مع أ. محمد العبيدي 

نستضيف أ. محمد العبيدي الحاصل على ماجستير في علوم التربية والمتخصص في المناهج والأساليب التعليمية، للحديث عن ضرورات تطوير المناهج وآليات إصلاح المنظومة التعليمية في الأمة الإسلامية.

في مسار البناء الحضاري، ومن خلال تتبعنا لمسار الحضارة الإسلامية نجد على سبيل المثال في عهد الدولة العباسية أنّ التعليم يقتصر على المجال الديني والأخلاقي في مرحلة الصبا، بينما نجد اليوم أن التعليم في المرحلة الابتدائية يعتمد على تلقين العلوم من الصغر، مهمشا إلى حد بعيد القيم الاسلامية والأخلاقية، وبقي هذا الجانب مقتصرا على بعض الزوايا والمساجد، في رأيكم ما ضرورة توفير مناهج قيمية وأخلاقية مع بدايات العملية التعليمية؟

بداية أشكركم على هذا اللقاء والبحث في هذه المسائل المهمة، ومحاولة إيجاد أجوبة علمية ومنطقية لهذه الإشكاليات المطروحة على الساحة.

نعم توجد عندنا اليوم إشكاليات كبيرة جدا في مناهجنا التعليمية والتربوية في عموم البلدان العربية وحتى الإسلامية فيما يخص الجانب الديني والأخلاقي والقيمي، وحقيقة هذا التقصير مرجعه إلى ما يسمى عندنا في علم المناهج "فلسفة بناء المنهاج" بمعنى الأسس والمنطلقات التي تصمم على ضوءها المناهج التربوية، وهذا بطبيعته خاضع بالدرجة الأساس إلى فلسفة النظام السياسي الحاكم في بلداننا، ومعروف أن الانظمة السياسية الموجودة اليوم لم تعتمد في قوانينها ولا في أنظمتها أو أهداف التربية والتعليم فيها على التصورات والرؤى الإسلامية، وهذه تعتبر مسألة جوهرية وأساسية في أصل المشكلة.

أي نظام سياسي يأتي اليوم يحمل أيدولوجيات خاصة به ومن أولى الخطوات التي يعملها هو تصميم المناهج التعليمية وفق ما يحمله النظام الحاكم أو ما تتبناه الدولة من أيدولوجيات، على سبيل المثال، حينما يكون النظام قوميا اشتراكيا نرى بأن المناهج تصمم وفق ما يحمله هذا النظام من تصورات قومية وفلسفة فكرية حول التأريخ والجغرافيا والدين وعلوم اللغات وعلوم الاجتماع والسياسة والقضاء وأنظمة التعليم وقوانينه وما يتبعها، فصياغة الأهداف التربوية يتم اشتقاقها بالدرجة الأساس من الفلسفة الحاكمة للنظام السياسي الذي أصبح اليوم من أهم مهامه هو إعداد وتصميم المناهج التربوية والأنظمة التعليمية للدولة.

فحينما نسأل عن سبب قصور مناهجنا التعليمية للتربية القيمية والأخلاقية في أنظمة التعليم؟ علينا أن نحدد المسؤول الأول عن هذا التقصير وسبب تقصيره!

حاليا، انتبه بهذا الجانب القائمون على أنظمة التعليم في البلدان المتطورة وبالأخص في مجال المناهج التربوية، واهتموا به كثيرا وفق ما يؤمنون به من قيم ومبادئ وأخلاق.

