انطلقت يوم السبت 16 أغسطس 2025 فعاليات مخيم الابتكار الإنساني الذي نظمته حاضنة عمران بإدارة الأستاذ يوسف غزال، واستمر أربعة أيام من العمل المكثف والإبداع الجماعي. وقد جمع المخيم مبدعين ورياديين من مجالات متعددة عن بُعْد عبر غوغل للاجتماعات بهدف تطوير حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق للتحديات الإنسانية في قطاع غزة مع التركيز على الاستدامة والتأثير العملي.

وشكّل المخيم مساحة تفاعلية مفتوحة عملت فيها فرق متنوعة تضم مبرمجين ومهندسي برمجيات ورواد أعمال وقادة فرق على تصميم مشاريع عملية تعالج قضايا ملحة في الأمن الغذائي والرعاية الصحية والتعليم في البيئات المحرومة من الإنترنت والطاقة المستدامة والمياه النظيفة والإعلام المجتمعي والتمكين الاقتصادي.

وبهذا المسار سعى المخيم إلى تحويل التحديات اليومية في غزة إلى فرص ابتكار حقيقية، كما فتح المجال لبناء جسور تضامن فعلي عبر العمل الجماعي من أجل إحداث فرق ملموس في حياة الآلاف من أهل غزة الصامدين.

35 ساعة عمل و34 مشروعًا.. المخيم في أرقام 

شهد مخيم الابتكار الإنساني برنامجًا مكثفًا امتد على مدى (35) ساعة عمل متواصلة، توزعت بين الجلسات الاستشارية والأنشطة التوعوية. فقد نُظمت (15) جلسة استشارية وفرت للمشاركين توجيهًا متخصصًا من خبراء في مجالات متعددة، كما أقيمت (8) جلسات توعوية ساعدت على تعزيز المعرفة بقضايا حيوية مرتبطة بالواقع الإنساني في غزة.

واستقطب المخيم (175) مشتركًا، توزعوا على فرق عمل نشطة تولت ابتكار (34) مشروعًا مبدئيًا. ومن بين هذه المبادرات تبلورت (7) فرق مشاريع واصلت العمل على تطوير أفكار قابلة للتطبيق العملي. كما انضم إلى هذه الجهود (189) عضوًا دعموا مسيرة الابتكار وساهموا في إثراء التجربة الجماعية.

أرقام مخيم الابتكار


جلسات توعوية تُسلط الضوء على 7 أزمات إنسانيّة في غزة 

اليوم الأول من المخيم، الذي انعقد في السادس عشر من أغسطس 2025، للجلسات التوعوية التي تضمنت عروضًا يقدمها خبراء متخصصون، إضافة إلى جلسة تفاعلية للنقاش مع الجمهور حول أبرز التحديات في مختلف القطاعات. وقد استهل اليوم بجلسة افتتاحية تعرّف فيها المشاركون إلى أهداف المخيم ورؤيته العامة.

تلت ذلك سلسلة من ورش العمل التي تناولت السياق الإنساني في غزة من زوايا متعددة، حيث قدّم الأستاذ عيسى محمد ورشة حول قضية المياه النظيفة، وتناول الدكتور عثمان الصمادي تحديات الرعاية الصحية. وعرض المهندس إبراهيم أبو ثريا محاضرة عن الطاقة المستدامة، بينما ركز الدكتور بلال خليل على دور الإعلام.
كما خُصصت ورشتان متتاليتان لموضوع التعليم في بيئات محرومة من الإنترنت قدّمهما كل من الأستاذة بيسان باسل والأستاذ عامر العربيد، وقدّم المهندس محمد غزال عرضًا عن التمويل، واختتم اليوم بورشة تناولت الأمن الغذائي أدارها المهندس حامد العايد.

