة وأشياء أخرى يمكن الاستفادة منها في الاستثمار والتوظيف ومواكبة التطور العالمي في مجال التكنولوجيا الحديثة.

ولا يمكن في حاضرنا الآن تجاهل التقدم التكنولوجي وكذلك ضرورة التكنولوجيا في حياتنا اليومية وخاصة البلدان النامية فإنها بحاجة ماسة لدافع نهضوي تنموي قوي جدا لرفدها بالموارد البشرية اللازمة ولن يكون ذلك إلا بالشباب الكفؤ المتميز الذي يبرع في العديد من مجالات التكنولوجيا ويتميز بتخصص معين يساهم بشكل فعال بتطور التكنولوجيا في مجتمعه وبذلك يفتح طرقا جديدة في النهضة التكنولوجية ونهضة الأمة. 

إن دور الشباب دور مهم لارتباطهم الوثيق والفعلي بالآثار التكنولوجية والتطورات المتسارعة لها لأنه يناط بهم ابتكارها وتسخيرها وتطويرها بما يتناسب مع واقعهم واحتياجاتهم لتلبية متطلبات تسهيل الأعمال بدقتها وجودتها وموثوقية معلوماتها وسرية بياناتها الخاصة والملهمة كأساس للتجديد والتطوير فيها..

إن من الآثار الايجابية للتكنولوجيا على الشباب: 

تقريب واختصار المسافات: فقد ساعد التطور التكنولوجي في تعارف المجتمعات على بعضها البعض دون الاضطرار إلى السفر والترحال، وذلك من خلال تكوين الصداقات والعلاقات ما بين الناس وتقوية الروابط بمختلف التوجهات الدينية والفكرية وغيرها..

التطور العلمي والثقافي: لقد ساعدت الموسوعات والكتب الرقمية المنتشرة على شبكة الانترنت في زيادة معدل القراء، والكتاب في العديد من البلدان وبمختلف اللغات، وأيضا ازدياد المترجمين وترجمة الكتب والابتعاث الخارجي لنقل الخبرات والمهارات التكنولوجية بالإضافة إلى تقوية وتنمية أساليب الإنشاء والتعبير لدى العديد من أفراد المجتمعات.

النمو الاقتصادي: استغلال المستثمرين في التكنولوجيا لتحقيق الربح المادي والذي يعود على المجتمع بفائدة كبيرة، نتيجة لتشغيل الفئات العاطلة عن العمل وغيرهم من حملة الشهادات العليا بمختلف التخصصات وزيادة الاستثمارات بشتى المجالات التقنية والعلمية والذكاء الاصطناعي والمجال الطبي...

ومن الآثار السلبية للتكنولوجيا على الشباب

للتكنولوجيا ايجابية كما أن لها سلبيات ومن سلبياتها والذي يجب على الشباب الحذر من الوقوع فيها وتجنبها وتحذير المجتمع منها كالتالي:

جفاف العلاقات الاجتماعية والأسرية: الذي تسبب الاستخدام السلبي للتكنولوجيا فيها وانشغال أفراد العائلة عن بعضهم البعض باستخدام أجهزة التكنولوجيا المختلفة للتسلية وقضاء الوقت، بالإضافة إلى اقتصار العلاقات الاجتماعية على المكالمات الهاتفية والرسائل النصية الجافة وعدم استغلال ذلك في التعلم والتنمية والوعي التكنولوجي فيصبح الاستخدام غير مثمر.

