أعطى أنصار وأتباع داروين ونظرية التطور أسماء رنانة وفحوى مضحكة لما زعموا أنهم أشباه إنسان وجدوا قبل مئات الآلاف وملايين السنين، وقالوا أن هذه الكائنات تملأ فراغات ما بين الإنسان وأسلافه الحيوانية بزعمهم، وبعيدا عن هزلية الحديث عن أحفورة، أو اثنتين، أو عشر أو عشرين هنا أو هناك، فإنك إن عدت إلى كل واحدة من هذه الأحافير التي سموها (Homo)، وذلك لإشعارك بأنها أشباه إنسان في الحقيقة، لوجدت أن الأبحاث كشفت أنها إما مزيفة، أو أنها آثار حيوانات لا علاقة لها بالإنسان، أو أنها أحافير إنسان، أي أحافير بشر عادي كما باقي البشر، لكن سموها باسم مختلف؛ وذلك للإيهام بأنها كائن وسيط بين الحيوان والإنسان.

هذه الأسماء أهمها (هومو إريكتوس - (Homo erectus، (هومو هابيلس - Homo habilis)، (هومو إيرغاستر - Homo ergaster) أو (الإنسان المنتصب)، و(هومونيندرتالينسس - Homo neanderthalensis) أو (إنسان نيندرتال)، وهو الذي عليه أكبر عدد من الدراسات، حيث تم اكتشافه سنة 1856، وهو من أشباه الإنسان الأول المتأخر بزعمهم؛ وسترى من يذكر لك أنهم اكتشفوا له أكثر من 300 حفرية وأصبح حقيقة مسلمة، وبالتالي لا يمكن لهذا العدد الضخم من الحفريات أن تكون كلها مزيفة، أي زهاء 300 عينة، وبعضها شبه مكتمل، كما وتوالت الأبحاث على مدار عقود للدلالة على أنه إنسان كامل لا يقل ذكاء عنا، وأنه كانت له لغة، وكانت له شعائر دينية، واستعمل أصباغا وأدوات متنوعة، ونلاحظ هنا أنه من أساليب التضليل والغش والخداع؛ هو تغيير موضوع النقاش ونقل ساحة الخلاف إلى غير ما نكذبهم أو نخطئهم فيه، فنحن لم نقل إن كل الحفريات مزيفة، بل نكذب تفسيرها على أنها تثبت أن (إنسان نيندرتال) هو حلقة وسيطة بين الإنسان وأسلاف شبه حيوانية.

هناك دراسة شاملة منشورة قبل سنوات، وفيها مراجعة شاملة لـ 151 بحثا عن (إنسان نيندرتال)، أثبتت أنهم بشر عاديين كالبشر الآخرين، لا حلقة وسيطة، ولا كائن انتقالي ولا شيء من هذا التخريف؛ وأنهم لا يقلون عنا في شيء وأصبحت هذه حقيقة مسلمة كما نشرت الجارديان البريطانية وغيرها، إلا أن أتباع داروين مازالوا يقولون أن هذه الكائنات تملأ فراغات ما بين الإنسان وأسلافه الحيوانية (بزعمهم)، وهذا استمرارا لما اقتاتوا عليه لعشرات السنوات في دعم خرافة نظرية التطور على كذبة قصة إنسان (نبراسكا)، والذي تخيلوه بناء على ضرس وجدوه، وقالوا أنه يعود لأحد الأسلاف شبه الحيوانية للإنسان؛ عاش قبل 6,000,000 سنة، ورسموا له الرسومات ونشرت عنه كبريات المجلات آنذاك مثل (Science)، حتى أنه كان قد أعطي اسما علميا هو (Hesperopithecus haroldcookii)، طبعا ستجد من سوف يقعد ساعة يتهجى في الإسم ويحس بالعجز والخجل من نفسه أنه لم يعرف كيف يلفظه، فيقول في نفسه: (إذا أنا لا أقدر أتهجأ الإسم حتى؛ فما أدراني بهذه العلوم؟! وأكيد هؤلاء العلماء أعلم)، لكن الحقيقة بينت أن هذا الضرس يعود لخنزير!!، فعادت المجلات ونشرت نفيا لوجود شبه الإنسان هذا، ومثلها حفرية الديناصور ذي الريش المزعوم التي أقيم عليها مؤتمر، وروجت له مجلة National Geographic)) لعام 1999، وأعطوه اسما علميا أيضا هو (Archaeoraptor liaoningensis)، وقالوا إنه عاش قبل 125 مليون سنة مضت، ثم تبين بعد ذلك أنها حفرية مزيفة كما نشرت مجلة (Nature) وغيرها.