وبدؤوا بمرحلة ما قبل الدراسة وهي مرحلة "الروضة" وصمموا لها مناهج تزرع عند الطفل قيم وأخلاق وسلوكيات تؤثر بشكل كبير في تشكيل شخصيته وعقليته وبنائه وكيانه كإنسان. فيتعلم الطفل منذ الصغر وقبل الدخول إلى المدرسة أهم القيم التي يؤمن بها المجتمع، ففي اليابان وفنلندا مثلا يبدؤون مع الطفل في الروضة من كيف يأكل، وكيف ينام، وكيف يتكلم، وكيف يتعامل مع والديه وإخوانه وأسرته وزملائه والمجتمع، ثم كيف يلبس ثيابه، وكيف يربط حذائه وكيف ينظف جسده وكيف ينظف أسنانه وكيف يخلع ثيابه وكيف يرتب خزانته ومكتبته وسريره، وكيف يجب أن يتصرف في أوقات الأزمات ووقوع الأخطار والكوارث، وماذا تعني سلوكيات التحرش وكيف يجب أن يتعامل معها إذا تعرض لهذا الأمر في صغره وما إلى ذلك، فيدخل الطفل إلى المدرسة وهو قد تعلم وتربى وتدرب على كثير من الأخلاقيات والسلوكيات والقيم التي سيحتاجها طوال حياته.

شهد مجال التربية والتعليم تغيرات أيضا وتحديثات كبيرة جدا وعلى جميع الأصعدة تبدأ من فلسفة التعليم مرورا بآلياته وأساليبه واستراتيجياته وتنتهي بمخرجاته وغاياته وأهدافه العامة،

إن التعليم الذي كان يعتمد على الحفظ والتلقين والاسترجاع أصبح اليوم يسمى بالتعليم التقليدي، وقد غادره أكثر العالم وأصبح مستوى"التلقين والحفظ" من المستويات المتدنية للتعليم.

بينما في البلدان العربية، تهتم المناهج التعليمية لرياض الأطفال بحفظ الحروف الإنجليزية والأرقام والرقص، ونشهد كيف يضيع المعلم الوقت مع الطفل من أجل أن ينتهي الدوام فقط، ويتخلص من هذا العبء الذي يشعر به بكل أسف.

فينشئ الطفل عندنا ويصل إلى الصف الرابع والخامس وحتى السادس وهو لا يعرف كيف يغتسل بالحمام وينظف جسده إلا بدخول أمه معه، ولا يعرف ربط حذاءه إلا بمساعدة الآخرين له هذه كأبسط الأشياء، دعك عن الأخلاقيات والسلوكيات الأساسية التي يجب أن يتعلمها الطفل منذ الصغر وينشأ عليها!

فنقول بأن الاهتمام بالجانب القيمي والأخلاقي والسلوكي في تعليمنا وتربيتنا له الأثر الكبير على واقعنا ومستقبلنا، ويجب أن تصمم مناهجنا وفق ما تحمله مجتمعاتنا من قيم وما تؤمن به من دين ومبادئ إسلامية ومجتمعية عليا، وليس بالضرورة أن نقلد الغرب والشرق في قيمه ومبادئه التي صمم مناهجه التعليمية على أساسها ووفق احتياجات تلك البيئة إليها.

ففي ديننا وتراثنا الإسلامي ما يغنينا عن استيراد قيم ومبادئ لا تناسب مجتمعاتنا ولا حتى تركيبة وعقلية ونمط الإنسان الشرقي في أبسط حالاتها ناهيك عن معتقداتنا وعاداتنا وتقاليدنا.

 

صحيح الكثير من المناهج في الدول المتقدمة اعتمدت على تلقين المهارات الحياتية للتلاميذ من بداية مرحلة التعليم الأساسي، على أهمية ذلك، ومع واقع التعليم في عالمنا الإسلامي، هل ترون أ. محمد أن هذا التوجه أولوية من أولويات تطوير النظام التعليمي؟

دخل العالم المعاصر الذي نعيشه اليوم مرحلة جديدة ونظاما جديدا؛ ولهذه المرحلة بدايات؛ منهم من جعل بدايتها النهضة الأوربية والثورة الصناعية أواسط القرن السابع عشر ميلادي، والبعض جعلها مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وآخرون جعلوها من سقوط جدار برلين عام 1989 وآراء أخرى جعلتها مابين هذا وذاك! المهم أن العالم اليوم قد تغير كل شيء فيه، وأصبح قابلا للتطوير والتحديث والابتكار والتوسع.

شهد مجال التربية والتعليم تغيرات أيضا وتحديثات كبيرة جدا وعلى جميع الأصعدة تبدأ من فلسفة التعليم مرورا بآلياته وأساليبه واستراتيجياته، وتنتهي بمخرجاته وغاياته وأهدافه العامة.