ومن الأسباب التي تؤدي إلى سوء استخدام التكنولوجيا كما يوردها اللوزي:

عدم الشعور بالمسؤولية في طلب واستخدام التكنولوجيا، عدم الشعور بالانتماء إلى الفكر البشري العالمي، والتدرج العكسي في شراء التكنولوجيا من الحاجة الثانوية إلى الحاجة الضرورية، والأمية الثقافية الناتجة عن ضعف التعلم والاستفادة من التجارب والخبرات الحياتية على مستوى الفرد والمجتمع، والتنشئة الاجتماعية الخاطئة والاستمرار فيها وتوريثها من الآباء إلى الأبناء، وسوء التقدير الفردي في وضع الأشياء المناسبة في المكان المناسب، والناتج عن اللامبالاة. [1] 

اكتساب صفات وعادات جديدة: ساهم التطور التكنولوجي في التعرف على عادات وطباع المجتمعات المختلفة، والتي تشربتها نسبة كبيرة من الفئات الشابة والمراهقة وتطبعت بها، مع ابتعادهم عن عاداتهم وتقاليدهم التي نشأوا وتربوا عليها في التربية والاخلاق والتعلم والثقافة. 

الخمول العقلي والجسدي: تسبب التطور التكنولوجي في خمول وكسل جسدي واضح بسبب حفظ البيانات والمعلومات بأدوات التخزين وإهمال حفظ العقل على سبيل المثال، من قبل كان الفرد يحفظ أرقام هواتف أصدقائه عن ظهر قلب، لكن اليوم أصبح يخزنها في الهاتف أو الحاسوب، وإذا أراد أي منها عاد للجهاز المخزن له وهذا بدوره أدى إلى تعطيل الذاكرة واهمالها وأيضا التسوق الإلكتروني المنتشر بشكل واسع والطلبات التي تصل لباب البيت كطلبات الخضار وغيرها من مستلزمات البيت، بالإضافة إلى الخمول العقلي والذي نتج عن الاستخدام الدائم للآلات الحاسبة وشبكة الإنترنت للحصول على النتائج الحسابية والمعلومات بسهولة دون الحاجة للتفكير والبحث لطغيان التكنولوجيا والآلات على عقل الشباب والاعتماد بشكل كبير عليها وأيضا يعتبر الكثير منهم مستهلك للتكنولوجيا وليس مؤثرا بل متأثرا فقط..

أثر التكنولوجيا على حياة الفرد

الأفراد سواء كانوا اطفال أو شباب بكل الفئات العمرية والنوع الاجتماعي يؤثرون ويتأثرون بصورة ملحوظة جدا والحياة الرقمية التي نعيشها وما تشمله من استخدام التكنولوجيا في معظم الأدوات والمنتجات ، لم تعد ملكة الذكاء مقصورة علي الإنسان فقط بل أصبحت خاصية موزعة على الآلات والأدوات والنظم في كل شيء حوله. 

 مثال على ذلك المنزل الذكي الذي كل جزء منه متصل بشبكة معلومات بها كاميرات وميكروفونات وشاشات عرض لتوفير سبل الراحة والرفاهية للفرد، ولكنها في نفس الوقت تؤثر على سلوكه بالسلب حيث تقلل من نشاطه وحركته، وأيضا عدم إحساسه بالخصوصية في ظل وجود الكاميرات والشاشات في كل مكان بالمنزل، والأرضيات التفاعلية داخل المباني وأيضا الحوائط المتحركة والأثاث المضيء التفاعلي كل هذا يجعل الإنسان أكثر توترا وقلقا ويتعامل بحذر في كل شيء حوله وبالتالي يظهر ذلك في ردود أفعاله وسلوكه في الفراغات الداخلية.

أثر التكنولوجيا على سلوك الجماعة

سلوك المجتمع والأسر بشكل خاص يتأثر بالتكنولوجيا بشكل كبير جدا وإن استخدام التكنولوجيا على نطاق أكثر شمولية بين الجماعات أدى إلي قلة الاحتكاك و التواصل بين الأفراد وبعد المسافات حتى بين أفراد الأسرة ، فإن زيادة مسطحات الشاشات و التكنولوجيا الرقمية داخل المسكن أدت إلي أن أصبح الاتصال إلكترونيا في بعض الأنشطة بدلا من الاتصال الوظيفي المعتمد على القرب المكاني، ولكنها في نفس الوقت أدت إلي الكسل وعدم الحركة وقلة التواصل الاجتماعي بين الأفراد، في حين أن التصميم الحديث للمطبخ المفتوح على غرفة المعيشة عمل على تحقيق التواصل بين الأم وأفراد أسرتها فمن الممكن أن تعد الأم الطعام، وفي ذات الوقت تشرف على أطفالها وهم يدرسون أو يشاهدون التلفاز أو يلعبون أو حتى تتحدث معهم. ولكن اتصاله بفراغات الاستقبال يفقد أفراد المسكن الخصوصية الملائمة التي اعتادت عليها المجتمعات العربية ويمكن أن حد بشكل كبير في البناء المعرفي والتكنولوجي للأطفال وهذا يؤدي بشكل سلبي على الوعي السليم والصحيح في البناء المجتمعي.

