لم تعد الحرب التقليديّة غاية بحدّ ذاتها لفرض السيطرة وبسط النفوذ، بل أصبحت الوسيلة للوصول إلى الغاية هي مصدر تصنيع الرقائق الإلكترونية. وهو ما دفع إلى تصعيد حرب صناعة الرقائق الإلكترونية بين الدول العظمى، وعلى رأسهم أمريكا والصين وكوريا الجنوبية ورائدة هذا المجال وهي تايوان.

أشباه الموصلات (Semi-conducteur):

     هي مجموعة مواد صلبة بلورية البنية تمتلك قدرةً متوسطةً على نقل التيّار الكهربائي، فهي ليست بكفاءة المواد الموصلة كالمعادن، لكنّها بنفس الوقت ليست مواد عازلة مثل السيراميك، تحتوي الشريحة على آلاف المكونات الإلكترونية الدقيقة جدا مثل الترانزستورات، و تُربط جميع المكونات الالكترونية ببعض لتشكل "دائرة الكترونية متكاملة".

استخداماتها:

  • المركبات الفضائية.
  • معالجات مركزية.
  • الألواح الشمسية.
اقتصاد تايوان:

    تايوان تحتل المركز 22 كأكبر اقتصاد في العالم، هي إحدى النمور الآسيوية الأربعة إلى جانب سنغافورة، وهونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، بعد أن حققت تلك الدول معدلات نمو اقتصادية بوتيرة متسارعة، خلال الفترة ما بين ستينيات وتسعينيات القرن الماضي.

    حيث بلغ الناتج المحلي لتايوان عام 2020 590 مليار دولار، إذ يشكل قطاع الخدمات 63%، والصناعة 35.3%. وتعتمد تايوان في صناعتها على الإلكترونيات والٱلات وأنظمة المعلومات، وقد حقق الاقتصاد التايواني قفزة نوعية وذلك بفضل تصنيعه للمنتجات الإلكترونية المهمة وهي أشباه الموصلات.

    هناك 29 من بين أكبر 30 شركة على مستوى العالم من حيث القيمة السوقية تعتمد بشكل كبير على إنتاج شركة صناعة أشباه الموصلات التايوانية. وتسيطر عدد من الشركات الكبرى على صناعة الرقائق الإلكترونية حول العالم، من أهمها شركة إنتل الأميركية، وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، وكذلك الشركات الأميركية، كوالكوم، وبرودكوم، وميكرون.  

  • TSMC عملاق صناعة الرقائق التايواني

    تأسست TSMC في عام 1987، وهي أول شركة مسؤولة عن 92 ٪من إنتاج الرقائق الإلكترونية في العالم بينما سامسونج مسؤولة عن الـ 8٪ الباقية ، ومسؤولة عن 24٪ من إنتاج أشباه الموصلات في العالم في عام 2020، تقوم بتصنيع الشرائح الإلكترونية وتطوير معماريات جديدة تسمح بزيادة أشباه الموصلات ضمن الشرائح الإلكترونية.

    من أهم الشركات التي تستعين بخدمات TSMC اليوم: إنتل، أبل، هواوي، نفيديا، كاكوم، أمازون.

  • آفاق صناعة أشباه الموصلات في التايوان:

    يُتوقع أن تسجل تايوان نموًا أقوى في عام 2021، عند 4.3٪، بعد الأداء المعقول البالغ 2.98٪ في عام 2020. وسيكون هذا في الغالب بسبب ارتفاع قيمة الصادرات من أشباه الموصلات الناجم عن زيادة الأسعار والأحجام. لكن الاعتماد المفرط على محرك نمو واحد أمر خطير، بعد سنوات قليلة من الآن، عندما يبدأ البر الرئيسي للصين في الوصول إلى طليعة الابتكار التكنولوجي، قد يكون دور تايوان الرائد في صناعة أشباه المواصلات حينها في خطر.

