تعتبر النقود والعملات الإسلامية جزءا من التراث الثقافي الإسلامي فهي تكشف عن جوانب مهمة في حياة المجتمع الإسلامي الذي سادات فيه وتحدد زمن الممالك والاقطار ونوع الحكم فيها كما تساعد في كتابة التاريخ الإسلامي وشأنها شأن جميع وسائل الحياة في المجتمع فقد مرت بمراحل كثيرة من التطور والتغير منذ مطلع الإسلام وإلى يومنا هذا، فقد ظهرت ونشأت وتطورت شأنها شأن سائر الفنون في التاريخ الإسلامي وقد عرف العرب قبل الإسلام النقود واستخدموها في المبادلات والخدمات وكانوا يستعملون الذهب والفضة كمعدن في المعاملات وكانت عملتهم الذهبية الدينار والفضية الدرهم وكان مصدرها دولة الروم القيصرية انذاك.
وحيث بعث النبي صلى الله عليه وسلم برسالة الهدى أقر صلى الله عليه وسلم النظام النقدي الذي كانت قريش تتعامل به قبل الإسلام ولكنه وضع له ضوابط ما يضمن سلامة التعامل النقدي ويحول دون الانحراف به عن وظيفته وبقي التداول بتلك العملات وظل الأمر حتي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتعد النقود اليوم خاصة من المعادن الثمينة كالذهب والفضة وسيلة ضرورية للحياة الاجتماعية الخاصة والعامة لا سيما في التعامل بين الأمم والدول، وما يعنينا من هذا الموضوع و قد أصبح للإسلام دولة فيها مسلمون وغيرهم من الناس ويجاورها أمم ودول ذات نظم وحضارات ظلت تتعامل مع الدولة الإسلامية في عهد عمر رضي الله عنه وكذلك من الناحية التنظيمية والإدارية التي سلكها عمر رضي الله عنه بشأن النقود سواء كان في داخل الدولة الإسلامية او في دور الحرب الأخرى، فقد جاء في الفكر الاقتصادي لعمر رضي الله عنه أن النقود تعني أي شيء يصطلح الناس عليه ويجعلونه نقدا يتعاملون به فيما بينهم..
وكان الفاروق رضي الله عنه يرى أن النقود ما هي إلا أداة ووسيلة في الوساطة في المبادلات بين الناس وقد فكر رضي الله عنه في اتخاذ النقود من جلود الإبل والسبب في ذلك أنه كره أهتمام الناس بالنقود الذهبية والفضية حيث كان يرى أن هذا الاهتمام يعوق النقود عن أداء مهمتها الأساسية في الوساطة في المبادلات ولكن الصحابة الذين استشارهم عمر رضي الله عنه لم يقبلوا فكرته ورأوا أنها غير واقعية حيث أن إتخاذ النقود من جلود الإبل قد يؤدي إلى هلاك الإبل إذا زادت المعاملات النقدية في الأسواق وهي ثروة أساسية في المجتمع العربي القديم وكانت جهود عمر رضي الله عنه تهدف إلى المحافظة على النقد وسلامة التعامل به وعدم استقلاله فيما يضر الأمة.
والمعلومات التاريخية تشير إلى أن عمر رضي الله عنه قد أبقى على تداول النقود والعملة التي كانت متداولة قبل الإسلام وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد ابوبكر الصديق رضي الله عنه.
وكانت فكرة سيدنا عمر هذه تتقارب مع فكرة افلاطون في جوهرها والذي يرى أن النقود يجب أن تكون رمزية لكي لا يكتنزها الناس فيعطلونها عن مهمتها الأساسية في الوساطة في المبادلات.
فالنقود بشكل عام حظيت باهتمام ملحوظ في الفكر الاقتصادي لعمر رضي الله عنه وكان ينهى عن التعامل بالنقود المغشوشة ولا يخاف أثر ذلك على المحافظة على ثقة الناس بالنقد وكانت له جهود نحو توحيد نقد المسلمين ومن ذلك توحيد أوزان الدرهم وضربها وفق المعيار الشرعي، وكان يدرك أضرار التضخم وارتفاع الأسعار علي القوة الشرائية الذي يحدث من حين إلى آخر ولذلك كانت له جهود حثيثة في مواجهة حالات التقلبات في الأسعار ومعالجة الآثار المترتبة عليها..