الأمل هو ما يجب أن يشعر به الإنسان من أحاسيس إيجابية وتفاؤل تجاه نفسه ومع الناس، ونقيضه اليأس والقنوط.

الحياة بلا أمل لا معنى لها، والإنسان بلا أمل يحيا حياة غير حقيقية .

الأمل هو الشيء الذي يجعل الإنسان يعمل، هو الشيء الذي يصل بالإنسان إلى المكان الذي يريد، وهو الشيء الذي يعين الإنسان على إنجاز أعماله وتحقيق آماله.

ويتميز الأمل بقوتين من القوى الذاتية للإنسان، وهي قوة الإرادة وقوة الدافع، وهما قوتين متوازيتين، تسلكان سلوكا إيجابيا ومتفائلا ينتج عنه الوعي السليم والخبرة التي يأمل الإنسان أن يحصل عليها، وتحديد مسبق للنتائج المرجو تحقيقها.

الأمل هو المرافق للإنسان في جميع أموره، وهو العمق الذي يبعث في الإنسان أريج سروره.

لا يأس مع الأمل، ولكن كيف نصنع الأمل في حياتنا، وكيف نجعل الأمل سلوكا وثقافة، وبرنامجًا يرافقنا، ويرافق من فقد الأمل؟

من أجل صناعة الأمل هنالك عدةُ أشياء يجب مراعاتها حتى يجد طريقه إلينا ..

أولا: التفاؤل.

التفاؤل هو حسن الظن بربك أولا وبنفسك ثانيا، وبمن حولك ثالثا، ولا يكون التفاؤل إلا خلقا يجب أن نتخلق به، ونظاما طبيعيا في حياتنا، وحتى نتفاءل، يجب أن يكون لدينا القدر الكافي من الوعي، المعرفة والعلم النافع الذي يعمل على تقويم أفكارنا، ويصحح الانحرافات التي يمكن أن نواجهها في طريقنا وفي معاملاتنا مع أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا، ومع الكائنات من حولنا.

ثانيا: الثقة.

الثقة هي أعلى مراتب حسن الظن، وهي أسمى مراتب التعامل الإنساني، والثقة هي ماتبنى عليها العلاقات الانسانية، وبها تكون المعاملات إما تعاونية، أو عدوانية، أو حيادية.

فإن وجدت الثقة بين العبد وربه، فيما يسخره الله للإنسان، فإن الإنسان يجب أن يدرك أن الله سخر له الدنيا وجميع المخلوقات، فلا ييأس، بل عليه أن يثق بتدبير الله له، وأن يعمل بالأسباب، ويمضي قدما لنيل ثواب الدنيا والآخرة.

ثالثا: الإيجابية.

الإيجابية تتخطى التفاؤل إلى العمل، فالتفاؤل قد يكون شيئا معنويا وشعورا داخليا أو بالقول فقط، وهذا أقصى معاني التفاؤل، ولكن الإيجابية هي الشعور الداخلي بالتفاؤل، وترجمة ذلك الشعور إلى قول وعمل.

فمن الإيجابية أن يشعر الإنسان بأهمية ذاته فيعمل على تطوير نفسه، يتعلّم ويتقن مهارات وفنون تمكنه من التميز والتقدم في حياته.

والايجابية تجعل الإنسان يحسن الظن بمن حوله، ويساعدهم إذا اِحتاجوا إلى مساعدة، ويعينهم في أعمالهم، ويصلح ذات بينهم، وينشر السلام وهو مدرك لمنافع أعماله وأثرها في الحياة ولو كانت بسيطة.

ومن الإيجابية أن يعبد الإنسان ربه فلا يقصر في العبادات، وأن يعزز الثقة بالله، ليتمكن من فهم الناس، وليكون مثالا ونموذجا في الإيجابية وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى.

رابعا: القدوة الحسنة.

يجب أن يكون للإنسان مثل أعلى يقتدي به في الحياة، والإنسان المسلم مثله الأعلى هو النبي صلى الله عليه وسلم، من أحيا القلوب وبعث الأمل فيهم ووعدهم بجنات النعيم، وفي حياة الإنسان عدد من القدوات الآخرين كالوالدين، ونماذج الناجحين، ومن كل ذلك يأخذ الإنسان الأفضل لحياته.

خامسا: التميز.