  • زيادة الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد( 5G، الذكاء الاصطناعي، المركبات الكهربائية، الرقمنة…)
  • الفرص التي أتاحها التحول العالمي إلى الاقتصاد الرقمي"هائلة للغاية" حيث 107 مليار دولار من الاستثمارات من 2021 إلى 2025.
  • سيكون منافسو تايوان في صناعة أشباه الموصلات في العقد المقبل قلائل جًدا".
  • التحديات أمام صناعة أشباه الموصلات في التايوان:
  • المنافسة: الصين الولايات المتحدة الأمريكية مثل سامسونج وأنتل (Samsung Electronics Intel Corp)
  • كوفيد 19: نقص العرض، مشاكل لوجستية
  • نقص في المياه: شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC تستخدم 156000 طن من المياه يوميًا.
أزمة نقص الرقائق الإلكترونية:

    العالم يعيش أزمة بسبب نقص في إنتاج أشباه الموصلات، حيث تضرر سوق العمل ، وإن كان بشكل طفيف. ارتفع معدل البطالة إلى 3.76٪ في نهاية عام 2020 ، وبلغ ذروته عند 4.16٪ في مايو 2020 ، مرتفعًا من 3.72٪ في نهاية عام 2019. وكانت معظم الخسائر في الوظائف في مجالات متعلقة بالطلب المحلي. وصلت مبيعات التجزئة إلى 3862 مليار دولار تايواني لعام 2020 بأكمله، بزيادة قدرها 0.24٪ فقط عن عام 2019. وهذا على النقيض من نمو 3.08٪ في عام 2019. 

● أسباب غیر مرتبطة بـ كورونا:
  • دخول العالم مرحلة الجيل الخامس 5G.
  • الحرب الاقتصادیة بین أمريكا والصين.
  • فتح أسواق جديدة.
  • إغلاق بعض المصانع.
  • الأزمة اللوجستية.
● بسبب أزمة كورونا:
  • الطلب المتزايد.
  • التخزین غیر المدروس.
● الأبعاد الأمنية و السیاسیة:
  • الكثير يخشى من تمركز الصناعة العالمیة في بلد واحد وخصوصا تایوان.
  • تعتبرھا بعض الدول مسألة أمن قومي وتسعى لتوطين صناعة الشرائح الإلكترونية بسبب أھمیتھا القصوى في صناعة كل المنتجات الإلكترونية الحديثة.
  • خطورة عدم الاستقرار الأمني في تايوان بسبب احتمال تعرضھا لاحتلال صيني (تعتبرھا الصين جزءا من الأرض الصینیة) أو احتمال نشوب حرب إقلیمیة في بحر الصين.
تأثير أزمة نقص الرقائق الإلكترونية على الاقتصاد العالمي:
●تأثيرها على قطاع السيارات:
  • تحتاج السيارة الواحدة من 50 إلى 150 شريحة إلكترونية وتتوقف على تلك الرقائق 40 % من مكونات السيارة.
  • الخسائر الناجمة عن نقص الموصلات بقطاع السيارات تتراوح بين 60 و 80 مليار دولار بينما بعض التوقعات تقول إن الخسائر قد تصل إلى 110 مليار دولار.

    النتيجة الواضحة حتى الآن هي أن الحكومات والشركات سوف تتصارع لسنوات مقبلة حول التفوق في مجال أشباه الموصلات. وتعد كل من تايوان وكوريا الجنوبية في مكانة جيدة في هذا الصدد، مما يعطيهما قوة اقتصادية وجيوسياسية. بينما على الولايات المتحدة والصين الاستثمار بشدة للحفاظ على أفضل ما في هذه الصناعة وإلا خاطرا بفقدان قيادتهما العالمية.

تسعى الكثير من الدول لتطویر قدراتھا الذاتیة في صناعة الشرائح،منها:

● الصین:
  • لدیھا مصنع شرائح ولكنه لا يصل إلى مستوى الصناعة الدیوانیة.
  • الحرب الاقتصادية التي تخوضھا مع الولایات المتحدة الأمریكیة تحد من قدرتھا على النمو والتطوير.
  • خصصت میزانیة حكومية ضخمة لدعم الاستثمار في مجال صناعة الشرائح داخل أمريكا.
  • تمكنت من إقناع شركة TSMC الدیوانیة من استثمار مبلغ 12 بلیون دولار في إقامة مصنع للشركة في ولاية أريزونا الأمریكیة.
● الاتحاد الأوروبي:
  • بعد الأزمة الحالية دعت فرنسا ودول أخرى لأن يتم توطين صناعة الشرائح في أوروبا وقد بدأت بعض الجھود الضعيفة نسبيا.
  • إلا أن أوروبا لا تستھلك الشرائح بنفس الكمية التي تستھلكھا شركات التكنولوجيا الكبرى في أمريكا.