هدفها تطوير نماذج الأعمال.. جلسات استشارية وتدريبية مُتخصصة

خصص اليومان الثاني والثالث من المخيم، الموافقان لـ 17- 18 أغسطس 2025، للجلسات التدريبية والأنشطة الاستشارية التي دعمت مسار تطوير المشاريع. فقد بدأ البرنامج بالتعريف بالفرق المشاركة، ثم قدم الخبير عصفور حسن تدريبًا حول تطوير نموذج العمل التجاري، تلاه عرض الفرق لأفكارها الأولية التي تضمنت تحديد المشكلة والحلول المبدئية والتأثير المتوقع، قبل أن تحصل على تقييم أولي لنماذجها. كما أتيحت خلال اليوم جلسات تواصل عززت التفاعل وتبادل الخبرات بين المشاركين.

وفي اليوم التالي تواصلت الورش التدريبية مع جلسة متخصصة قادها الدكتور محمد الأمين خوجة حول آلية تصميم أصغر منتج ذي قيمة (MVP)، ثم واصلت الفرق العمل على تطوير نماذج الأعمال والمنتجات النهائية بمرافقة الاستشاريين. وقد ساعدت الجلسات التفاعلية غير الرسمية على صقل الأفكار، واختتمت الأنشطة بتسليم النماذج النهائية للمشاريع تمهيدًا لعرضها الختامي.


مشاريع في قائمة الأكثر ابتكارا وواقعية 

اختُتمت فعاليات المخيم في التاسع عشر من أغسطس ببرنامج مخصص للعروض النهائية وتقييم المشاريع. افتتح فريق البرنامج اليوم بالتعريف بجدوله، ثم قدّمت الفرق المشاركة منتجاتها النهائية في جلسات استغرقت عشرين دقيقة لكل فريق، مقسمة إلى عشر دقائق للعرض وعشر دقائق للأسئلة والنقاش. وقد بلغ عدد الفرق التي قدمت مشاريعها ثمانية فرق.

وبعد انتهاء العروض عقدت لجنة التحكيم مداولاتها لتقييم الحلول المقترحة وفق معايير الابتكار وإمكانية التطبيق والتأثير العملي. وأُعلن في ختام الجلسات عن الفرق الفائزة، لتتبع ذلك كلمة ختامية لفريق البرنامج تضمنت شكر المشاركين واستعراض آلية متابعة المشاريع المتميزة ودعم سبل تنفيذها في غزة.

روح التعاون لدى المشاركين وخبرات الضيوف 

عبّر المشاركون في المخيم عن رضاهم عن التجربة، مشيرين إلى سهولة التواصل وتجاوب فريق العمل، إضافة إلى التنظيم المحكم الذي وفر بيئة عمل مريحة وفعّالة. كما أثنوا على تنوع المدربين وملاءمة الجلسات التدريبية التي أتاحت فرصًا حقيقية للتشبيك وتبادل الخبرات. ورأوا أن توزيع المشاركين ضمن مجموعات عمل شجع على التعاون والإبداع الجماعي وأسهم في تعزيز روح الفريق وتحويل الأفكار إلى مشاريع عملية.

أما المدربون فقد أكدوا أن أكثر ما ميز تجربتهم في المخيم هو الروح السائدة بين المشاركين وتعاونهم، إضافة إلى وضوح الهدف والرؤية التي قامت عليها برامجه. وأشاروا إلى أن طبيعة المشاركين وتنوع خبراتهم أسهمت في خلق بيئة عمل جماعية ومنظمة، كما أن المواضيع المطروحة كانت ملائمة لواقع غزة وتعكس احتياجاته الفعلية. وبيّنوا أن التكامل بين تحديد التحديات الواقعية والتدريب العملي أتاح للمشاركين فرصة توليد أفكار واقعية وقابلة للتطبيق، مما جعل التجربة أقرب إلى إنتاج حلول مرتبطة بالسياق الإنساني أكثر من كونها أفكارًا نظرية بعيدة عن الواقع.