فالتعليم الذي كان يعتمد على الحفظ والتلقين والاسترجاع أصبح اليوم يسمى بالتعليم التقليدي وقد غادره أكثر العالم وأصبح "التلقين والحفظ" يعد من المستويات المتدنية للتعليم كما في تصنيف بلوم (Bloom) بنموذجه المشهور للمعرفة المسمى بـ هرم بلوم:

 

مستويات المجال المعرفي- بلوم

فجعل بلوم الحفظ والتذكر والفهم كقاعدة وأساس للمعرفة، ولكن ليست هي كل المعرفة بل هي أبسط مراحلها، ويجب أن يرتقي المتعلم في تحصيل المعرفة من مجرد الفهم إلى التطبيق، وكذلك يجب أن يعتمد على نفسه في تحليل المركب ومعرفة الخصائص الأجزاء والمكونات للمعرفة التي يتعلمها، ليتمكن من التركيب والتقويم ليصل إلى أعلى مراتب المعرفة وهي الإبداع والابتكار والتجديد المستمر.

فالتعليم الذي يعتمد على التلقين المعرفي وعلى جعل الطالب عبارة عن آلة تسجيل يسمع ليحفظ ثم يسترجع ما حفظه من المعلم والكتاب المدرسي للإجابة عن أسئلة الامتحان الجامدة التي تعتمد على: عرف، أذكر عدد، اشرح، ضع علامة صح،..  

إن الأسئلة المقالية بنمط الاختبارات التحصيلية أصبحت غير مجدية وغير فاعلة، خصوصا وهذا التطور الحاصل والمتسارع الذي يشهده العالم في إنتاج المعرفة والتكنولوجيا الرقمية ووسائل الاتصال والنقل.

فالحلم الذي كان سابقا بجعل العالم قرية صغيرة قد تحقق اليوم مع تطور الشبكة العنكبوتية المسماة بالإنترنت والتي غيرت وجهة العالم وارتبطت خيوطه بحياة البشر ارتباطا وثيقا.

فما يسمى "المهارات الحياتية" أو "الإعداد لسوق العمل" أصبح اليوم هدفا عاما من أهداف التربية والتعليم بمنظورها الحديث ولا أعتقد بأنها تتعارض مع المفاهيم الإسلامية للتنشئة والتربية في فلسفتنا الإسلامية ففي التوجيهات النبوية بتمليك الأطفال المهارات الحياتية منذ الصغر جاءت في مواضع وممارسات نبوية عديدة نذكر منها:

حديث «علموا أبناءكم السباحة والرمي، والمرأة المغزل».

حديث «يا غلامُ سَمَّ اللَّه، وكلْ بيمينك، وكلْ مما يلَيك».

وقوله لابن عباس «يا غلام، إِني أُعَلِّمك كلمات احفظ الله يحفظك».

وحينما رأى شابا يمشي مع والده قال له: «فلا تمش أمامه، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه، ولا تستسب له».

وحديث «كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربع: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشيه بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة».

تدل أحاديث ومواقف تربوية نبوية كثيرة على تربية النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه للأطفال الآداب والسلوكيات الحياتية الضرورية وفي وقت مبكر.

فمن ناحية الأهمية، نعم هناك أهمية كبيرة جدا في تعليم المهارات الحياتية والسلوكيات والآداب للأطفال في مراحل مبكرة جدا من مراحل التعليم والتي تبدأ ما قبل دخول الأطفال إلى المدرسة.

إن إصلاح البيئات التعليمية متطلب أساسي من متطلبات النهوض بالواقع التعليمي، وإعادة توجيه المدرسة من بيئة منعزلة عن المجتمع إلى بيئة منفتحة تؤثر وتتأثر في المجتمع المحيط، من بيئة يحكمها النظام الصلب "افعل ولا تفعل" إلى بيئة مرنة يسودها المرح والتفاعل الإيجابي، من بيئة يسودها الخوف إلى بيئة آمنة، من بيئة لا تشجع على الإبداع والتطوير، إلى بيئة محفزة تشجع على إظهار المواهب وتهتم بالقدرات وتنميها.