هل يجب على الإنسان أن يكون فريدا؟

هل من الضروري أن يتساوى الإنسان بغيره من الناجحين؟

هل يجب أن نقلد الناجحين لننجح؟

كل هذه الأسئلة إجابتها أن على الإنسان أن يكون متميزا، لأن الفطرة البشرية وسنة الله في خلقه هو التفاوت والاختلاف، وإلّا لما كان في تساوي الخلق أي معنى.

لا يعمل الانسان من أجل تقليد الآخرين حتى وإن كانوا ناجحين، ولا لاِتخاذهم قدوة في طريق النجاح، وصناعة الأمل للذات وللآخرين.

ومما سبق يكون سهلا علينا أن نصنع الأمل، ومن ذلك أن ندعو إلى السلام، وأن نساعد الناس بأخلاقنا الحسنة، وبأعمالنا الطيبة، وبالخير الذي يجعل منا صناع الأمل، وبالعمل دائما تكون اللذة الحقيقية للأمل.

وحياة الأنبياء والصحابة والصالحين، مليئة بالأمل والتفاؤل والإيجابية، وحسن الظن بالله والثقة بالنفس، والناس من حولنا.

وسائل صناعة الأمل:
١- تغيير طريقة التفكير:

والمقصود بالتغيير هنا تبديل الأفكار السلبية، والرمادية إلى أفكار ايجابية ومناسبة.

وتغيير الهواجس المنحرفة، والوسوسة الشيطانية إلى هالة روحانية خيرية.

٢- الفضفضة: 

و هي " الحديث عن مكنون الأفكار، والمشاعر".

إذ لا بُدّ أن يكون هناك إتاحة للشخص للحديث عن نفسه لصديق أو أخ أو أيّ شخص يثق به، لتعزيز الأمل وتصحيح الانحراف الذي يمكن أن يقع به، ولا يكتم ذلك في صدره، لأن ذلك يكدر صفو التفكير، ويخلق نوعا من الأفكار السلبية التي لا يدحضها إلّا إيجابية المستمع والمحب عند الفضفضة والحديث الصادق مع الله ومع المحبين ممن معنا ومن يشاركونا همومنا.

٣- التدبر:

يجب على الإنسان أن يتدبر الوحيين، القرآن والسنة، ويجب عليه أن يقرأ سير الأنبياء والصحابة والتابعين وسير الصالحين، ويتدبر الآيات وما جاء فيها من مواعظ،، تعاليم وشرائع دين الله القويم.

٤- التفكر:

علينا أن ننظر في الكون ونتفكر في خلق الله وما أودعه الله من أسرار، وإلى الإنسان، والحيوان، والطيور، وجميع مخلوقات الله والكائنات الحية، فيزداد ثقة بالله، وأملا بما كتبه الله في هذه الحياة.

٥- الحديث إلى الذات:

وهو الحديث مع النفس، بما يعزز التفاؤل، وبكلمات صادقة، ومعبرة عن الحال الذي يرجوه الإنسان للوصول الى ما يريده من الخير، والإنجاز والنجاح، وتحقيق الأهداف.

والحديث الصادق مع الذات المليء بالإيجابية، يرفع مستوى الثقة بالنفس، وبذلك يصل الإنسان إلى مراده.

صناعة الأمل هي مهمة الرسل والدعاة والمصلحين، ومحبي الخير لأنفسهم وللناس.

كان الناس قديما يقولون..."ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر...".

فجاء الرسل ونشروا في الناس الأمل، وأن هناك خالق، وهو مقدر الأقدار، وهناك حياة في الدنيا وفي الآخرة، "ولا تنس نصيبك من الدنيا"، فعلموا الخلق عبادة الخالق، وعلموا الناس كيف يتعاملوا مع أنفسهم ومع غيرهم.

وأرشدوا الناس إلى حقيقة تقلبات الحياة وكيفية مواجهتها، وكانت المثل الأعلى لهم، فعاشوا حياة طيبة مع بعضهم، ولكن بعض المعرضين ممن تمكن منهم السوء وأحاطت بهم السلبيات، والأخلاق السيئة انجروا وراء أهوائهم وشهواتهم، فدب فيهم اليأس، و مزقتهم أنفسهم الأمارة وشيطانهم اللئيم، فحولوا الناس من حولهم إلى بيادق، وكان الأجدر بهم أن يثقوا بربهم ويعرفوا حقيقة خلقهم.

نسأل الله أن نكون من صناع الأمل، وأهل العمل بالخير.

وأن نكون ايجابيين ومتفائلين واثقين بالله، متبعين لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونسأل الله الإخلاص في القول والعمل.