الابتكار هو الرؤية الشاملة للأشياء بفحص عميق لاستنتاج شيء جديد أكثر إبداعا وأكثر فائدة. إن جميع الرؤى والأشياء والبرامج والمشاريع والأفكار التي يمكن أن يعمل الإنسان من أجل تنفيذها بأسلوب جديد، وتقدم مزيدا من الخدمات والفهم، وتجلب المنافع المعنوية والمادية، ولها أثر كبير في الحياة هذا هو ما نسميه الابتكار.

هناك أسباب وعوامل كثيرة تدعونا الى الابتكار ومساعدة وتشجيع المبتكرين ومنها ما يلي:

١- أنه أحد وسائل التطور والرقي للمجتمعات.

٢- أنه يعمل على فتح أبواب التنافس بين الأفراد.

٣- أنه يفتح كثيرا من أبواب المعرفة.

٤- أنه يساعد على تحويل الأفكار والعلم النظري إلى واقع عملي.

٥- أنه يساهم في اكتساب الرزق وتوفير الدخل.

٦- أنه يسهم في تخفيف البطالة والفقر في المجتمعات.

٧- أنه يبين قدرة المجتمع، وإمكانياته أمام أفراده، وأمام المجتمعات الأخرى.

٨- أنه أحد عوامل التنمية والنهضة الشاملة والسريعة للأمم.

وقد قدمت منظومة الإبداع والابتكار المؤسسي تعريفا للابتكار أنه:

"تقديم منتجات وخدمات جديدة، أو مطورة بشكل جوهري، أو إيجاد طرق تسويق وترويج جديدة لمنتجات وخدمات الهيئة، أو تطبيق طرق تنظيمية، جديدة في ممارسات الأعمال أو في بيئة العمل أو في إدارة العلاقة مع المتعاملين."

خصائص الابتكار:

١- الشمول

والابتكار ليس حصرا في مجال دون آخر، وليس معنيا بجهة معينة أو تخصص جامعي، أو دراسة علمية.

٢- التنوع

يتواجد الابتكار حيثما وجد المبتكر وحيثما كانت الحاجة إليه.

٣- التجديد

والمقصود به الإضافة النافعة لأي صناعة أو ابتكار سابق وأثر أفضل وإيجابي، حتى بنسبة بسيطة كـ ١٥% من الشيء المبتكر بشكل عام.

٤- الجديد

وهو إيجاد شيء جديد لم يصل إليه أحد من قبل، تم بذل مجهود فكري أو مجهود عملي للوصول اليه، سواء بشكل فرد او بتعاون من شخصين وأكثر أو في إطار مؤسسي.

٥- المنفعة

على المبتكر أن يركز في أثر الشيء الذي يريد ابتكاره، وعليه أن يسهم في تدعيم ذاته، والتساؤل هل هناك أثر للذات أولا أو لفئة معينة من المجتمع أو للمجتمع بشكل عام.

هناك الكثير من المبدعين الذين لم يتم اكتشافهم بعد، على الدولة والمجتمع أن يكونوا عونا على إبرازهم وإخراجهم من بوتقة الانطواء إلى سعة الإبداع، وبيئة الابتكار.

العوامل المؤثرة في عملية الابتكار والمبتكرين:

١- عوامل سياسية

هناك أنظمة سياسية على مستوى الدول تساعد على نجاح عملية الابتكار، ودعم الابتكار والمبتكرين وتهيئة الظروف المناسبة لهم، وهناك أخرى تعمل على تضييق عملية الابتكار وملاحقة المبتكرين والتخلص منهم، أو تهجيرهم إلى دول أخرى للاستفادة منهم دون أن يقدموا فائدة لأوطانهم.

٢- عوامل اجتماعية

إن وعي المجتمعات بأهمية الابتكار في حياتهم وفي تغيير ظروفهم المعيشية وأساليب تسيير أعمالهم يساهم بشكل كبير في دعم عملية الابتكار. 

٣- عوامل نفسية

إن بعض الناس عندهم طاقة الابتكار ولكن الحالة النفسية، والوعي السلبي والنظرة التشاؤمية تمنعهم من الابتكار، وهناك من يثابر كثيرا في الابتكار ولا يبتكر شيء وهناك من يثابر كثيرا ليبتكر ثم تثمر جهوده بابتكار جديد، وهناك من يوفق في كثير من الابتكارات بجهود بسيطة مقارنة بغيره.