إذن، توفير منظومات تعليمية تتماشى والعصر من أكبر التحديات، بناءً على تحليلكم لواقع التعليم في العالم العربي والإسلامي، خصوصًا في الدول الأقل تطورًا في هذا الجانب، ما هي المُتطلبات الأساسية التي ينبغي الالتفات لها للنهوض بالمنظومة التعليمية؟

بات النظر في مشاكل التربية والتعليم محط اهتمام كبير من قبل الباحثين والمختصين والناشطين في هذا المجال، وقد أُلِفت كتب وكتبت أبحاث وأنشأت مجلات ودونت مدونات كثيرة للبحث في أصل المشكلات والحلول المقترحة.

المنظومات التعليمية الرسمية مرتبطة بأنظمة الحكومات في جميع أنحاء العالم، وإذا أردنا أن نبحث في المتطلبات فعلينا أن نبدأ بالإرادة الحكومية بالدرجة الأساس، وذلك باتخاذ حزمة القرارات في إصلاح منظومات التعليم في عالمنا العربي والإسلامي فهذا يعتبر التحدي الأول في عملية الإصلاح المنشودة والمنتظرة.

أما المتطلبات الأساسية لإصلاح منظومات التعليم فربما يكون من الأمور المجمع عليها من قبل المختصين أنها تتمركز في عدة محاور:

1. المناهج التعليمية: ولا نعني بها الكتاب المدرسي فقط وما فيه من محتويات معرفية ومعلومات مجردة، فهذا يعتبر من المفاهيم التقليدية لمفهوم المنهاج، أما مفهومه الحديث، فهو كل ما تقدمه المدرسة من معارف ومهارات وخبرات داخل المدرسة وخارجها.

حينما تتم الإشارة إلى إصلاح المناهج التعليمية، فالمطلوب هو الانتقال من المفاهيم القديمة إلى المفاهيم الحديثة بكل ما تم تحديثه من أسس ونظريات واستراتيجيات التي يتم اعتمادها في تصميم المناهج التعليمية الحديثة.

2. البيئة التعليمية: أي المدرسة بمفهومها الخاص من بنى تحتية ومرافق تعليمية ووسائل وأدوات وأجهزة واحتياجات متنوعة، وكذلك البيئة والمجتمع المحيط بالمدرسة.

إعادة النظر وإصلاح البيئات التعليمية متطلب أساسي من متطلبات النهوض بالواقع التعليمي، وإعادة توجيه المدرسة من بيئة منعزلة عن المجتمع إلى بيئة منفتحة تؤثر وتتأثر في المجتمع المحيط، من بيئة يحكمها النظام الصلب بـافعل ولا تفعل إلى بيئة مرنة يسودها المرح والتفاعل الإيجابي، من بيئة يسودها الخوف إلى بيئة آمنة، من بيئة لا تشجع على الإبداع والتطوير، إلى بيئة محفزة تشجع على إظهار المواهب وتهتم بالقدرات وتنميها.

3. الكوادر التربوية: وهي من المتطلبات الأساسية للنهوض بالواقع التربوي والتعليمي، نوعية المعلم ونوعية الإدارة التربوية ونوعية الإشراف والمتابعة، لهذه الثلاثية الأثر الكبير في النهوض.

المعلم يعتبر هو القائد في الميدان التربوي والارتقاء به وبمستوى كفاياته ومهاراته ووسائله والطرق والأساليب التي يتبعها في عمليات التدريس والتعليم، والنظرة الحديثة لأدوار المعلم وانتقاله من دور الناقل للمعرفة إلى الميسر للوصول إليها، ومن دور الشارح إلى دور المشرف المرشد، ومن دور المقيّم الوحيد لعملية التعليم إلى المشارك في عملية التقييم، فتطوير المعلم والاهتمام بأدواره وكفايته ومهاراته متطلب أساسي من متطلبات النهوض.