المسؤولية التكنولوجية

يرى الباحث الاجتماعي والسيكولوجي بمركز سبأ للدراسات الاستراتيجية - نبيل اللوزي - في حديثه لـ (البيان): ان التكنولوجيا جاءت لتخدم وتسهل حركة الإنسان وتلبي احتياجاته في التطور نحو الحياة والسلام. لا أن تصبح مشكلة تعكر النظام الاجتماعي وحياة البشر، وإذا ما كان الأمر كذلك وأخلينا بالمنفعة التي جاءت من أجلها التكنولوجيا؛ فإنها تصبح بمثابة المشكلة التي صنعناها بأيدينا.[2]

إن المبتكرات التكنولوجية في نهاية المطاف أمرها متروك للبشر، فهم الذين يوجهونها الوجهة التي يبتغونها من ورائها حاجتهم منها، فإما يطوعونها لمنطق العقل، وإما للأهواء، وهذه الأخيرة لا تكون سوى وبال على الفرد والمجتمع، سواء كان شاباً أو كهلاً.

 كما أن الاتكالية على الوسائل الحديثة كالكسل والخمول البدني والذهني، الأول يحدث نتيجة لقلة الحركة الجسدية والعضلية، أما الكسل الذهني فهو محصلة لتعطيل الملكات، مثل الذاكرة والحفظ وإعمال العقل واتخاذ التكنولوجيا كمسهل لكل الأعمال والخدمات وايضا الانشغال او الادمان على التسلية والترفيه الذي توفره التكنولوجيا عبر شبكات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية وغيرها التي تستنزف العقل والوقت والجهد دون أدنى فائدة.

ويرى الدكتور عبد الواسع الحميدي أستاذ الإعلام في جامعة صنعاء: أن وسائل التكنولوجيا خاصة منها الأثيرية لا تطرح أي مشكلة لأن الإنسان هو الذي يحدد طبيعة استخدامها، لكن المشكلة حسب الحميدي هي في الثقافات التي تقوم على بعد واحد وكرست واقعا اجتماعيا جامدا يضع الفرد ونمط عيشه في قالب جامد معد سلفا وبالتالي من الطبيعي أن يرى البعض في وسائل التكنولوجيا ذات البعد المعرفي التواصلي تهديدا للشباب...[3]

والشباب المسلم يستطيع بمثابرته واجتهاده الخروج من بوتقة التخلف والتجهيل القسري المفروض عليه حتى يكون مستهلكا فقط خاملا لا يعرف أساسيات التكنولوجيا والتجديد والتطوير لذا وجب عليه أن يكون الأرض الخصبة التي تنبت الشجرة المباركة التي أصلها ثابت وفرعها يعلو عنان السماء ولن يبلغ العلو والسمو إلا بحفاظه على معتقداته وسيره قدما نحو إنجازاته وتسجيل نجاحاته في ذروة المجد الحديث ليتوج الحاضر بحقيقة الشباب المسلم والبرهنة على قدراتهم التكنولوجية وأنهم لا يختلفون عن غيرهم من الأمم ليصلوا بذلك الى تحقيق التنمية والنهضة لهم ولمجتمعاتهم ولأجيال المستقبل المتعاقبة فالتطور التكنولوجي له آثار حقيقية ملموسة وباقية وتورث وتحدث إلى الأفضل دائما..