وهكذا نرى كيف شقّ داروين الطريق لأتباعه وسنّ لهم السنة في إعطاء الأسماء الفخمة للأحافير المكتشفة، هذا وعندما أراد هو نفسه أن يبرر إحدى الركائز الخرافية الأربعة لنظريته، وهي خرافة توريث الصفات المكتسبة بالاستعمال والإهمال، اخترع داروين نظرية لشمولية التخلق، والتي تقول أن كل جزء من الجسم يصدر أعراسا (gemmules) ضئيلة جدا تنتقل إلى الغدد التناسلية، وتساهم في إنشاء الجيل التالي عبر البيضة الملحقة، وتورث التغيرات التي حدثت على الجنين وجسمه خلال حياة الكائن بعدها، وقد سمى هذه النظرية بـ (Pangenesis) أي شمولية التكوين أو التكوين الشامل، وهو أيضا اسم فخم وكبير لكن الفحوى فارغة وتافة تماما، وذلك لأن حتى المشاهدة الحسية تدّل على أن الصفات المكتسبة بالاستعمال والإهمال، لا تورث، ومع ذلك خالف داروين ما هو معلوم حتى لعامة الناس، وصاغ خرافته هذه في نظرية وأعطاها اسما، ومع أن عامة أتباع داروين يقرون بخطئه في هذه النظرية، إلا أن نغمة (Pan) هذه راقت لهم، فصاغوا على منوالها نظرية Directed Panpermia))، والتي تعني بذر أصل كل شيء بشكل موجه.

هذا ومع أن أنصار وأتباع داروين ينكرون وجود الخالق؛ لأنهم لا يؤمنون إلا بما يمكن رصده وتجربته حسب زعمهم، إلا أنهم يؤمنون بخرافة Panpermia))، مع أنه لا يمكن رصدها ولا تجريبها، فالمهم عندهم فقط ألا نؤمن بالخالق، وقصة نظرية بذر البذرة الشمولية، أي بذرة كل شيء بزعمهم، هي أن أحد مكتشفي تركيب المادة الوراثية؛ وهو (فرانسيس كريك - Francis Crick)، أدرك أن التشفير الوراثي لا يمكن أن يكون قد جاء بمجموع الصدف، وبالتالي اقترح أن تكون كائنات فضائية من حضارة أخرى هي التي بذرت بذرة الحياة؛ المحتوية على الشيفرة الوراثية، وغادرتنا عائدة إلى موطنها الأصلي، وهذه البذرة مرّت بعد ذلك بعمليات تطور مستمرة وصولا للإنسان، وخلال شرحهم لذلك يشعرونك بالفخامة والتعقيد باستخدام الألفاظ، مع أن هذه النظرية وغيرها في حقيقتها لا تساوي شيء، كما أن السؤال كيف تكونت هذه الكائنات الفضائية!؟ ليس مهما عندهم؛ المهم أنهم فسروا سبب الحياة على الأرض، ونقلوا المشكلة إلى الفضاء الخارجي، وذلك مع أن هذا الافتراض (أن كائنات فضائية بذرت الحياة)؛ ليس مبني لا على رصد، ولا على ملاحظات، ولا على علم تجريبي ولا أي شيء (خرافة وأسطورة).

وهنا نذكر أيضا (ستيفن هوكينغ – (Stephen Hawking، صاحب نظرية كل شيء (Everything Theory)، والتي تراجع عنها وعن إمكانية الوصول أصلا إلى نظرية تفسر كل شيء، حيث بنى هوكينغ خلاصة نظرية كل شيء حين اقترحها على تفسير داروين لوجود الكائنات الحية دون الحاجة لخالق في زعمه؛ فاستنتج هو بدوره أنه يمكن تفسير الكون أيضا دون الحاجة لخالق، حيث قال هوكينغ أنه بفضل قانون الجاذبية، فإن الكون خلق نفسه من جسيم صغير جدا جدا، لكن ومع مرور السنوات ظل تقدير الحسابات الفيزيائية لحجم هذا الجسيم يصغر شيئا فشيئا، مما جعل هوكينغ يقول أنه بفضل قانون الجاذبية فإن الكون خلق نفسه من لا شيء، لا جسيم صغير، ولا أي شيء، وبعبارته أنه بسبب وجود قانون الجاذبية، فالكون يستطيع وقام بخلق نفسه من لا شيء، كما وزعم أنه أجرى الحسابات اللازمة للتوفيق بين الثوابت الكونية ضمن هذا التصور باستخدام (M theory)، بحيث يتحول القانون من وصف لفعل فاعل إلى فاعل هو بنفسه. 