إن هذه العناصر الثلاثة الرئيسة إذا تم الاهتمام بها مع عنصر رابع وأساسي وهو الأنظمة والقوانين والإجراءات المتبعة في عمليات التقويم ومراعاة الفروق الفردية وأصحاب القدرات، وكذلك أصحاب الاحتياجات الخاصة وتلبية احتياجاتهم وأنظمة وقوانين كثيرة قد تم تطويرها وتحديثها في منظومات التربية والتعليم في البلدان التي شهدت تطورا في هذا المجال يمكن الاستفادة منها.

قد نعتبر "التقييم والنتائج التعليمية" من أكثر الوسائل المتقادمة التي تعكس ضعف أنظمتنا التعليمية، في تقديركم كيف نُطور من عملية التقويم من مجرد تقويم لنتائج الحفظ إلى تقويم مستمر يعود على إنتاجيّة ومهارات المتعلم وعلى أداء المؤسسة والمعلّم؟

التقويم التربوي يعتبر ركنا أساسيا من أركان العملية التعليمية وكذلك في العملية التربوية، والاهتمام به وتطوير وسائله واستراتيجياته يعتبر من مستلزمات النهوض بالواقع التعليمي والتربوي في المنظومات والمؤسسات التربوية.

في الواقع لقد حدث تطورا كبيرا في مفاهيم التقويم بعد أن تم التفريق ما بين (التقويم التعليمي) و(التقويم التربوي)، وإن كان هناك مشتركات كثيرة جدا في المفاهيم والوسائل والأدوات إلا أنه يختلف في المجالات والميادين والأغراض التي يستخدم فيها التقويمان.

فتم الانتقال من مفاهيم التقويم التقليدي إلى التقويم الحديث أو ما يسمى بالتقويم الواقعي بهذه

التقويم التقليدي

التقويم الحديث

ينحصر في الاختبارات التحصيلية نهاية الفصل الدراسي.

عبارة عن مهام متنوعة مطلوب من الطالب إنجازها.

يعتمد على التذكر والاسترجاع للمعلومات التي حفظها أثناء الفصل الدراسي.

مطلوب أن يطبق المعارف والمهارات والخبرات في مواقف مختلفة.

يعتمد على مهارات التفكير الدنيا

يعتمد على مهارات التفكير العليا كالتحليل والتطبيق والتركيب والتقويم والإبداع.

يعتمد على التقويم الفردي للطالب.

ممكن يعتمد على التقويم الجماعي كإنجاز المهام وإعداد المشروعات.

يقيم صحة إجابة الطالب النهائية للسؤال.

يقيم جميع المراحل والعمليات التي استخدمها الطالب للوصول إلى النتيجة المطلوبة .

يعتمد بشكل كبير على أساليب الورقة والقلم في التقييم.

يعتمد في بشكل كبير على أداء الطالب وملفات إنجازه ومراحل سير تعلمه.

يقتصر على التقييم المعرفي للطالب.

يشمل جميع جوانب التعلم المعرفية والمهارية والوجدانية والحركية.

 

على الأداء الجماعي أكثر من الفردي، وعلى التقويم الشامل المتنوع أكثر من التقويم المحدد.

فالتقويم شهد أيضا تطورا سريعا وانتقالات نوعية، فهو يعتبر اليوم من أهم أركان العملية التعليمة والتربوية ومن خلاله يتم التصحيح والتعديل ومعرفة مكامن الخلل لأنه يشمل المدخلات والعمليات والنتائج في العملية التعليمية والتربوية.

تجديد المناهج وتطويرها بات من المسلمات العلمية والتخصصية في علم بناء وتصميم المناهج، لأن العالم اليوم يمتاز بالحركة وسرعة الاكتشاف والتطور؛ ويشهد ما يسمى بالانفجار المعرفي والتكنولوجي؛ فالمعرفة في تطور مستمر والوسائل والأدوات في تحديث متسارع.

