تزامن رمضان مع الوباء فكثرت وانتشرت التساؤلات حول دور الصيام وتأثيره على جهاز المناعة وهل هو مفيد أم مضر؟
بحثت في المجلات العلمية المعروفة عن تأثير الصوم على جهاز المناعة باعتبار هذا الجهاز هو حامي الجسد أمام الأعداء كالبكتيريا والفيروسات والسرطان وسأحاول أن أنشر لكم مقتطفات مما استخلصته والله المستعان.
لماذا شرع الله الصوم؟
الإسلام إنما جاء ليحافظ على الانسان من كل جميع النواحي وهو ما يعرف بمقاصد الشريعة وهي خمسة:
- حفظ الدين.
- حفظ النفس.
- حفظ العقل.
- حفظ النسل.
- حفظ المال.
فكل ما أمر به الله أو نهى عنه، إنما جاء ليحفظ هاته المقاصد، فإذا نظرنا بنظرة براغماتية دنيوية بحتة بعيدا عن الجانب الروحي أو الديني فإن الصوم جاء ليحفظ النفس.
فكما يعلم العديد من الناس أن رمضان مفيد للصحة انطلاقا من حديث "رسول الله صوموا تصحوا" حتى غير المسلمين يعترفون بأهمية الصيام المتقطع ما يعادله في ديننا صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع.
لن أتطرق إلى ما يعالجه الصوم من فرط الكولسترول وغيرها من الأمراض التي صار العديد من الناس يعلمون بها. لكن سنتطرق الى علم مهم صار يمثل أساس علم الطب الحديث وعرف تطورا كبيرا خاصة في العقد الأخير وهو علم المناعة.
ما هو علم المناعة؟
هو علم يدرس كيفية دفاع الجسم عن نفسه ضد كل خطر سواء كان فيروس أو بكيتريا أو سرطان أو غيره، كما يعتبر ركيزة مهمة في معرفة كيفية مواجهة هاته الفيروسات وأساسا لصنع اللقاحات بما أننا نواجه جائحة عالمية.
علم المناعة اتسعت مساهمته في الطب بعدما كان يقتصر على التشخيص (diagnostic) فقط إلى العلاج (immunotherapie)، فالحائزان على جائزة نوبل سنة 2018 للطب -James P. Allison وTasuku Honjo، قد توجا بذلك نظيره أبحاثهما في علاج السرطان باستعمال العلاج المناعي.
ما علاقة الصوم بجهاز المناعة؟
بحثت عن آخر المقالات العلمية الطبية -والتي ستجدونها في نهاية المقال- التي كتبت عن الصوم في رمضان أو الصيام المتقطع خلال باقي الأيام بعيدا عن المقالات العربية المزينة بالعاطفة والأدبيات والخرافات. وهذا باختصار أهم ما جاء فيها:
- رفع قوة عمل بعض كريات الدم البيضاء تلك التي تساهم في التهام و تدمير الميكروبات (macrophages).
- المساهمة في القضاء على الخلايا السرطانية بل انه مفيد جدا للمرضى الذين يخضعون للعلاج الكيميائي و يقوي من تأثير هذا الأخير.
- الحد من إفراط جهاز المناعة والذي غالبا ما تكون نتائجه وخيمة (مثل الجيش الذي يقصف عدوا بطريقة عشوائية فإنه يتسبب بخسائر جانبية قد تكون أكبر من تلك التي يسببها العدو) عن طريق الإكثار من الخلايا اللمفاوية التائية التنظيمية.
- تجديد الخلايا الجذعية التي تساعد على تجديد الجسم.
- التخفيض من حدة الالتهابات.
- تحفيز الالتهام الذاتي للخلايا(autophagie) وهي مهمة جدا للمحافظة على صحة الجسم وقدرته المناعية ولتعرف أهمية هذه العملية يكفي أن تعلم أن الياباني Yoshinori Ohsumi فاز بجائزة نوبل للطب عام 2016 نظير أبحاثه في هذا المجال.
لكن السؤال الأهم: هل يساعد الصوم جهاز المناعة في التخلص من البكتيريا والفيروسات؟ وإلى أين وصلت الأبحاث في هذه النقطة؟
هناك مقال نشر سنة 2016 توصل فيه الباحثون إلى ما يلي: أن الصوم مفيد في مقاومة بكتيريا L. monocytogenes لكنه مضر أمام فيروس الانفلونزا، إذًا هذا السؤال يحتاج إلى أبحاث عديدة لمعرفة متى يكون مفيدا في صالح المرضى، ومتى يكون مضرا فعلم المناعة يتطور بسرعة والبحث حول تأثير الصيام على هذا الجهاز لا زال في بداياته قد يجيب العلم مستقبلا عنه ويكشف لنا عن بعض من الحكمة الإلهية في الصوم وفي رخصة الإفطار أيضا والله أعلم.