هذا ووجد هوكينغ مخرجا وبشارة سارة لليائسين من الحياة على كوكب الأرض، بل وفي هذا الكون كله، فقد كان يروج لفكرة أنك إذا امتصك ثقب كوني أسود، فقد تنتقل من خلاله إلى كون آخر، وهنا لا عجب بعد ذلك أن يبدي محرر موقع (عالم الفيزياء)، الدكتور هامي جونستون، قلقه من أن يرفض البريطانيون صرف جزء من ضرائبهم لأبحاث الفيزياء إذا ظنوا أن أكثر الفيزيائيين يمضون أوقاتهم في مناقشة نظريات كهذه!! وذلك كله جاء من هوكينغ بعد أن خفّ وقلّ انتقاد باقي الخبراء له ولنظرياته في الإعلام؛ حيث يتحول هذا الهراء بلمسة سحرية إلى نظرية علمية بل ونظرية كل شيء.

إعطاء الأسماء الفخمة لا يعني شيئا في ميزان العلم ولا يحول الخرافة إلى حقيقة، كما إن إعطاء الأسماء الفارغة أسلوب قديم لأهل الباطل لترويج خرافاتهم، وعند التحقيق تجدها أسماء بلا مسميات وقشورا بلا حقائق، وهكذا تلاعب أنصار وأتباع داروين دائما بالتسميات، أي تسمية الحقائق بأسماء وهمية لخدمة خرافاتهم، فأمراض مثل (Lipoma) و(Spina bifida)، أعطاها هؤلاء اسما خادعا (Human Tail)، واعتبروها دليلا على ظاهرة مزعومة سموها (Atavism)، بحيث أنهم يعطون هذه الأسماء العلمية لإيصال رسائل نفسية، وذلك حتى تشعر أنك أمام حقيقة مسلمة وهي كذب محض؛ ومن أكبر الأمثلة على تسمية الحقائق بأسماء كاذبة، تسميتهم نماذج التكيف في الكائنات بـ (التطور الصغروي – Microevolution)، لإيهامك أن هذه التكيفات ما هي إلا طفرات عشوائية وانتخاب أعمى، وهي في الحقيقة تكيفات دقيقة رائعة وبآليات بديعة، تدل على خالق حكيم عليم، ولا مكان فيها للعشوائية ولا الصدفية كما يحاولون أن يوهمونا.

وأخيرا يجب التنبه أن هناك ما يسمى باستخدام الأسماء التأطيرية أو ما يعرف بـ (framing)، حيث يطلق أتباع داروين ونظرية التطور مصطلح (الخلقويين – Creationist)، ويقصدون به من يؤمنون بأن الله تعالى خلق الكائنات عن قصد وإرادة، لا كما يوهم البعض أن الفرق بيننا وبينهم هو الخلق المستقل، أو بالتطور أو التطوير، فمسألة (القصد والإرادة) أهم من ذلك كله، وهو ما تريد خرافة نظرية التطور نفيه أو التشكيك فيه، وهكذا عندما تكون تؤمن بالخلق عن قصد وإرادة فيسمونك خلقويا؛ وذلك لتبدو وكأنك تؤمن بشيء غير بدهي ولا أصيل؛ بينما يسمون رموز العلم الزائف والخرافة بالعلماء! وهذا ما يسمى بالإرهاب الفكري، فقد تناقش وتقنع أحد المتأثرين بنظرية التطور بمقال أو بحث علمي محكم، فيقول لك: لكن صاحب هذا البحث خلقوي؟! وهكذا أصبح الإيمان بالخلق عيبا يحط من القيمة العلمية للبحث أو المقال مهما كان موضوعيا منطقيا، يحط من قيمته، سلفا ومقدما، وحتى قبل النظر في التفاصيل، بينما الأبحاث المنشورة من أتباع خرافة نظرية التطور تكتسب في نفوس هؤلاء المخدوعين، قيمة ومصداقية لا لشيء، إلا لأنها في عقله الباطن لعلماء!! وهكذا يكون أثر التأطير، فلا تخدعك هذه الأسماء وانظر إلى الحقائق دائما.