نركز الآن في حديثنا على المعلّم والتدريس، لعل من أبرز عوامل نجاح أي منهاج تعليمي مدى كفاءة المعلم وكذا ملاءمة استراتيجيات التدريس للمتعلمين والمنهاج كما تفضلتم، في رأيكم كيف يُمكن الارتقاء بأداء المعلم في مؤسساتنا؟ وهل من نصائح تُوجهونها لصناع القرار بخصوص السياسات والميزانيات التي لها علاقة مُباشرة بتحسين أداء المعلم؟

سؤال مهم جدا وبحاجة إلى لفت الأنظار إليه، لأنه عندما نتحدث عن تطوير التعليم والمنظومات التربوية سواء كان على مستوى الدول أو على مستوى المؤسسات أو المنظمات، فيكون الاهتمام بقضايا المناهج التعليمية أو البنى التحتية أو بالوسائل والأدوات والإمكانات ويتم التغافل عن أهمية تطوير المعلم ورفع من مستوى أدائه وكفاياته.

المعلم يعتبر هو القائد والموجه للعملية التعليمية والتربوية وهو ركيزة أساسية في نجاح أي عملية تعليمية.

الدول المتقدمة اهتمت كثيرا بتطوير وإعداد المعلم لأنه مفصل أساس في المنظومة التعليمية، تبدأ معه من مرحلة الإعداد والتكوين في كليات التربية مرورا بالتأهيل والتطوير ما قبل الدخول في منظومة الخدمة، انتهاء بالقيمة المضافة إلى مهنة التعليم سواء كانت قيم مادية أو معنوية.

الذي نراه من وجهة نظرنا أن هناك أمور يجب الانتباه اليها ومراعاتها من قبل أصحاب القرار لمعالجة هذه القضية بالذات، وخاصة بعد ما شهدنا من احتجاجات واعتصامات من قبل المعلمين في عالمنا العربي والإسلامي كما حدث في الأردن قبل أيام من اعتصامات دامت لمدة شهر تقريبا للمطالبة بحقوق يعتقد المعلم الأردني بأنه مظلوم فيها، من أهم ما يجب الانتباه إليه:

1. تمهين التعليم واعتبار هذه المهنة من المهن الأساسية في نهوض المجتمعات، وموازاتها على الأقل بالطب والهندسة والقضاء من ناحية الامتيازات والحقوق.

2. الاهتمام بمرحلة الإعداد الجامعي للمعلم من مناهج وبرامج وحتى معدلات القبول لهذه الكليات.

3. إلزام المعلم بمرحلة تدريب ما قبل الدخول للمهنة ويشترط حصوله على شهادة صلاحية ممارسة لمهنة التعليم.

4. التطوير في أثناء ممارسة المهنة ويلزم المعلم بدورات تأهيل وتطوير دورية ومستمرة على أن تكون كل ثلاث سنوات كأقصى حد.

5. توفير الوسائل والأدوات التي يحتاجها المعلم في عملية التدريس وعدم ايكال ذلك إليه شخصيا.

6. الاهتمام بالصحة النفسية للمعلم وإبعاده عن أية اضطرابات نفسية، وذلك بالفحص الدوري النفسي للمعلمين من قبل جهات مختصة.

7. تقديم الدعم المؤسسي والحكومي والمجتمعي للمعلم من أجل النجاح في مهمته ورسالته السامية.

8. تطوير الإدارات المدرسية والإشراف التربوي لمساندة ودعم المعلم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية، وأن لا تقتصر الإدارة المدرسية على إصدار الأوامر للمعلمين، وأن لا يقتصر الإشراف التربوي على المراقبة والتقييم.

بهذه النقاط الأساسية إذا تمت معالجتها فإننا نستطيع القول بأن أداء المعلمين سيكون أفضل، وأن مخرجات العملية التعليمية ستشهد تحسنا ملحوظا في فترات قياسية بإذن الله تعالى.

بحديثكم عن توفير الوسائل للمعلم، هل يجب على الحكومات العمل على بناء مناهج جديدة من الأساس وتغييرها جذريا أم ينبغي التدرج في الحلول وفي تغيير المنهاج الحالي حتى نصل إلى التغيير المأمول؟

موضوع المناهج وتجديدها وتطويرها بات من المسلمات العلمية والتخصصية في علم بناء وتصميم المناهج.

العالم اليوم يمتاز بالحركة وسرعة الاكتشاف والتطور؛ ويشهد ما يسمى بالانفجار المعرفي والتكنولوجي؛ فالمعرفة في تطور مستمر والوسائل والأدوات في تحديث متسارع.