٤- عوامل بيئية

إن بيئة المجتمع كالجغرافيا التي يعيش الإنسان فيها، أو البيئة العامة وعدم مواكبة التطور والتحديث في طرق العيش وتنفيذ الأعمال، ونمطية الحياة لها أثر كبير في التخلف عن الابتكار.

٥- عوامل دينية

وهناك بعض الأديان والمذاهب والطوائف التي يعد الابتكار فيها جريمة ومخالفة للمعتقدات، كما كانت الكنيسة في أوروبا.

٦- عوامل عرفية وتقليدية

بعض المجتمعات لها عاداتها وتقاليدها الخاصة، والتي لا يمكن أن تحيد عنها، لذلك ظلت متخلفة عن التقدم الإنساني، والثورة المعرفية والصناعية، كبعض القبائل في أفريقيا والهند وغيرها.

وهناك أيضا عوامل خاصة بالمجتمعات، والمحاضن التربوية، والأسرية، وسياسات الدول، وكذلك توجه الشركات وذوي النفوذ وأصحاب رؤوس الأموال في توجيه عملية الابتكار لتحقيق أهداف معينة، وهذا يعد من التشجيع على الابتكار ولكنه أيضا من العوامل المؤثرة في الابتكار خصوصا إن كانت الابتكارات سلبية، كصناعة الأسلحة والفيروسات وغيرها..

إن عملية الابتكار عملية منظمة تسهم في دعم المبتكر وتنمية مجتمعه، وتأخذ طريقا سهلا و خطوة أولى للوصول إلى النهضة. وهو الخطوة الثانية في سلم البناء الحضاري، بعد الوعي، والشيء الذي لابد أن توجه نحوه كل الجهود الداعمة للنجاح والإنجاز.

ويعتبر أداة فعالة من أدوات الجذب الاجتماعي، والاستراتيجي في عالم الأعمال وفي الحياة العامة يعمل على خلق قيمة أفضل للمبتكر ولمن هو مستفيد من عملية الابتكار، بحسب المنفعة والخدمة التي تقدمها مادة الابتكار، وبحسب الحاجة إليها.

إن تشجيع الابتكار والمبتكرين، يسهم في خلق وعي شامل ورؤية واضحة للطموحين ويوفر فرصة أفضل للدخول في عمليات منظمة وهادفة من أجل تحقيق تنمية للعقول ومن ثم تنمية المجتمع.

ولكي نوجد بيئة خصبة للابتكار يجب توفير متطلبات أساسية لعملية الابتكار.

متطلبات الابتكار:

١-التوعية بأهمية الابتكار، على المستوى الشخصي والمجتمعي.

٢- تشجيع المبتكرين من الناس ومن أنفسهم.

٣- توفير الاحتياجات الأساسية للمبتكرين، وابتكاراتهم.

٤- توظيف قدرات المبتكرين واستثمارها في الابتكارات النافعة.

٥- رعاية المبدعين والموهوبين، في إطار دعم الابتكار.

٦- تشكيل إدارات خاصة بالمبتكرين.

٧- تأهيل المبتكرين وتدريبهم والاستفادة من ابتكاراتهم.

٨- تمويل الابتكارات والمبتكرين من قبل الدولة والقطاع الخاص وكذلك القطاع الثالث.

٩- إعداد جائزة دورية أو سنوية للابتكارات وبراءات الاختراع على مستوى المديريات ثم المحافظات والولايات ثم المدن والدول.

١٠- تخصيص منشآت وأقسام خاصة في الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية لاستقطاب المبتكرين وتنمية مهاراتهم.

كثير من الدول تضع ميزانية كبيرة للابتكارات وتضع برامج وجوائز سنوية للمبتكرين وتعمل على تنميتهم وتطويرهم وكذلك تطوير ابتكاراتهم، والاستفادة من عقولهم وإعطائهم الدعم الضروري لابتكارات جديدة.

إن الأمة الإسلامية والعربية لن تخرج من دائرة التخلف الذي تعاني منه اليوم إلا إذا شجعت المبتكرين وكانت المحضن الآمن لهم الذي يعينهم في تحقيق أحلامهم وصقل قدراتهم.