كثيرا ما يحصل التداول بين بعض الدعاة لآراء وتصورات مفادها بان الناس قد عزفوا عن التدين، ويستدلون على ذلك:

  • بضعف تأثير التعليم والمواعظ فيهم.
  • وبضعف الاستجابة الحاصلة منهم لها.
  • وبكثرة الفساد والغثاء الذي يعيش فيه الناس خصوصا مع تأثير الإعلام في الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي.
  • وبغلبة الحياة المادية التي طغت على الحياة الروحية.
ومع ذلك كله ردود الأفعال تجاه التدين المشوه وتجاه من مثلوه في كثير من البلدان والمجتمعات يحتاج لنظر ؟

ومع أن كثيرا مما ذكر صحيح في الواقع، إلا أن إطلاق الحكم بأن الناس قد عزفوا عن التدين غير صحيح، وسبب ذلك أن كل هذه الآراء والتصورات عن العزوف هي في حقيقتها آراء وتصورات انطباعية مستعجلة وليست علمية إحصائية، ومنطلقة غالبا من مواقف وتجارب ليست معيارا للحكم على غيرها.

إن التدين حاجة فطرية يحتاجها الإنسان في كل وقت وحين، والمادية قد تحجب وتغطي هذه الفطرة مدة من الزمن، لكنها لن تستطيع الاستمرار مع حالة التذكير ونداء الفطرة الذي لا بد أن يتغلب.

ومن هنا نقرر إن الداعية الذي يستشعر ويتصور وجود هذا العزوف لديه مشكلة إما في:

  • قصور المضمون والأفكار، فهي لا تلبي الحاجة الملحة للمخاطبين.
  • أو في سوء الخطاب والأسلوب، بأن يكون مثلا خطابا وأسلوبا قاسيا أو مثاليا أو قديما.
  • أو في عدم معرفة مفاتيح الجمهور الذي أمامه هل يدخل إليهم من العقل أو العاطفة.
  • أو في عدم موائمة المضمون والخطاب مع الشريحة والجمهور المستهدف هل هو مثلا جمهور إعدادي أو جامعي، ذكور أو إناث، في منطقة شعبية او منطقة ليست شعبية، في منطقة ريفية او حضرية. 
  • أو في كونه يتحدث بدون روح ولا حماسة ولا قناعة.

إن من عرف مفاتيح العقول والقلوب واستعملها فُتحت له الأبواب، لكن الكثيرين يأبون إلا فتح هذه الأبواب بمفاتيح لا تناسب تلك الأبواب، ثم يشتكون بأن الأبواب لم تفتح لهم !!!.

والتوفيق بعد ذلك من الله.