فمن سمات وخصائص المنهاج الحديث أن يكون مرنا قابلا للتطوير والتحديث، ويعرف أهل الاختصاص أن المنهاج الذي يبقى على حاله لخمس سنوات من غير تحديث أو تطوير يعتبر منهاجا متأخرا أو غير مُحدث.

أما مسألة التدرج أو التغيير جذريا طبعا بحسب ما نحن بصدده ففي مناهجنا التعليمية ما يحتاج إلى حذف أو استبدال سريع كالمعادلات أو النظريات أو الحقائق العلمية التي تم اثبات ما يعاكسها علميا أو تم اثبات عدم صلاحيتها بنظرية أو حقيقة علمية حديثو.

في هذه الحالة نقول بضرورة الانتقال والاستبدال إلى ما تم اثباته مؤخرا وخاصة في علوم الرياضيات والإحياء والكيمياء والفيزياء وما يلحق بها أو يماثلها من العلوم.

أما في العلوم التي تشهد تطورا بطيئا نوعا ما أو التطور الذي يحصل فيها لا يكون في أصولها المعرفية أو ثوابتها الأساسية، في هذه الحالة نقول يصلح فيها التدرج حتى الوصول إلى الحالة الأحدث والأكثر تطورا ويكون ذلك غالبا في العلوم الإنسانية كعلوم اللغة والتاريخ والجغرافية والفلسفة وما يماثلها أو ما يلحق بها.

مناهجنا التعليمية فيها الكثير من الإشكاليات وكثير منها قد تم تصميمه وفق نظريات ونماذج باتت تصنف على أنها قديمة أو أنها لا تصلح مع زماننا الحاضر.

طبعا هنا لا نعمم فبعض الدول العربية قد شهدت تطورا ملحوظا في تطوير منهاجها التعليمية ولكن المشكلة انها طورت ركن من أركان العملية التعليمية واهملت ربما أركان أخرى فالنتائج تبقى متعثرة بسبب عدم تكامل التطوير أو ما يسمى بأنصاف الحلول لمشكلات المنظومة التعليمية.

ما هي رسالتكم التي تُوجهونها للمعلمين باعتبارهم الحجر الأساس، ما واجباتهم تجاه هذا الواقع التعليمي؟ وكيف يُمكنهم التعامل معه بتحدياته ونقائصه؟

ينبغي على المعلم صاحب الرسالة والمؤتمن على مستقبل الامة والمحافظ على شرف المهنة أن يراعي عدة جوانب وهو يؤدي أعظم مهمة وأشرف مهنة عرفتها الإنسانية قديما وحديثا وهي:

− أنك أيها المعلم لم تعد المصدر الوحيد للمعرفة بل ربما يصل الطالب إليها قبلك، فتفهم ذلك!

− دورك اليوم هو دور الموجه والمشرف على التعليم، ولم يعد مقتصرا على نقل المعرفة وشرحها كما كنت سابقا.

− دورك اليوم هو بناء شخصية الطالب وإعداده بشكل متكامل ليواجه المستقبل بكل كفاءة وقدرة ومهارة وليس تحطيم شخصيته بكثرة العقوبات والنقد الذاتي.

− دورك اليوم هو تدريب الطالب على حل المشكلات ونقد المواقف وليس تقليدك أو تكرار ما تفعله حرفيا.

− دورك أيها المعلم يمتاز بتحويل الطالب إلى باحث عن المعرفة ومعالج لها وليس حافظا وخازنا لها.

− أن تدعم الطلبة وتشجعهم على التعلم الذاتي وتمكنهم من أدواته وليس ممارسة عملية (تطعيم المعرفة) التي كان يحتكرها المعلم سابقا.

− استخدم أساليب التدريس الحديثة والتي تشجع الطلبة على التفتح الذهني، وإعمال العقل بشكل أوسع، وتزيد من دافعيتهم نحو التعلم.

وأوصيك أيها المعلم: "بالأمانة والإخلاص والتفاني فمفاتيح مستقبل الأمة بين يديك".